ماكرون... والتفويض التاريخي

إثر انتصاريه في انتخابات فرنسا الرئاسية والبرلمانية

ماكرون... والتفويض التاريخي
TT

ماكرون... والتفويض التاريخي

ماكرون... والتفويض التاريخي

في 27 من الشهر الحالي يجتمع مجلس النواب الفرنسي الجديد للمرة الأولى منذ انتهاء الانتخابات التشريعية (18 يونيو/ حزيران) التي حملت إلى الندوة البرلمانية جيلاً جديداً من النواب والنائبات على صورة رئيس الجمهورية الشاب إيمانويل ماكرون (39 سنة) ومثاله. 75 في المائة من نواب الندوة البرلمانية الجديدة يتخطون عتبة قاعة «الجمعية الوطنية» للمرة الأولى. إنهم يمثلون فرنسا وليس طبقة سياسية منغلقة على نفسها. وجوه جديدة غالبيتهم من المجتمع المدني الذين لم يسبق أن عملوا في حقل السياسة سابقاً ولم يسبق لهم أن شاركوا في انتخابات محلية، ولا مستوى الإقليم أو المناطق.
هكذا أرادهم ماكرون الذي دأب على القول منذ أن أعلن تأسيس حركته السياسية «إلى الأمام»، التي تحولت لاحقاً إلى حزب سياسي «الجمهورية إلى الأمام»، أنه يريد ضخ دماء جديدة إلى المشهد السياسي الفرنسي، ويريد كذلك تخطي الانقسامات التقليدية بين اليمين واليسار.
في شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي. وحينذاك لم يكن أحد مستعداً للمراهنة يورو واحد على حظوظ إيمانويل ماكرون، وزير الاقتصاد الشاب، في أن يكون يوماً الرئيس الثامن للجمهورية الخامسة التي أسسها الجنرال شارل ديغول عام 1958 وفصل مؤسساتها على مقاسه.
وفي شهر أغسطس (آب) استقال ماكرون من الحكومة ليعلن بعدها سريعاً عن ترشحه لخوض المنافسة الرئاسية.
كان مرشحاً من نوع جديد: ذلك أنه لا يستند إلى حزب تاريخي ولا ماكينة انتخابية وراءه توفّر له التنظيم والتأطير والتمويل. ورغم ذلك، في 11 مايو (أيار)، فاز ماكرون بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية متغلباً على مارين لوبان، زعيمة حزب «الجبهة الوطنية» ومرشحة اليمين المتطرف، التي تأهلت كما والدها جان ماري لوبان في العام 1992 للجولة الثانية. غير أن «السقف الزجاجي» ما زال يحول دون أن يخطف اليمين المتطرف الرئاسة رغم التقدم الكبير الذي حققته آيديولوجيته في المجتمع الفرنسي.
في الجولة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية حصلت مارين لوبان على 34 في المائة من الأصوات وعلى عشرة ملايين صوت. وفي الطريق إلى قصر الإليزيه الرئاسي، تخلّص ماكرون من رئيس الحكومة السابق فرنسوا فيّون مرشح اليمني المعتدل وحزب «الجمهوريون»، ومن بونوا هامون مرشح الحزب الاشتراكي، ناهيك عن مرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون.
الأول خرج من المنافسة منذ الدورة الأولى وهو أمر لم يعرفه اليمين الفرنسي في تاريخه الحديث. والثاني فشل في الوصول إلى عتبة الـ10 في المائة من الأصوات مع أن الاشتراكيين كانوا يحكمون فرنسا منذ خمس سنوات وكانوا يمسكون بكل مفاصل السلطة فيها باستثناء مجلس الشيوخ. أما الثالث، ورغم حملته الانتخابية الناجحة وبراعته الخطابية وقدرته على مخاطبة جيل الشباب، فإن حلمه في التأهل للجولة الثانية تبخّر يوم الامتحان.

مطلوب غالبية برلمانية
لم يكن الفوز بالرئاسة كافياً للرئيس الجديد، بل كان بحاجة إلى أكثرية نيابية يعتمد عليها لوضع برنامجه الانتخابي موضع التنفيذ. والحال أن المراهنين الذين كانوا يعتبرون أن إيمانويل ماكرون غير قادر على ضمان هذه الغالبية كثر. وكانت حجتهم الأبرز أن الانتخابات النيابية غير الرئاسية. فالأولى هي قصة علاقة بين المرشح والشعب بينما الثانية تعتمد على علاقة النائب أو المرشح بدائرته وبالخدمات التي يقدمها. كذلك ذهب البعض إلى اعتبار أن حركة «إلى الأمام» التي أصبحت حزبا قبل أيام قليلة من جولة الانتخابات النيابية الأولى ستعجز عن توفير عدد كافٍ من المرشحين في الدوائر النيابية الـ577، وأنها ستكون مضطرة لترشيح «مجهولين» سيتنافسون مع نواب لهم تجذّرهم العميق في مناطقهم.
أما الرأي الآخر فكان يدافع عن تحلي الفرنسيين بـ«المنطق». إذ إن مَن انتخب ماكرون وأوصله إلى أعلى منصب في الدولة من «المنطقي» أن يوفر له الأدوات التشريعية التي يحتاجها ليحكم فرنسا.
وشيئاً فشيئاً، تغير المزاج الانتخابي، خصوصاً، بعد الجولة الأولى التي وضعت «الجمهورية إلى الأمام» في المقدمة. وبعدما كان اليمين المعتدل بصوت رئيس حملته الانتخابية عضو مجلس الشيوخ فرنسوا باروان يدّعي أن «الجمهوريون» قادرون على الفوز بالأكثرية، وفي هذه الحالة فإنه يطالب بأن يكون هو شخصياً رئيس الحكومة القادمة، حصلت انعطافة حادة في الخطاب السياسي، بعدما أخذت استطلاعات الرأي تبيّن أن حزب ماكرون - متحالفاً مع حزب «الحركة الديمقراطية» (يمين الوسط) - يمكن أن يحصل على ما يزيد على 430 مقعداً في البرلمان الجديد، أو حتى على أربعة أخماس المقاعد. وعندها، أخذ المعارضون يحذرون من فوز «الحزب الواحد» ومخاطر ذلك على الحياة السياسية والديمقراطية وتهميش البرلمان وسحق الأحزاب الأخرى وتحويل فرنسا إلى جمهورية على مثال الجمهوريات الاشتراكية السابقة.

صدمة الانتصار
صدمة جديدة حلت على كل الساعين لوقف زحف ماكرون على الجمعية الوطنية. وجاءت نتائج الجولة الثانية لتؤكد مخاوفهم، ليس لأن ماكرون حصل على ما كانت تتوقعه معاهد استطلاع الرأي، بل لأن حزبه حصل بمفرده على أكثرية مريحة في البرلمان إذ إنه حصد 308 مقاعد بينما الأكثرية المطلقة هي 289 مقعداً. ومن ثم، إذا ما أضيفت إليه أصوات حليفه حزب «الحركة الديمقراطية» ومقاعده الـ42، فإن ذلك يؤمّن لماكرون قاعدة عريضة من 350 نائباً ستكون قادرة على تمرير كل مشاريع القوانين التي يرتئيها القصر والحكومة.
وفي المقابل، فإن حزب «الجمهوريون» وحلفاءهم حصلوا على 130 مقعدا (مقابل 201 مقعد في البرلمان السابق) وفاز الاشتراكيون وحلفاؤهم بـ40 دائرة فقط بينما كانت لهم الأكثرية في البرلمان السابق. أما مارين لوبان مع أصواتها العشرة ملايين، فقد نجحت هي شخصياً في الوصول إلى الندوة البرلمانية وفي إيصال سبعة آخرين وهي نتيجة تعد بالغة السوء رغم أن عدد نواب «الجبهة الوطنية» ارتفع من اثنين إلى ثمانية. والمآخذ على لوبان أنها أدارت بشكل سيئ حملتها الرئاسية، وأنها نيابياً لم تصل إلى العدد 15 الذي يتيح بها ولحزبها تشكيل مجموعة نيابية مستقلة في البرلمان. وبعكس ذلك، فإن حركة «فرنسا المتمردة» بزعامة ميلونشون اجتازت هذا الاختبار... لكنها أخفقت في إقناع النواب الشيوعيين وبقية اليسار، لأسباب تتعلق بتضخم «الأنا»، في الانضمام إليها لتكوين قوة مؤثرة تحت قبة البرلمان.

