جعجع رداً على نصر الله: فتح حدود لبنان ليس ملك أحد

جعجع رداً على نصر الله: فتح حدود لبنان ليس ملك أحد
TT

جعجع رداً على نصر الله: فتح حدود لبنان ليس ملك أحد

جعجع رداً على نصر الله: فتح حدود لبنان ليس ملك أحد

شكّلت تصريحات الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، التي لوّح فيها باستقدام مئات آلاف المقاتلين الإيرانيين والأفغان والباكستانيين واليمنيين للقتال معه، في حال اندلاع حرب جديدة بينه وبين إسرائيل، تحدياً واضحاً للدولة اللبنانية، وتهديداً صريحاً بإمكانية تحويل لبنان كما سوريا إلى ساحة لحروب إيران في المنطقة، وهو ما أثار رفضاً سياسياً لمحاولة نصر الله مصادرة القرار الاستراتيجي الذي يعتبر ملكاً للشعب اللبناني بأكمله ممثلاً بحكومته التي يشارك فيها «حزب الله».
وأكد رئيس حزب القوات سمير جعجع أن «فتح الحدود اللبنانية ليس ملك أحد، ولا يحق لأحد أن يتصرف بها حتى الحكومة اللبنانية لا تستطيع فتحها». وأشار جعجع في حديث إذاعي إلى أنه «إذا أردنا أن ندافع عن بلادنا في حال حاولت إسرائيل التعدي علينا، هل نقوم بفتح الحدود ونستقدم آلاف المقاتلين الغرباء، ومن سيقوم بإخراجهم لاحقاً؟ علماً أنه في المطلق ليس من حق السيد حسن طرح هذا الموضوع». وشدد على أنه في حال حصول أي اعتداء إسرائيلي على لبنان «المنطق يقول بوضوح إنّ الجيش اللبناني هو الذي يتصدى وكلّ القوى المسلّحة اللبنانيّة أيضاً، ومِن ورائها الشّعب اللبنانيّ، فنبقى ندافع عن أرضنا حتى آخر شخص منّا. إذ ليس المنطق أن نفتح حدودنا أمام أناس آخرين ليحتلوا بلادَنا أيضاً».
وكان نصر الله أعلن في خطاب ألقاه أول من أمس، لمناسبة «يوم القدس العالمي»، أن «أي حرب مستقبلية تشنها إسرائيل ضد سوريا أو لبنان، يمكن أن تجذب آلاف المقاتلين من دول مثل إيران والعراق واليمن»، وأنه «ستفتح الأجواء لعشرات آلاف بل مئات آلاف المجاهدين والمقاتلين من كل أنحاء العالم العربي والإسلامي ليكونوا شركاء في هذه المعركة من العراق ومن اليمن ومن كل مكان آخر ومن إيران وأفغانستان ومن باكستان».
وحملت تهديدات نصر الله، رسائل تعبّر عن موقف طهران أكثر مما هو موقف الحزب نفسه، إذ اعتبر الدكتور سامي نادر، رئيس «معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية»، أن «هناك اصطفافاً نهائياً على السياسة الإيرانية، القائمة على حشد ميليشيات في سوريا من كلّ حدب وصوب، والتزاماً كاملاً لهذه الميليشيات بسياسة طهران التي تسعى للوصول إلى الساحة الجنوبية في سوريا، وفرض قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل». ورأى أن هناك «محاولات تمدد إيراني، للردّ على ما يحكى عن اتفاق أميركي - روسي في سوريا»، لافتاً إلى أنه «منذ بداية الأزمة السورية تحاول إيران التسلل إلى جبهة الجولان وفرض قواعد اشتباك مع إسرائيل».
وشدد سامي نادر على أن «ضرب القرار 1701 (الذي أقره مجلس الأمن الدولي لحفظ الاستقرار في جنوب لبنان) دونه معوقات، وكلفته عالية جداً على لبنان، لذلك يحاول حزب الله فرض لعبة جديدة مع إسرائيل عبر الحدود السورية».
وعن قدرة إيران على تحمّل مواجهة مع إسرائيل رغم إخفاقاتها في سوريا، أوضح رئيس «معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية»، أن «إيران مستعدة أن تمضي بالحرب حتى آخر مواطن عربي، خصوصاً أنها استطاعت أن تصل عبر الحشد الشعبي العراقي، إلى الحدود العراقية - السورية»، لافتاً إلى أن «الاشتباك مع إسرائيل عبر جبهة الجولان، يعطي طهران ورقة ضغط قوية في العالم العربي، وورقة نفوذ أساسية في اللعبة الإقليمية».
من جهته، استبعد الباحث السياسي ومدير «مركز أمم للأبحاث والتوثيق» لقمان سليم، نشوب حرب بين إيران و«حزب الله» من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية، ولفت إلى أن «الطرفين يستعرضان عضلاتهما الردعية، لكن تصرفاتهما تفيد بأن الحرب ليست من مصلحتهما معاً، وأن ما يجري لا يتخطّى حدود تبادل الرسائل، لأن هناك لغة إيرانية - إسرائيلية مشتركة، تقوم على الرغبة في تقاسم النفوذ على حساب دول المنطقة».
وتوقف الباحث السياسي لقمان سليم عند تهديد نصر الله باستقدام مئات آلاف المقاتلين من الميليشيات، فقال: «هذا الأمر خطير، ويشير إلى أن لبنان بذهنية نصر الله، ليس إلا ساحة لخوض الحروب باسم إيران». وأضاف: «أخطر ما في الأمر أن نصر الله لا يعتبر أن له شركاء في لبنان، ومشكلتنا مع تنظيم يتقمّص الهوية اللبنانية، لكنه غير لبناني الهوى والانتماء». معتبراً أن «ما قاله أمين عام حزب الله يشكل صفعة على وجوه الذين اجتمعوا في قصر بعبدا (رؤساء الكتل النيابية)، ويعتبرون أنفسهم أولياء هذا البلد، والمستغرب أن أياً منهم لم يعتبر نفسه معنياً بما يقال».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».