انحسار المجاعة في جنوب السودان لكن عدد الجائعين ازداد

ارتفع عددهم من 4.9 مليون إلى 6 ملايين شخص

انحسار المجاعة في جنوب السودان لكن عدد الجائعين ازداد
TT

انحسار المجاعة في جنوب السودان لكن عدد الجائعين ازداد

انحسار المجاعة في جنوب السودان لكن عدد الجائعين ازداد

تُستخدَم كلمة «مجاعة»، بحسب معيار عالمي تم الاتفاق عليه تحدده مستويات الوصول إلى الطعام وسوء التغذية الحاد والوفيات اليومية بسبب الجوع. ولهذا فإن التحديد التقني المتعارف عليه للمجاعة لم يعد ينطبق في لير وميانديت بولاية الوحدة في جنوب السودان حيث أعلنت المجاعة في فبراير (شباط) الماضي، «إلا أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع الشديد بلغ أقصى حد على الإطلاق في أنحاء هذا البلد الذي تمزقه الحرب».
وأمس، قالت وكالات إغاثة دولية إن المجاعة التي أعلنت في أجزاء من جنوب السودان قبل أربعة أشهر انحسرت، مضيفة أن «التعريف الفني للمجاعة لم يعد منطبقاً»، كما جاء في بيان مشترك لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية (فاو). وطالت المجاعة التي نجمت عن ثلاث سنوات من النزاع 100 ألف شخص. أمام عدد الأشخاص الذين يصارعون من أجل الحصول على الطعام يوميّاً ارتفع من 4.9 ملايين في فبراير إلى 6 ملايين، فيما اعتبرته الوكالات «أعلى نسبة لانعدام الأمن الغذائي في جنوب السودان». كما ازداد عدد الأشخاص الذي يواجهون مستويات الجوع الشديد، أي درجة دون المجاعة، من مليون في فبراير إلى 1.7 مليون.
وقال مدير الأوضاع الطارئة في «الفاو» دومينيك بورجون: «الطريقة الوحيدة لوقف هذا الوضع اليائس هو وقف النزاع وضمان الوصول دون عوائق وتمكين الناس من استئناف كسب الرزق».
واندلعت حرب أهلية في جنوب السودان عام 2013 بعد أن اتهم الرئيس سلفا كير منافسه ونائبه السابق رياك مشار بالتخطيط لانقلاب ضده.
استقلت دولة جنوب السودان عن السودان عام 2011، إلا أن حرباً أهلية اندلعت هناك جراء صراع على السلطة. ويعود النزاع لأسباب عرقية، حيث تقاتل قبيلة الدينكا التابعة لسيلفا كير ضد أنصار مشار من قبيلة النوير. وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف، وتسبب في أكبر أزمة لجوء في أفريقيا، حيث اضطر نحو مليوني شخص للجوء إلى دول أخرى. كما امتدت أعمال العنف إلى أجزاء أخرى من البلاد وشملت مجموعات إثنية أخرى. وحذرت الأمم المتحدة من احتمال وقوع إبادة وتطهير عرقي في دولة لا يبدو فيها أفق للسلام. وأجبرت مجموعات تعمل في الزراعة على مغادرة أماكنها تاركة الحقول غير محصودة والسلع غير متوفرة فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.



كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال تقرير لوكالة «بلومبرغ» للأنباء إن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يُهدد قاعدة «حميميم» الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم موسكو القاعدة لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وكل هذه الدول شهدت انقلابات مؤخراً، وقطعت علاقاتها مع الغرب، في حين تقترب من موسكو التي مكّنها هذا الجسر الجوي من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة، خصوصاً في أماكن، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

وسمحت قاعدتا «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

استقبال جندي روسي لبشار الأسد خلال زيارته قاعدة «حميميم» العسكرية في اللاذقية 27 يونيو 2017 (أ.ف.ب)

قال أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث مقره ليبيا: «من دون جسر جوي موثوق، تنهار قدرة روسيا على فرض قوتها في أفريقيا، والاستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا مُعلقة بخيط رفيع».

وقال القماطي إنه وفي حين أن روسيا، التي دعمت السلطات في شرق ليبيا، لديها قدرات تشغيلية في 4 قواعد جوية ليبية (الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ) فإن هذه القواعد ستكون بعيدة جداً، بحيث لا يمكن استخدامها في جسر مجدد من موسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وقال رسلان بوخوف، رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات ومقره موسكو، إن القاعدة الجوية السورية ستكون «خسارة كبيرة» للعمليات الأفريقية؛ حيث «كانت جميع الإمدادات تمر عبر (حميميم)، وهذا مهم بشكل خاص لبلد من دون ميناء، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى».

وبدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في أفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة «فاغنر» المرتبطة بالكرملين في جمهورية أفريقيا الوسطى غير الساحلية، للدفاع عن رئيسها المحاصر ضد هجوم المتمردين.

وفي عام 2019، لعب المقاتلون دوراً رئيساً في محاولة من قِبَل الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين، أرسلت مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، جنباً إلى جنب مع الأسلحة، ما أدّى إلى زيادة أكبر لبصمتها العالمية خارج الكتلة السوفياتية السابقة.

الرئيس الروسي يلقي كلمة في قاعدة «حميميم» في اللاذقية على الساحل السوري يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

وهذا الدعم في خطر؛ لكن المقربين من تلك الحكومات يزعمون أن روسيا ستجد طريقة لمواصلة مساعدتهم.

وقال فيديل غوانجيكا، مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن روسيا «ستكون لديها خطة بديلة»، حتى تظل طرق إمدادها إلى أفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق أكثر قوة، أو الوصول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر المواني في الكاميرون أو الكونغو، و«لن تكون هناك عواقب على جمهورية أفريقيا الوسطى».

وأضاف غوانجيكا أن أفريقيا الوسطى مستعدة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر.

وأعرب إبراهيم حميدو، رئيس إدارة الاتصالات لرئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي عيّنه المجلس العسكري في النيجر عام 2023، عن الأفكار نفسها، وقال: «سقوط الأسد لن يُغير علاقاتنا، ويمكن لروسيا أن تجد طرقاً أخرى، من خلال تركيا على سبيل المثال، لدعم النيجر».

وفي حال سمحت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عبر مجالها الجوي، فلا يوجد اقتراح فوري بأنها ستعمل بديلاً للجسر الجوي السوري لموسكو، خصوصاً أن مصالح الثنائي في أفريقيا غالباً ما تتباعد.

واقترحت مونيك يلي كام، وهي سياسية في بوركينا فاسو، تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، ليبيا خياراً لمساعدة موسكو على «الحفاظ على نفوذها في القارة».

كما لعبت روسيا دوراً رئيساً في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً؛ حيث ألقت مؤخراً بثقلها خلف الجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع»، كما تواصل الضغط من أجل إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم طويل الأمد، من شأنه نظرياً أن يوسع شبكتها اللوجستية.

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بشبكة النفوذ الروسية مترامية الأطراف في أفريقيا لن يكون سهلاً، وفقاً لأولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، وهي مؤسسة بحثية ألمانية.

وقال: «إن سقوط الأسد سيعيق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في أفريقيا، وكانت جميع الرحلات الجوية لتوريد المرتزقة، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة، تمر عبر سوريا. إنها مسافة بعيدة للغاية للطيران بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى أفريقيا، وسيتعين على روسيا تقليص مشاركتها في أفريقيا وسيكون ذلك أكثر تكلفة بكثير».