إنجاز تاريخي
هكذا، ما بين أبريل 2016 وحتى يونيو 2017، حقق إيمانويل ماكرون ما لم يحققه أي سياسي سابق، ربما منذ الإمبراطور نابليون الأول في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن الذي يليه... أي رئيس منتخب بنسبة عالية وأكثرية برلمانية مطواعة.
غير أن النقطة السوداء في هذا المشهد السعيد، كانت - بلا شك - ارتفاع نسبة مقاطعة الانتخابات التشريعية، حيث وصلت النسبة إلى نحو 58 في المائة وهي الأعلى منذ العام 1945. وثمة أسباب لذلك اتفق عليها المحللون: أولها «التخمة» الانتخابية التي عانى منها الفرنسيون في الأشهر الثمانية الأخير، إذ أجريت جولتان لانتخابات اليمين التمهيدية للرئاسيات (نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) وكذلك جولتان للحزب لليسار الاشتراكي (يناير/ كانون الثاني 2017). ثم جاءت الانتخابات الرئاسية من جولتين (نهاية أبريل وبداية مايو) أعقبتها يومي 11 و18 يونيو الانتخابات التشريعية.
والشعور الذي طغى على الناخبين الفرنسيين هو «الملل» من تكرار الذهاب إلى مراكز الاقتراع. ولعل ما رفع من نسبة الامتناع عن المشاركة في الانتخابات - وهي طوعية في فرنسا بعكس ما هو حاصل مثلاً في اليونان أو في بلجيكا - أن الناخبين اعتبروا، بعد الجولة الأولى، أن الأمور «محسومة سلفاً» بعد الذي رأوه من استطلاعات الرأي.
لكن ثمة سبباً آخر لعله الأعمق، ومفاده أن «المعروض» السياسي لم يعد يتلاءم مع رغباتهم وتطلعاتهم السياسية. ولكن ضعف المشاركة لا يعني أبداً التشكيك بشرعية النتائج وقانونيتها رغم سعي بعض اليمين واليسار الاشتراكي والمتشدد - أي الذين سيكونون في المعارضة - إلى تفسير المقاطعة على أنها «تحذير» للرئيس الجديد وتهدف لإفهامه أنه «لا يملك شيكاً على بياض» أو تفويضاً مطلقاً ليسير بما يريده من السياسات.

حصة «الجنس اللطيف»
في اليوم التالي للجولة الانتخابية الثانية، بدأ النواب الجدد في التوافد على مقر البرلمان الواقع على ضفة نهر السين اليسرى مقابل ساحة الكونكورد ومسلّتها المصرية. وبدا على الكثيرين اندهاشهم لا بل تعجبهم من وجودهم في هذا المكان، إذ لم يتحققوا بعد من معنى كونهم نواب الأمة ومشرعيها. وحقاً، تدل الإحصائيات على أن 75 في المائة من النواب الحاليين هم من الجدد، وأن عدد النائبات ارتفع من 155 نائبة وفق انتخابات عام 2012 إلى 223 نائبة في الدورة الحالية.
ولعل ما يفسّر هذا الارتفاع الكبير أن 47 في المائة من مرشحي الحزب الرئاسي من النساء، ما يعطي المجلس الجديد بعضاً من ملامح الجنس اللطيف. ويذكر أن ماكرون كان قد التزم في حملته الانتخابية على العمل على تجديد الطبقة السياسية وتأنيثها، وقد نجح في ذلك إلى حد يفوق التوقعات. ولعل أبرز إنجاز له في التساوي بين الجنسين أن حكومته الجديدة التي تضم 30 نائباً منقسمة بالتساوي بين الرجال والنساء لا بل إن حصة النساء ليست الحقائب الثانوية، إذ عهد بوزارات الدفاع والعدل والصحة والعمل... ووزارات أساسية أخرى إلى نساء. وكان حلم ماكرون أن يعين امرأة رئيسة للحكومة لكن الحاجة للمحافظة على التوازنات السياسية الداخلية حالت دون ذلك. كذلك في الحكومة الثانية التي يرأسها النائب اليميني السابق إدوار فيليب تضم عناصر شابة كثيرة، خصوصاً كثيراً من الخبراء، الأمر الذي يقرّبها من اعتبارها «حكومة تكنوقراط» باستثناء بعض الوزراء السياسيين مثل وزير الخارجية جان إيف لو دريان ووزير الداخلية جيرار كولومب.

