هل يعود جون غاليانو ويعيد الحلم؟

أوسكار دي لارونتا لا يزال يداعبنا بالأمل ويجس نبض المؤثرين على الساحة

هل يعود جون غاليانو ويعيد الحلم؟
TT

هل يعود جون غاليانو ويعيد الحلم؟

هل يعود جون غاليانو ويعيد الحلم؟

عندما أرغم جون غاليانو على ترك دار «ديور»، أو بالأحرى خرج منها مطرودا، ترك فجوة كبيرة في عالم الموضة لم يستطع أحد أن يملأها لحد الآن. فقد أخذ معه كل بهارات الإبهار والدراما التي كان يتحفنا بها في عروضه. وعلى الرغم من أنه غاب عن خريطة الموضة منذ عدة مواسم، ورغم أن الأغلبية لا يوافقون على ما تفوه به من كلمات نابية ومعادية للسامية في تلك الأمسية المشؤومة التي أسقطته من برجه العاجي وصنعت منه مصمما تراجيديا، لا يمر أسبوع موضة من دون أن يتحسر هؤلاء على أيامه وعلى شطحاته. فقد كان يأخذنا إلى عوالم فانتازية تجسد كل ما تعنيه الموضة من حلم وخيال وتفرد. كل هذا لم يشفع له ولا يزال مجرد اسمه يثير الريبة والتحفظ في بعض الأوساط، الأمر الذي برهن للكل بأن عالم الموضة قد يغفر كل شيء، ما عدا معاداة السامية، وليس أدل على هذا من أنه لم يجد مخرجا للمأزق الذي وجد نفسه فيه رغم كل ما بذله من مجهود لكي يطوي هذه الصفحة. فلا اعتذاراته المتكررة قبلت، ولا تدخل بعض الأسماء المهمة لصالحه من أمثال جوناثان نيوهاوس، الرئيس التنفيذي لمجموعة «كوندي ناست» وجوان بيرشتاين، مؤسسة محلات «براونز» أو المصمم أوسكار دي لارونتا، وغيرهم.
ولعل أوسكار دي لارونتا كان أشجع هؤلاء، لأنه رافق القول بالفعل عندما قدم له طوق نجاة في الموسم الماضي وعرض عليه فرصة تصميم تشكيلة خاصة تم عرضها في أسبوع نيويورك لخريف وشتاء 2013. ويبدو أنه لا يزال عازما على مساعدته بأي شكل، إذ تحدث مؤخرا في قمة الريادة في التصميم (Design Leadership Summit) التي جرت بنيويورك، عن غاليانو قائلا «أعرف جون منذ أكثر من 30 عاما. إنه موهبة فذة، ورغم أنه يعاني من عدة مشكلات فأنا أؤمن بأنه عندما يسقط المرء علينا أن نساعده على الوقوف ثانية. اعتقد أن كل إنسان يستحق فرصة ثانية في الحياة».
ويذكر أن المصمم الذي يبلغ من العمر 81 عاما كان أول من مد يده للمصمم جون غاليانو، بعد أن طرد من دار «ديور»، حين فتح له أبواب معامله وتعاون معه من خلال تشكيلة يتيمة، قيل حينها إن المصمم المخضرم كان يريد منها جس النبض، أي ما إذا كانت المبيعات ستتأثر بشكل يمنع من التعاون معه بشكل دائم أم لا. العرض أثار الكثير من الجدل والاهتمام، وكان أهم عرض في أسبوع نيويورك، إذ أراد كل من له علاقة بالموضة حضوره، كما أن موقع دار أوسكار دي لارونتا تعطل لساعات بسبب الإقبال.
عن هذه التجربة قال أوسكار دي لارونتا إنه كان سعيدا بها واستفاد منها كثيرا، مشيرا إلى أنه «مهم جدا أن يكون هناك شخص يتحداك ويحفزك على اكتشاف طاقات دفينة بداخلك». وبما أن التكهنات تقول بأن أوسكار دي لارونتا يحضر نفسه للتقاعد وربما يعبد الطريق أمام جون غاليانو ليخلفه ويأخذ فرصة ثانية في الحياة، فإنه لم يؤكد هذه التكهنات واكتفى بالقول إنه يتمنى من كل قلبه أن يعود غاليانو في يوم من الأيام إلى التصميم، مضيفا أن خليفته قد يكون أي شخص موهوب «إذا لم يكن جون فسيكون مصمما آخرا»، مؤكدا على الأقل إشاعات التقاعد.



كيف زاوج برونيللو كوتشينيللي بين الأعمال اليدوية والتكنولوجيا

أشرف على المشروع فريق  من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)
أشرف على المشروع فريق من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)
TT

كيف زاوج برونيللو كوتشينيللي بين الأعمال اليدوية والتكنولوجيا

أشرف على المشروع فريق  من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)
أشرف على المشروع فريق من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)

من المفترَض ألا يفاجئنا المصمم برونيللو كوتشينيللي، وهو يقدم لنا درساً عن الزواج المثالي بين الإبداع البشري وقدرات الذكاء الاصطناعي، وهو الذي يبيع لنا بدلات بـ4000 دولار ومعاطف أغلى بكثير. نشتريها ونحن في قمة السعادة لأننا نعرف أنها من أجود أنواع الكشمير والصوف، ومنفَّذة في معامل إيطالية على يد حرفيين من الطراز الأول.

