حملة في دمشق لإزالة رايات الميليشيات... وضبط «الفلتان الأمني»

شرطي يزيل ستارة من سيارة (دمشق الآن)
شرطي يزيل ستارة من سيارة (دمشق الآن)
TT

حملة في دمشق لإزالة رايات الميليشيات... وضبط «الفلتان الأمني»

شرطي يزيل ستارة من سيارة (دمشق الآن)
شرطي يزيل ستارة من سيارة (دمشق الآن)

مع اكتظاظ الشوارع الرئيسية وأسواق دمشق عشية عيد الفطر، تنتشر دوريات الشرطة بكثافة في مختلف الأحياء في حملة لملاحقة مرتدي الزي العسكري من غير العسكريين وحملة السلاح غير المرخص وسائقي السيارات التي لا تحمل رقماً واضحاً، ذلك بعد إصدار النظام تعميما يقضي بمكافحة «المظاهر المسيئة» في الشوارع.
وكان بشار الأسد عبر خلال اجتماع مع الحكومة، عن انزعاجه من إغلاق بعض المسؤولين للطرق لمرور مواكبهم، معتبرا ذلك أمرا غير مقبول. وطالب الأسد في الاجتماع الوزارات المعنية باتخاذ «الإجراءات الرادعة والضرورية لوقف هذه المظاهر». وعقب الاجتماع أصدرت وزارة الداخلية قرارا بضبط كل من يحمل سلاحاً في مناطق سكنية، ومعاقبة كل من يقوم بأعمال ضد أي مواطن وإنشاء رقم خاص لهذه الحالات. كما تم منع الأغاني الدينية المنسوبة لأي طرف كان بصوت مزعج وعالٍ، وإزالة شعارات دينية وأي أعلام عدا علم الجمهورية العربية السورية وإنشاء صفحة في مواقع التواصل لاستقبال الشكاوى. وانتشرت في السنوات الأخير أعلام «حزب الله» اللبناني وإيران إلى جانب الرايات الدينية الشيعية. كما انتشرت إذاعة لأناشيد شيعية بأصوات عالية في الشوارع وبالأخص في أحياء دمشق القديمة حيث تنتشر حواجز الميليشيات.
وتأتي الحملة على مظاهر «التشبيح» بعد أسابيع من صدور قرار عن وزارة الدفاع في حكومة النظام قضى بإتلاف كل البطاقات الأمنية، باستثناء البطاقات الصادرة عن مكتب الأمن الوطني.
وقالت مصادر أهلية في حي باب توما إن «دورية شرطة وأخرى من الأمن جنائي بالعتاد الكامل وجودتا في ساحة باب توما يوم أول من أمس وكانتا تستوقفان كل من يشك بأنه حامل لسلاح غير مرخص لا سيما من عناصر لجان الدفاع الوطني، كما استوقفتا السيارات ذات الزجاج العاتم أو تلك التي لا تحمل رقما واضحا وهي عادة سيارات تعود لمسؤولين في الأجهزة الأمنية أو الجيش، للتأكد من حيازة مستخدمها التراخيص اللازمة». كما أشار سكان إلى مشاهدة مثل تلك الدوريات في أحياء المزة ومساكن برزة والصالحية والشعلان.
وبينما رحب مدنيون بتلك الإجراءات «بعد استفحال مظاهر التشبيح في شوارع دمشق»، رأى آخرون أنها تكرار للمشهد ذاته الذي حصل في الثمانينات من القرن الماضي بعد انتهاء المواجهات مع «الإخوان المسلمين» ومحاولة رفعت الأسد شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد الانقلاب على شقيقه وتحريك «سرايا الدفاع». وقال معارض: «في الثمانينات شن نظام حافظ الأسد حملة مماثلة على مظاهر التشبيح التي زادت خلال فترة المواجهة مع رفعت الأسد، وخروج الصراع بين الأجهزة الأمنية إلى الشارع، وذلك في محاولة لإعادة فرض السيطرة على مظاهر الصراع». وتابع: «إن ما نراه اليوم محاولة لتحجيم انفلات أمراء الحرب الجدد وإبقائهم في موقعهم كقوات رديفة احتياطية في الصراع القادم على النفوذ والمال». كما رأى المعارض في إجراءات رأس النظام «محاولة لإعادة مظاهر الدولة بمعنى وضع طربوش الدولة على ما تبقى من دولة سوريا».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».