خطة بريطانيا بشأن الرعايا الأوروبيين تقابَل بالفتور

ماكرون وميركل يعدان «ورقة طريق» حول التغييرات الضرورية للاتحاد ومنطقة اليورو

ماكرون وميركل يعدان ملامح جديدة للاتحاد (أ.ف.ب)
ماكرون وميركل يعدان ملامح جديدة للاتحاد (أ.ف.ب)
TT

خطة بريطانيا بشأن الرعايا الأوروبيين تقابَل بالفتور

ماكرون وميركل يعدان ملامح جديدة للاتحاد (أ.ف.ب)
ماكرون وميركل يعدان ملامح جديدة للاتحاد (أ.ف.ب)

يشكل مصير نحو ثلاثة ملايين مواطن أوروبي يعيشون في بريطانيا، منذ أن صوتت بريطانيا لصالح الخروج من التكتل الأوروبي قبل عام أكثر المسائل خلافية في المفاوضات مع بروكسل. وبعد أن ضعف موقف رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي بسبب نتيجة الانتخابات التشريعية، التي لم تحصل فيها على أكثرية برلمانية، جاءت لهجتها في «العشاء الأخير» يوم أول من أمس (الخميس) في القمة الأوروبية أكثر ليونة وأقل تشددا اتجاه الخروج. ومن أجل إرضاء نظرائها في الاتحاد الذين طالبوها أكثر من مرة أن تفصح عن خططها بخصوص مصير مواطني الاتحاد، قالت ماي إنها ستعطي هؤلاء الحقوق والواجبات نفسها بناءً على ما تقرره المحاكم البريطانية، وليس ما تقرره محكمة العدل الأوروبية، التي ترفض لندن إقحامها في الموضوع. ولدى وصولها إلى القمة الجمعة، أكدت ماي «أريد أن أطمئنكم أن جميع مواطني دول الاتحاد الأوروبي المقيمين في المملكة المتحدة، والذين كونوا حياتهم ومنازلهم فيه، لن يُرغم أي منهم على المغادرة. لا نريد أن نرى عائلات مشتتة». وقالت: إنه «عرض عادل وجدي» سيعطي الناس الثقة، مضيفة «بالطبع، ستكون هناك تفاصيل لهذا الترتيب الذي سيشكل جزءا من العملية التفاوضية».
لكن رد قادة الاتحاد بفتور أمس الجمعة على مقترحاتها بعدما قدمت رئيسة الوزراء تيريزا ماي ما وصفته بالعرض «العادل» لحماية حقوق المواطنين الأوروبيين المقيمين لديها عقب «بريكست». وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر: إن «هذه خطوة أولى ولكنها غير كافية». واعتبر رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال أن الاقتراح الذي رسمت ماي خطوطه العريضة خلال «العشاء الأخير» لها مع قادة الاتحاد الأوروبي كان «غامضا».
من جهتها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تعد أقوى قادة الاتحاد الأوروبي، إن خطة ماي «بداية جيدة. لكن بالطبع يبقى هناك كثير من الأسئلة».
أما وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبرون فقال: إن مقترح رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا لا يعتبر تنازلا كبيرا. وقال أسلبرون أمس الجمعة في تصريحات لإذاعة ألمانيا: «أي شيء غير ذلك كان سيصبح بمثابة إعلان حرب على الاتحاد الأوروبي، لكنها بداية جيدة».
وبعد عام تماما على تصويت البريطانيين في 23 يونيو (حزيران) العام الماضي لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، تعهدت ماي بأنه لن يجبر أحد على مغادرة بلادها بسبب بريكست، مقدمة حقوقا دائمة في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والرعاية الاجتماعية والتقاعد للأوروبيين الذين وصلوا إلى بريطانيا قبل تاريخ الانفصال عن التكتل.
إلا أنها رفضت تحديد هذا التاريخ، مشيرة فقط إلى الفترة بين 29 مارس (آذار) 2017. عندما أطلقت بريطانيا آلية خروجها المتوقع بعد عامين. وقال مصدر أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية: إن المزاج الذي ساد على الطاولة هو أن ماي قدمت «أقل من الحد الأدنى» في حين توضح بروكسل أن تاريخ الانفصال يجب أن يكون اليوم الذي تخرج فيه بريطانيا من الاتحاد.
وعلنا، أفاد القادة الأوروبيون بأنهم يتطلعون إلى الحصول على المزيد من التفاصيل التقنية عندما تنشر بريطانيا وثيقة رسمية في هذا الشأن الاثنين. وأشار ميشال إلى أن بروكسل لن تقبل بعروض لم تدقق في تفاصيلها، مضيفا: «يجب ضمان حقوق المواطنين الأوروبيين على المدى البعيد».
