غزة تحيي «يوم القدس» الإيراني... والضفة تتجاهله

رئيس لجنة القدس يطالب «اليونيسكو» باتخاذ قرارات تؤكد حق الفلسطينيين في المدينة

أطفال يرفعون علماً فلسطينياً كبيراً خلال تظاهرة «يوم القدس» التي شهدتها غزة أمس (إ.ب.أ)
أطفال يرفعون علماً فلسطينياً كبيراً خلال تظاهرة «يوم القدس» التي شهدتها غزة أمس (إ.ب.أ)
TT

غزة تحيي «يوم القدس» الإيراني... والضفة تتجاهله

أطفال يرفعون علماً فلسطينياً كبيراً خلال تظاهرة «يوم القدس» التي شهدتها غزة أمس (إ.ب.أ)
أطفال يرفعون علماً فلسطينياً كبيراً خلال تظاهرة «يوم القدس» التي شهدتها غزة أمس (إ.ب.أ)

تجاهل الفلسطينيون في الضفة الغربية الخاضعة لحكم السلطة الفلسطينية «يوم القدس» العالمي الذي أطلقه المرشد الإيراني السابق آية الله الخميني عام 1979، فيما أحيوه في قطاع غزة الخاضع لحكم حركة حماس.
وفضل الفلسطينيون في الضفة قضاء الجمعة الأخيرة في رمضان في المسجد الأقصى على الرغم من العقبات الإسرائيلية، وأدى أكثر من 150 ألف مواطن الجمعة اليتيمة من شهر رمضان في رحاب المسجد الأقصى. لكن في قطاع غزة تظاهر الآلاف في مسيرة جماهيرية دعت إليها الفصائل الفلسطينية إحياء ليوم القدس العالمي.
وشارك مناصرون لحركة حماس والجهاد وفصائل أخرى في المظاهرات الكبيرة التي رعتها الحركة الإسلامية الحاكمة، إذ قال أحمد أبو حلبية رئيس لجنة القدس في المجلس التشريعي في كلمة له في المسيرة: «لا أمان للاحتلال طالما يحتل القدس والأقصى»، مؤكداً حق الفلسطينيين في المقاومة لتحرير أرضهم، داعياً الفصائل الفلسطينية لدعم انتفاضة القدس بكل الوسائل وأشكال المقاومة في الضفة الغربية دفاعاً عن القدس.
كما طالب أبو حلبية «اليونيسكو» لاتخاذ قرارات تؤكد حق الفلسطينيين في القدس، خصوصاً التأكيد على قرار «اليونيسكو» السابق أن المسجد الأقصى وحائط البراق هي أرض مقدسة خاصة بالمسلمين. كما دعا أهل القدس إلى مزيد من الصمود في وجه محاولات إسرائيل تهويد القدس.
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وأعلام الفصائل وصور الأقصى، ولافتات تدعو لتحرير العاصمة المنشودة للدولة الفلسطينية بكل الطرق.
من جانبه، قال جميل مزهر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية في غزة، إن «إحياء يوم القدس العالمي في ظل ظروف غاية في التعقيد، رسالة قوية للذين يودون تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وفي يوم القدس العالمي تشهد الساحة العربية والفلسطينية محاولات من الإدارة الأميركية وإسرائيل لشرعنة مخططاتهم ونهب ثرواتها. ونحن هنا لنقول لهم إننا بالمرصاد».
واستنكر مزهر محاولات تحويل الصراع مع الاحتلال إلى «صراع طائفي»، داعياً إلى «مواصلة المقاومة بمساندة الأحرار حتى تحرير فلسطين... ويوم القدس العالمي يأتي تأكيداً لضرورة مشاركة الشعوب في مساندة القضية الفلسطينية».
وهتف المشاركون من أجل «تحرير القدس ومساجدها وكنائسها وأهلها. وجاء إحياء اليوم في غزة في ظل تقارب جديد بين إيران وحركة حماس، فيما مر اليوم عادياً في الضفة بسبب التوتر الذي يشوب العلاقات بين السلطة وإيران».
وأصدرت حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي القريبة كذلك من إيران، بيانين للتذكير بالمناسبة، وفيهما دعوة «لنصرة فلسطين وشعبها المقاوم وتعزيز صموده على أرضه».
وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم إن «يوم القدس هو تأكيد على مكانة القدس والأقصى وفلسطين في قلوب ووجدان الأمة جمعاء، والأمة لم ولن تنسى القدس مهما بلغ حجم التآمر عليها وكي وعيها وتمزيقها ونهب ثرواتها».
ودعا برهوم في تصريح صحافي «أبناء الأمة الإسلامية إلى نصرة فلسطين وشعبها المقاوم، وتعزيز صموده على أرضه، ودعم مقاومته الباسلة، استعداداً لخوض معركة العزة والكرامة وتحريرها من الغزاة المحتلين». وقال إن «حركة حماس ومعها شعبنا الفلسطيني ومقاومته المظفرة وكل أحرار الأمة ثابتون صامدون ومتمترسون خلف خيار المقاومة ومستمرون في هذا الخيار دفاعاً عن شعبنا وأرضه ومقدساته مهما بلغت التضحيات».
ودعا برهوم لاستعادة وحدة الأمة وقوتها في ساحة المواجهة الحقيقية مع العدو الإسرائيلي، «من أجل تحرير القدس، وهو مسألة وقت فقط، فتحريرها واجب عليهم ومسؤولية الجميع».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».