برونيللو كوتشينيللي وعمران أميد خلال مؤتمر «فويسز» لعام 2023 (BOFVOICES)

في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وخلال مؤتمر «بي أو إف فويسز (BOF VOICES)»، الذي يُقام سنوياً في منطقة أكسفودشاير بحضور نخبة من المبدعين المؤثرين وأصحاب القرار العالميين، حلَّ برونيللو ضيفاً على المؤتمر. أجرى معه مؤسس هذه الفعالية، عمران أميد، حواراً تطرق فيه إلى الأسباب التي تُميز علامته عن غيرها وأسباب نجاحها، في وقت تعاني فيه بيوت أزياء أخرى من بعض الخمول. يذكرنا بأن الدار لا تبخل على زبائنها بأي شيء يمكن أن يضفي عليهم الأناقة والرقي، بغض النظر عن التكاليف. يتشعب الحديث بينهما ويتطرق إلى مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الموضة، وتبعاته على اليد العاملة. يأتي رد برونيللو مفاجئاً. لم يكن ضد ذلك. بالعكس كان متفائلاً ومطمئناً، يؤكد أن الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يخدم الموضة والبشرية في حال تم التعامل معه بشكل صحيح. المفاجئ في ردِّه أيضاً لم يكن لأن الأغلبية يخامرها بعض القلق والتوجُّس من اقتحام الذكاء الاصطناعي مجالات الإبداع تحديداً، ولا لأنه من الرعيل الإيطالي القديم، بل لأن علامته مبنية على مفهوم «صُنِع في إيطاليا» وتعتمد على الحرفية اليدوية. مفاهيم تضعه في مصاف الكبار، وتجعله من بين بيوت أزياء قليلة تُعدّ على أصابع اليد الواحدة تحقق الأرباح رغم تذبذبات الأسواق والاضطرابات الاقتصادية التي لمست مجالات الترف بشكل خاص.

ما يؤكده الموقع الجديد أن الإبداع البشري يمكن أن يستفيد من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي (برونيللو كوتشينيللي)

لم يكن رأيه هذا مجرد كلام. في 16 من هذا الشهر وفي ميلانو، برهن للجميع كيف يمكن الاستفادة من التكنولوجيا وجعلها في خدمة البشرية.

في مؤتمر صحافي أُقيم بمسرح بيكولو، كشف هو والمهندس المعماري ماسيمو دي فيكو فالاني، وفرانشيسكو بوتيجليرو، رئيس قسم التكنولوجيا الإنسانية في دار أزياء «سولوميو»، عن إطلاق موقع الدار الإلكتروني الجديد. يعتمد كلياً على الذكاء الاصطناعي. وجسّد فيه المصمم ما أشار إليه خلال مؤتمر «BOF Voices» منذ أشهر؛ من أن الإبداع البشري يمكن أن يستفيد من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، وذلك بتسخيره بشكل ذكي يُسهِّل بعض المهام التي كان تستغرق وقتاً طويلاً من دون إلغاء اللمسة البشرية. كان إطلاق الموقع الإلكتروني وتطويره على نحو مبتكر البداية. يشرح أنه حرص أن يتناسب مع إيقاع العصر ومتطلباته «فهو لا يستخدم الصفحات والقوائم التقليدية، بل يعتمد على محتوى سلس».

يوفر الموقع للمتصفح والزائر طرح أسئلة عن أي شيء يتعلق بالعلامة الإيطالية ليتلقى أجوبة فورية عنها (برونيللو كوتشينيللي)

أشرف على المشروع فريق من الباحثين من مختلف المجالات، من الرياضيات والهندسة إلى الفن والفلسفة فضلاً عن مجموعة كمن كبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي. تجدر الإشارة إلى أن التفكير في هذا المشروع بدأ منذ مايو (أيار) 2019. واستغرق العمل عليه 3 سنوات. أما الهدف منه حسب قول كوتشينيللي فهو «الدخول إلى ثقافة الدار والغوص في محتوياتها بحرية ودون أي قيود، لكن دائماً بإعطاء الأولوية للتجربة الإنسانية». ويتابع: «حرصنا مثلاً على أن توفر منصة ( Solomei AI) نتائج بحث مرئية واضحة وفورية» تأخذ الزائر من صفحة إلى أخرى عبر رسمات لكل واحدة منها معنى خاص وعميق. في حال لم يحصل الزائر على مطلبه «بإمكانه أن يطرح أي أسئلة تراوده فيتلقى إجابات عنها من (سولومي AI)».

يشجع الموقع الشباب على البحث عن الأفضل وطرح أسئلة لا سيما أن العالم يتطور باستمرار وفق برونيللو كوتشينيللي (برونيللو كوتشينيللي)

لكن الموقع الجديد ليس منصة للتسوق الإلكتروني، بل هو للاستمتاع والاستفادة وفرصة للانغماس في عالم الدار وثقافتها. يشير كوتشينيللي إلى أن الفضول مهم للوصول إلى المعرفة، مستشهداً بالفيلسوف اليوناني زينوفانيس الذي قال ذات مرة: «من الواضح أن الآلهة لم تكشف للبشر كل الأشياء منذ البداية، فهذه احتاجت إلى وقت وأبحاث وتقصٍّ... مَن يسأل فقط يحصل على الإجابة».