«مناطق الظل»
في قصة العهد القصيرة (أقل من شهرين) كثير من النجاحات، ولكن أيضاً بعض «مناطق الظل». ولعل أكثرها إزعاجاً للعهد تلك التي دارت حول فضائح فساد ارتبطت بها أسماء بعض النواب والوزراء. ووجه الإزعاج فيها أنها تسيء لما يريد ماكرون أن يحفره في نفوس مواطنيه، وهو أن عهده جديد بطاقم سياسي جديد وبممارسات جديدة.
والحال أن فضيحة أصابت ريشار فران، أحد أقرب المقرّبين إليه وهو أمين عام حزب «الجمهورية إلى الأمام» ووزير التخطيط المدني. وقصته أن اسمه ارتبط بصفقات عقارية عندما كان مديراً لمجموعة من شركات التأمين غرب فرنسا قبل تحوّله إلى نائب. ثم ظهرت فضيحة أخرى أصابت وزراء حليفه حزب «الحركة الديمقراطية» التي يرأسها فرنسوا بايرو. وكان ماكرون قد عين بايرو وزيراً للعدل، وكانت أولى مهامّه تقديم مشروع قانون لإرساء الشفافية والمناقبية في العمل السياسي. كذلك أصابت الفضيحة وزيرة الدفاع سيلفي غولارد وهي امرأة مشهود لها بالكفاءة المهنية، ووزيرة الشؤون الأوروبية مارييل دو سارنيز وهي أقرب المساعدين لبايرو.
كاد اندلاع هذه الفضائح التي تشبه ما أصاب مرشح اليمين فرنسوا فيّون وأعاقه في حملته الرئاسية، وأخيراً أطاح به وبحزبه، أن يدخل العهد الجديد في دوامة. وبالتالي، كان على ماكرون أن يتصرف سريعاً، وأن يختار بين حلين أحلاهما مرّ: إما أن يُبقي على هؤلاء الوزراء في مناصبهم، ومن ثم يخسر كل ما جناه من سمعة ومن رغبة في التحديث والتجديد. أو أن يتخلّى عنهم وعندها سينظر إليه على أنه «قليل الوفاء» في السياسة، لأن الوزير فران كان أول نائب اشتراكي ترك حزبه لينضم إليه ويساعده في تنظيم حركته السياسية. كذلك أسهم فران في جانب كبير من العمل الذي أوصل ماكرون إلى رئاسة الجمهورية. أما فيما يخصّ بايرو، فإنه ليس رجل سياسة عادياً. فهو من جهة، تخلى عن الترشح للرئاسة واصطف وراء ماكرون في لحظة كانت حملة الأخير تعاني من كثير من الصعوبات. ومن جهة أخرى، حماه سياسياً بجناحيه لأن خطة ماكرون في تخطّي اليمين واليسار والمراهنة على تيار وسطي هي في الأساس صلب تموضعه السياسي.
في أي حال، يُقال عن ماكرون إنه من دعاة الفعالية وسرعة الحسم وليس من طينة الرئيس السابق فرنسوا هولاند، الذي كان يناور ويجادل، ثم يمتنع عن اتخاذ القرار الحاسم. ولذا، فإن الرئيس الشاب استفاد من فرصة ما يأمر به الدستور، وهي استقالة الحكومة عقب الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة ليخرج من مأزقه: فمن جهة، دفع بصديقه ريشار فران للخروج «طوعاً» من الحكومة، وقدّم له رئاسة المجموعة البرلمانية التي تحتاج لـ«مرشد» لها بسبب انعدام الخبرة لأكثريتها الساحقة. وظهر ذلك على أنه «ترقية» له. كذلك حصل بالنسبة لمارييل دو سارنيز التي ستصبح رئيسة مجموعة النواب «الديمقراطيين» في الجمعية الوطنية. أما بايرو، وبعد تردد، فقد حسم أمره وقرر ترك مقعده الوزاري من أجل «حماية العهد» معيداً التأكيد على براءته وبراءة حزبه من أي اتهامات باستخدام أموال الاتحاد الأوروبي لدفع رواتب موظفين يعملون لصالح الحزب، وهي بالمناسبة، التهمة الموجهة أيضاً لمارين لوبان وحزبها. وكانت وزيرة الدفاع السابقة سيلفي غولارد السبّاقة في إعلان تخليها عن منصبها من أجل «استعادة حريتها» و«الدفاع عن شرفها».

