لوي أراغون... مسيرة شعرية اختلفت فيها الآراء

مجلد فرنسي ضخم لفك لغزه

لوي أراغون
لوي أراغون
TT

لوي أراغون... مسيرة شعرية اختلفت فيها الآراء

لوي أراغون
لوي أراغون

لوي أراغون علامة من علامات الشعر الفرنسي في القرن العشرين. وهو موضوع كتاب جديد صدر عن دار النشر الفرنسية «جاليمار» من تأليف فيليب فوريه يحمل اسم «أراغون» ويقع في قرابة تسعمائة صفحة.
Philippe Forest، Aragon، Gallimard، pp891
لا غرابة أن يشغل أراجغن كل هذا العدد من الصفحات فقد كان مثارا للجدل في حياته وبعد مماته. وبحق يقول فوريه، مؤلف الكتاب، إن أراغون يظل في نظر الكثيرين «لغزا باقيا ومحرجا». والكتاب محاولة لحل هذا اللغز، ولكن الآراء خليقة أن تختلف حول ما إذا كان فوريه قد نجح تماما في هذه المحاولة. لقد أفاد من مخطوطات ومقالات نشرت حديثا. ويتكون كتابه من خمسة عشر قسما يؤطرها استهلال وتعقيب. وكل قسم يتضمن ثلاثة وستين فصلا قصيرا يتركز كل منها على حدث أو قضية أو شخصية ذات دلالة في تطور أراغون. وللكتاب هوامش ضافية، ولكنه يفتقر إلى ببليوجرافيا ولا يرجع إلى أي مراجع غير فرنسية، وهو نقص ملحوظ في الكتاب، كما يلاحظ جون فلاور في مقالة له بملحق التايمز الأدبي (14 أكتوبر/ تشرين الأول 2016).
واللغز في حياة أراغون يبدأ منذ مولده. فمن المعروف أنه كان ابنا غير شرعي وصدرت له شهادة عماد مزورة تقول إنه ولد في 1 سبتمبر (أيلول) 1897 (التاريخ الحقيقي هو 3 أكتوبر). ولم يترك لنا سوى النزر القليل من المعلومات عن طفولته ومراهقته.
وأثناء الحرب العالمية الأولى درس الطب وعمل مساعد ممرض في الشهور الأخيرة من الحرب. كذلك كان يختلف إلى المنتديات الأدبية في باريس، وهناك التقى بالأدباء والفنانين جان كوكتو وجيوم أبولينير وفيليب سويو وأندريه بريتون.
ثم انجذب إلى الحركة الدادية حين جاء مؤسسها تريستان تزارا من زيوريخ إلى باريس، وأعقب ذلك ارتباطه بأندريه بريتون وانضمامه إلى الحركة السيريالية. هجر دراساته الطبية ودخل في علاقة غرامية مع نانسي كنارد وهي راعية غنية للفنون. وحين أنهت هي هذه العلاقة في صيف 1928 قام بمحاولة فاشلة للانتحار.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 1926 انضم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي رغم أن الحزب كان ينظر إليه بعين الشك نظرا لخلفيته البرجوازية. كان متحمسا للطاغية ستالين وظل مؤيدا لسياساته حتى بعد أن ألقى نيكيتا خروشوف خطابه المشهور في 1956 ليدين عهد ستالين ويعدد جرائمه.
وفي أواخر عام 1928 التقى بإلزا تريوليه وتزوجها في 1939 وحتى موتها في عام 1970 ظلت منبع إلهام شعره كما في ديوانيه «عيون إلزا» (1942) و«إلزا» (1959) (توجد ترجمة عربية لهذه القصائد بقلم أستاذة الأدب الفرنسي الراحلة سامية أسعد وشاعر العامية المصرية فؤاد حداد).
وأثناء الحرب العالمية الثانية انخرط أراغون في حركة المقاومة الفرنسية ضد النازي وصار يعد شاعرا قوميا. كانت هذه الفترة كما يقول جيفري بريرتون هي أعظم لحظات أراغون شاعرا فقد غدا صوت فرنسا التي هزمت واحتلت ولكنها ظلت حية تتحدى. وقصائد ديوانه المسمى «انكسار القلب» تعبر عن وطنية خالصة تعلو على أي التزام حزبي. وقد واصل هذا الاتجاه القومي في ديوانه المسمى «متحف جريفان» (1943) وغدا تعبيرا عن الصوت الجماعي للشعب الفرنسي.
وفيما يخص مواقفه الفنية والنقدية فقد وقف ضد الاتجاه التجريدي في فن التصوير وأثنى على لوحات أندريه فوجيرون التي تصور حياة العمال والفلاحين وألوان معاناتهم. لم يتعاطف مع مسرح العبث ولا مع الفلسفة الوجودية، وإن كان قد تحمس لـ«الرواية الجديدة» التي كان يكتبها آلان روب جرييه وناتالي ساروت وآخرون. وعاد صيته إلى الانبعاث حين لحنت بعض قصائده وتغنى بها ليوفيريه ومطربون ومطربات آخرون.
كان موت زوجته ورفيقة حياته إلزا في 1970 ضربة موجعة له. أصيب في حادث سيارة وفيما بعد أصيب بالسرطان وتوفي في 24 ديسمبر (كانون الأول) 1982. ورغم أن الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران عارض فكرة أن تقام له جنازة رسمية من جانب الدولة فإن الآلاف خرجوا للمشاركة في تشييع جنازته.
لن يغفر الكثيرون لأراغون تأييده لطغيان ستالين ولا خيانته لمبادئ الحركة السيريالية. ولكنه على الجانب المقابل– وهو ما يؤكده هذا الكتاب الضخم- كان شاعر المقاومة الفرنسية بامتياز، وكان أيضا شاعرا كبيرا من شعراء الحب مثل بول إيلوار. إن قصائده لإلزا تفيض بالغنائية والخيال والعاطفة مما يؤكد أن الحب كان جوهر رؤية هذا الشاعر، الحب على كل مستوياته: للإنسان في كل مكان ولوطنه الجريح ولشريكة حياته ورفيقته على درب المقاومة والشعر.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».