رفضت ماي في السابق منح ضمانات بشأن حقوق المواطنين الأوروبيين قبل ضمان مستقبل مليون بريطاني يعيشون في باقي دول الاتحاد، وأوضحت أن عرضها يعتمد على اتفاق متبادل.
ولكنه لربما يمثل غصن زيتون في وقت تحاول ضمان سلطتها بعد خسارتها الغالبية المطلقة في الانتخابات المبكرة التي جرت في بريطانيا قبل أسبوعين، وهو ما ترك حزبها المحافظ يعمل جاهدا لتشكيل حكومة مستقرة وترك استراتيجيتها بشأن بريكست تغرق في الشكوك، خصوصا مع ارتفاع الكثير من الأصوات من داخل حزبها، من الذين يفضلون البقاء في الاتحاد.
ودعت ماي إلى الانتخابات بهدف ضمان سلطة تخولها سحب بريطانيا من السوق الموحدة وتقييد الهجرة، وهي مسألة شكلت أساسا لاستفتاء بريكست. ولكن بعض وزرائها يحذرون الآن من أن الأولوية يجب أن تكون للوظائف والاقتصاد. وعند سؤاله إن كان يعلم أي شكل من أشكال «بريكست» تسعى الحكومة في لندن إليه الآن، أجاب يونكر «لا».
وأفاد قادة الاتحاد بأنه لن تتم مناقشة الخطة المتعلقة بحقوق المواطنين الأوروبيين في وقت تجري المفاوضات المتعلقة بـ«بريكست» بشكل منفصل. إلا أن الجانبين أعربا عن رغبتيهما في حل القضية بأسرع وقت ممكن.
وقال مصدر في الاتحاد الأوروبي «بما أن المواطنين هم أولوية دول الاتحاد الأوروبي الـ27، فإن تقديم المملكة المتحدة لاقتراح مفصل بشأن كيفية ضمان حقوقهم يعد خطوة إيجابية». وأضاف: «لا يزال ينفي معرفة إن كان العرض البريطاني سيكون بسخاء ذاك الذي وضعته دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بالتفصيل بشأن توجيهات التفاوض. وفي هذه المرحلة، بصراحة، هناك بعض الشكوك». ومن جهته، قال المستشار النمساوي كريستيان كيرن «إنه عرض أولي جيد أقدره. ولكن من الواضح أن لدينا الكثير من العمل».
غير أن اقتراح ماي أثار ردود فعل ساخرة محليا، حيث اعتبرته جماعة ضغط تُمثّل المهاجرين الأوروبيين في المملكة المتحدة وتُدعى «3 ملايين»: «مثيرا للشفقة». أما رئيس بلدية لندن، صادق خان، وهو عضو في حزب العمال المعارض، فقال: إن خطة ماي «لا تضمن بشكل كامل حقوق المواطنين الأوروبيين الذين يعيشون في المملكة». وأضاف: «من غير المقبول أن تعامل رئيسة الوزراء المواطنين الأوروبيين الذين يعيشون هنا ويساهمون في اقتصادنا ومجتمعنا وكأنهم أداة للمساومة».
من جانب آخر، ظل مستقبل الاتحاد الأوروبي محور اهتمام اجتماع زعماء دول الاتحاد أمس الجمعة لليوم الثاني على التوالي لبحث النمو الاقتصادي والتجارة والهجرة. وتحدث الرئيس الفرنسي الذي يتبنى برنامجا مؤيدا للاتحاد الأوروبي عن «مستقبل أوروبا» مشددا على أنه يريد «حمل برنامج أوروبا التي تحمي» دولها. وأشار ماكرون خصوصا إلى أنه يُعدّ «ورقة طريق جديدة» مع ألمانيا «حول التغييرات الضرورية في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو» على أن تتضمن «خلاصات محددة». والخطوة التي اعتبرت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد أنها تُمثّل دليلاً على وحدتها، هو اتفاقها الخميس على مسألة خلافية تتمثل في آلية اختيار المدن التي ستكون، بعد «بريكست»، مقراً للسلطة المصرفية الأوروبية والوكالة الأوروبية للأدوية.
وجاءت زيادة الوظائف والقدرة التنافسية على رأس جدول أعمال الاجتماع؛ إذ ناقش رؤساء الحكومات والدول الإبقاء على الانفتاح نحو التجارة والاستثمار، مع حماية الشركات الأوروبية التي يتم شراؤها من قبل مستثمرين صينيين بوتيرة سريعة. وتناول الاجتماع أيضا أزمة الهجرة لأوروبا، ولا سيما جهود مكافحة تهريب المهاجرين عبر البحر المتوسط. ومن غير المتوقع حدوث أي انفراجات في الجهود الرامية لإصلاح نظام اللجوء للاتحاد الأوروبي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».