«تفجير» الحزبين الكبيرين
كُتِب الكثير عن رغبة ماكرون الأساسية في «تفجير» الحزب الاشتراكي وحزب «الجمهوريون». وحقيقة الأمر أنه نجح في ذلك إلى حد بعيد. فالاشتراكيون تقلّص حضورهم السياسي والحزبي والانتخابي، وانقساماتهم وصراعاتهم تحفل بها صفحات الجرائد بين تيارين: تيار أبدى رغبة في مساعدة ماكرون، وكثيرون التحقوا به بمن فيهم رئيس الوزراء السابق مانويل فالس، وآخرين يريدون التزام موقف المعارضة الجذرية وهم الجناح اليساري للحزب. لكن هؤلاء محشورون بين يمينهم وحركة «فرنسا المتمردة» التي يقودها جان لوك ميلونشون.
أما حزب «الجمهوريون» فهو في طور تصفية حساباته. ولعل أبلغ صورة تدل على عمق أزمتهم أن فريقاً من نوابهم انشق عن المجموعة الرسمية ليشكل مع نواب آخرين مجموعة منافسة تريد مساندة ماكرون، وأبدت استعدادها للتصويت مع الحكومة والعهد عندما يكون ذلك للصالح العام.
اليوم، يستطيع ماكرون القول إنه حقق الجزء الأول من خطته: الوصول إلى السلطة وتأمين الأكثرية وتشكيل حكومة مطواعة. لكن يبقى أمامه الكثير، ولعله الأساسي، وهو أن تنجح حكومته في تحقيق إنجازات اقتصادية واجتماعية هي المعيار الوحيد للنجاح والضمانة الأكيدة لاستمرار ماكرون في السلطة ليس فقط في هذه الولاية، وإنما لولاية ثانية سعى إليها جميع الرؤساء الذين تعاقبوا على السلطة في فرنسا. والأمر الآخر يتمثل في منهج العمل الذي يريد ماكرون أن يسير عليه، ولا سيما، فيما يتعلق بقانون العمل. وكان سبق له أن أعلن أنه يريد إصلاحه بمراسيم أي من غير المرور في الندوة البرلمانية. إلا أن هذا النهج تحيق به الكثير من المخاطر، والخطر الأساسي أن ينتقل الجدل من الندوة البرلمانية إلى الشارع. وسبق للرئيس هولاند أن جرب إصلاح القانون نفسه من غير الذهاب إلى الحد الذي يريد ماكرون الذهاب إليه، وكانت النتيجة أسابيع من الإضرابات والمظاهرات التي عمّت فرنسا... وفي ذلك ما يمكن اعتباره «تحذيرا» للرئيس الشاب من مغامرة غير محسوبة النتائج.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.