فرنسا تطوي صفحة الانتخابات بطاقم نيابي شاب ومتنوع

3 تحديات تنتظر البرلمان الجديد

فرنسا تطوي صفحة الانتخابات بطاقم نيابي شاب ومتنوع
TT

فرنسا تطوي صفحة الانتخابات بطاقم نيابي شاب ومتنوع

فرنسا تطوي صفحة الانتخابات بطاقم نيابي شاب ومتنوع

نجح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الحصول على أكثرية مريحة في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، التي أعطت حزبه «الجمهورية إلى الأمام»، مع شريكه السياسي حزب «الحركة الديمقراطية»، 350 نائباً، توافد معظمهم أمس إلى البرلمان للتعرف على المكان، باعتبار أن عدداً كبيراً منهم يصل للمرة الأولى إلى الندوة البرلمانية.
وتبين الأرقام نجاح عملية تجديد الطاقم السياسي والنيابي التي سعى إليها الرئيس الفرنسي، إذ إن عدد النواب القدامى الذين فازوا في الانتخابات الأخيرة لا يتجاوز 140 نائباً، من أصل 577 نائباً، يشكلون الندوة البرلمانية. وبذلك يكون ثلاثة أرباع النواب الحاليين، خصوصاً في صفوف حزب «الجمهورية إلى الأمام»، جدداً.
أما الظاهرة الثانية، فتمثلت في «تأنيث» الندوة البرلمانية. وتبين الأرقام أن نسبة حضور المرأة في البرلمان الجديد وصلت إلى 40 في المائة، وارتفع عدد النائبات من 150 امرأة في البرلمان السابق إلى 224 في البرلمان الجديد، الذي انخفض المعدل العمري فيه إلى 47 عاماً، بفضل انضمام عناصر شابة كثيرة. وأصغر النواب سناً هي تيفاني دوغوا، البالغة من العمر 24 عاماً. وقالت كاترين بربارو، رئيسة حزب «الجمهورية إلى الأمام» بالوكالة، إن «الجمعية الوطنية الجديدة ستكون أكثر تنوعاً، وأكثر شباباً، وستستند إلى خبرات مهنية وسياسية متنوعة».
ورغم حصول الحزب الرئاسي على الأكثرية المطلقة منفرداً، ومن غير الحاجة لأصوات شريكه حزب «الحركة الديمقراطية» الذي يرأسه وزير العدل فرنسوا بايرو، الأمر الذي يجعله أكثر حرية في التحرك وتوفير الدعم لماكرون لتنفيذ برنامجه الرئاسي، فإن المحللين اعتبروا أن فوز «الجمهورية إلى الأمام» لم يصل إلى حد الموجة الجارفة التي كانت تتوقعها استطلاعات الرأي.
وفي الأسبوع الفاصل بين الجولتين الأولى والثانية، أجمعت هذه الاستطلاعات على تأكيد أن حزب ماكرون وحليفه سيتجاوزان عتبة الـ400 نائب، بل إن بعضها قدر أن تصل حصتهما إلى أربعة أخماس المجلس، أو حتى خمسة أسداس. والمعنى السياسي الذي أعطي لهذا التراجع يقوم على اعتبار أن الفرنسيين قرروا إعطاء ماكرون الأداة التشريعية التي ستمكنه من وضع برنامجه موضع التنفيذ، لكنهم لم يعطوه «شيكاً على بياض».
ونتيجة لذلك، فإن حزب «الجمهوريون» اليميني، الذي حصل مع شريكه «اتحاد الديمقراطيين والمستقلين» على 130 مقعداً، سيشكل القوة المعارضة الرئيسية، لكنه لن يكون وحده في الميدان، إذ إن نواب حركة فرنسا المتمردة والنواب الشيوعيين ستكون لهم كتلتهم النيابية داخل البرلمان، وسيكونون بلا شك الصوت الأقوى في التنديد بسياسات ماكرون وإصلاحاته الليبرالية. أما الحزب الاشتراكي، الخاسر الأكبر، فإنه مقبل على مرحلة من المطبات الهوائية. وقد استبق أمينه العام جان كريستوف كمبادليس الزلزال الداخلي بتقديم استقالته من منصبه.
وفي السابع والعشرين من الشهر الحالي، سيعقد البرلمان أولى جلساته، حيث سيتم انتخاب رئيسه ورؤساء اللجان. وأمس، كان يفترض أن يقدم رئيس الحكومة أدوار فيليب استقالة حكومته، وفق منطوق الدستور.
لكن الثابت أن ماكرون سيعيد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة التي لن تكون مختلفة عن الحكومة المستقيلة، وفق الناطق باسمها، الوزير كريستوف كاستونيه. وأفادت مصادر قصر الإليزيه أن التغيير سيكون «تقنياً»، ولن يخل بالتوازنات الموجودة في أولى حكومات العهد. وسيكون أول اختبار للبرلمان التصويت على الثقة بالحكومة الجديدة، الأمر الذي سيحصل في الرابع من يوليو (تموز) المقبل.
يبقى أن العلامة السوداء التي شابت التشريعيات هي النسبة المرتفعة للمقاطعين، إذ وصلت إلى 57.4 في المائة، وهي نسبة لم يسبق للجمهورية الخامسة أن عرفتها منذ انطلاقتها في عام 1958. وسعت أصوات معارضة إلى «استغلال» هذه الثغرة، التي لا تنتقص من شرعية البرلمان الجديد ولا من قانونيته، لتؤكد أن امتناع الفرنسيين عن ارتياد مراكز الاقتراع بكثافة يعني أنهم «لا يطلقون يدي ماكرون» بشكل مطلق، بل أرادوا أن تبقى المعارضة موجودة لتشكل ثقلاً في المناقشات التي ستجرى في البرلمان بشأن مشاريع القوانين. ويريد ماكرون أن يسرع الخطى في 3 ميادين متوازية؛ وهي الإصلاح الجذري لقانون العمل، وإدخال الشفافية للعمل السياسي، والقوانين الخاصة بمحاربة الإرهاب. والمفترض أن تنقل سريعاً إلى البرلمان لتمكين الحكومة من الخروج من حالة الطوارئ.
ورغم التغير الكبير في الوجوه النيابية، فإن وجوهاً أخرى سيسمع صوتها بقوة تحت قبة البرلمان، وأولها صوت المرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلونشون، الذي أنذر العهد الجديد بأنه «سيحاربه» بكل ما أوتي من قوة. وما يزيد من قدرة ميلونشون أن حركته ستكون لها مجموعتها البرلمانية الخاصة، مما سيعطيها كمجوعة حقاً في الكلام يساوي المجموعات الأخرى، وهو ما لم تحصل عليه مارين لوبان التي لم يصل من مرشحيها سوى 8 نواب. رغم ذلك، سيكون صوت لوبان قوياً، وهي تؤكد أنها «صوت الشعب» بوجه النظام والنخبة القائمة. أما المجموعة المعارضة الرئيسية (حزب الجمهوريون وحليفهم)، فإن وضعهم سيكون مختلفاً، إذ ثمة عدد من النواب الذين يدعون لتبني موقف «بناء» من العهد الجديد، وتلافي المعارضة «الجذرية» التي لا تفيد، ولا تخدم مصلحة الفرنسيين. وسيكون الاقتراع على الثقة أول تجربة جديدة لنواب هذا الحزب.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».