البغداديون يعانون من تدهور خدمتي الماء والكهرباء

البغداديون يعانون من تدهور خدمتي الماء والكهرباء
TT

البغداديون يعانون من تدهور خدمتي الماء والكهرباء

البغداديون يعانون من تدهور خدمتي الماء والكهرباء

يضطر سكان أحياء كثيرة في بغداد هذه الأيام إلى الانتظار حتى ساعات الفجر الأولى لملء خزانات منازلهم بمياه الشرب والغسيل، وحدث خلال بحر الأسبوع الماضي والحالي أن استمر انقطاع الماء الذي تجهزه أمانة بغداد لأكثر من يوم أو يومين في بعض الأحياء، ولا تقتصر معاناة البغداديين على النقص المتواصل في إمدادات المياه، بل هناك نقص متفاقم في تجهيز التيار الكهربائي منذ سنوات.
الشح في تجهيز خدمات الكهرباء والماء إلى المنازل دفع، أمس، سكان حي «بوب الشام» شرق العاصمة بغداد إلى قطع الطريق الرئيسية الواصلة إلى محافظة ديالى احتجاجاً على انقطاع الماء وقلة تجهيزه منذ نحو شهرين.
ويقول أحمد ظافر، الذي يسكن في حي الكفاح في بغداد، إنه وعائلته «عانوا الأمرين» خلال شهر رمضان، بسبب الماء والكهرباء.
ويشرح ظافر معاناته لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «تنقطع المياه لساعات طويلة خلال النهار، ثم تأتي في ساعة متأخرة من الفجر، لذلك أتناوب أنا وأهلي على البقاء حتى ذلك الوقت لنتمكن من ملء خزان المنزل». ويضيف: «المشكلة لا تتعلق بالماء فقط، وتشمل الكهرباء أيضاً، حيث تنقطع لساعات طويلة، وحين تأتي، فهي أشبه بإشارة المرور الضوئية، تنقطع كل 10 دقائق تقريباً».
ويشتكي أغلب أهالي بغداد في الفترة الأخيرة من التذبذب في التيار الكهربائي حتى مع برنامج القطع المبرمج الذي تنتهجه وزارة الكهرباء في مسألة إيصاله إلى المواطنين، وتقوم الوزارة بساعتي تجهيز مقابل ساعتي قطع. غير أن هذه البرمجة تتعرض غالباً إلى انتكاسات فنية، بحيث يستمر انقطاع التيار ساعات طويلة في أوقات كثيرة، الأمر الذي يضطر المواطنين إلى الاستعانة بالمولدات للحصول على حاجاتهم من الكهرباء.
ومع ارتفاع درجات الحرارة ووصولها سقف الـ50 درجة، يتزايد الطلب على استهلاك الماء في فصل الصيف بأضعاف ما يتطلبه الأمر في فصل الشتاء، نظراً لاعتماد أغلب المنازل البغدادية على مبردات الهواء التي تعتمد على الماء، بجانب الاستحمام لأكثر من مرة في اليوم.
الأزمة المتفاقمة والانتقادات المتواصلة لأمانة العاصمة واتهامها بالتقصير في موضوع تجهيز الماء إلى منازل البغداديين، دفعها إلى «الاعتذار» من البغداديين «عن الخلل في عملية التجهيز للماء بسبب تلك الظروف الخارجة عن إرادتها» واتهام وزارة الكهرباء ضمناً بمسؤوليتها عن الخلل من خلال قرارها «شمول محطات ضخ الماء بالقطع المبرمج للتيار الكهربائي».
وكشفت أمانة بغداد مطلع الأسبوع، عن شمول جميع مشاريع إنتاج الماء الصافي بإجراءات القطع المبرمج للتيار الكهربائي من قبل وزارة الكهرباء، وأشارت إلى أن «هذا الإجراء انعكس سلباً على كميات الماء المجهزة للمواطنين».
وأشار بيان للأمانة إلى أن «القطع المبرمج كان بواقع 4 ساعات يومياً من الساعة 12 إلى 2 ظهراً ومن الساعة 4 إلى 6 عصراً، وهذه الأوقات تعد ذروة الاستهلاك اليومي للماء الصالح للشرب».
ويعترف المتحدث باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس بـ«قلة الوحدات الكهربائية المخصصة لبغداد».
ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «بغداد بحاجة إلى 6 آلاف ميغاواط، لكنها عملياً لا تحصل إلا على نحو 2800». ويتوقع أن تضاف إلى بغداد نحو 2000 ميغاواط في غضون الأيام القليلة المقبلة بعد وصول الغاز الإيراني إلى محطة المنصورية في محافظة ديالى ومحطة الصدر في مدينة الصدر.
وأصدرت وزارة الكهرباء إيضاحاً بشأن قرارها اعتماد القطع المبرمج على محطات ضخ المياه، وأشارت في بيان إلى أن المحطات مستثناة من القطع المبرمج، إلا أن «عمليات التجاوز على مغذيات الطاقة الكهربائية الواصلة إلى هذه المواقع، من قبل المواطنين والمجمعات السكنية والتجارية، أثّر بشكل سلبي على الأحمال، وبالتالي على ساعات التجهيز في المناطق الأخرى». وتقول الوزارة إنها «اضطرت إلى تنفيذ برمجة خاصة لهذه المواقع، تشمل تجهيز كهرباء لمدة 20 ساعة يومياً، مقابل 4 ساعات قطع».
ورغم قرار وزارة الكهرباء إعادة تجهيز محطات المياه بكامل احتياجها من الطاقة الكهربائية على مدى 24 ساعة يومياً، فإن أحياء كثيرة في بغداد ما زالت تعاني من شح المياه، إذ إن مشاريع إنتاجها غير قادرة على تغطية حاجة البغداديين إلى المياه بشكل كامل، إلى جانب قدم وتهالك الأنابيب الناقلة للمياه والتجاوزات التي يقوم بها المواطنون على شبكة الأنابيب، استناداً إلى مصادر من أمانة بغداد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم