القوات العراقية تقاتل من منزل إلى آخر في الموصل القديمة

«داعش» أغلق المداخل وفخخ البيوت

عربة عسكرية تشق طريقها وسط أحد شوارع الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
عربة عسكرية تشق طريقها وسط أحد شوارع الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تقاتل من منزل إلى آخر في الموصل القديمة

عربة عسكرية تشق طريقها وسط أحد شوارع الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
عربة عسكرية تشق طريقها وسط أحد شوارع الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)

تقدمت القوات العراقية أمس داخل الموصل القديمة في إطار هجومها على آخر حصن لتنظيم داعش في المدينة، محذرة المدنيين من الوجود في أماكن مفتوحة وداعية المتطرفين إلى الاستسلام.
وبدأت القوات العراقية أول من أمس اقتحام المدينة القديمة في الشطر الغربي من الموصل في شمال العراق، سعيا لطرد آخر متطرفي «داعش»، بعد ثمانية أشهر من انطلاق العمليات العسكرية. ويؤكد قادة عسكريون أن المتطرفين يظهرون مقاومة شرسة، فيما يتزايد القلق حيال مصير أكثر من مائة ألف مدني ما زالوا محاصرين داخل المدينة القديمة.
وتطغى الطائرات المسيرة (الدرون) والقناصة على أنواع الأسلحة الأخرى المستخدمة في القتال، واشتبكت وحدات من قوات مغاوير النخبة مع مسلحي (داعش) الذين يُعتقد أن غالبيتهم من الانغماسيين. وأسفرت معارك أمس في محاور الشرطة الاتحادية عن تحرير جامع الهادين في حي باب جديد، ومقتل العشرات من مسلحي التنظيم من بينهم القيادي (أبو بكر المصري) أحد قادة التنظيم البارزين الذين يقودون المعارك ضد القوات العراقية.
بدوره قال ضابط برتبة نقيب في قوات جهاز مكافحة الإرهاب، لـ«الشرق الأوسط»: «قواتنا تتقدم حسب الخطة المرسومة لها، وتحقق انتصارات كبيرة على إرهابيي داعش، التنظيم فخخ المباني وأعمدة الكهرباء والشوارع، نحن نحاول خلال المعارك إنقاذ المدنيين المحاصرين الذين يتخذهم التنظيم دروعا بشرية».
بدوره، أعلن القائد في قوات مكافحة الإرهاب، اللواء الركن معن السعدي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «بدأنا عند الساعة السادسة صباحا بالتقدم إلى عمق البلدة القديمة وسيطرنا على مناطق جديدة في حي الفاروق». وأشار السعدي إلى أن «داعش يبدي مقاومة شرسة»، مضيفا: «لقد أقفلوا كل المداخل، وزرعوا العبوات الناسفة وفخخوا منازل قد تكون قواتنا قريبة منها». وأكد أن «تحقيق الاختراق كان صعبا للغاية. المعركة اليوم وجها لوجه».
وتمثل عملية اقتحام المدينة القديمة في غرب الموصل حيث الأزقة الضيقة والمباني المتلاصقة، تتويجا للحملة العسكرية التي بدأتها القوات العراقية قبل أشهر لاستعادة كامل مدينة الموصل التي ستشكل خسارتها النهاية الفعلية للجزء العراقي من «الخلافة» العابرة للحدود التي أعلنها تنظيم داعش صيف العام 2014، بعد سيطرته على مناطق واسعة من العراق وسوريا المجاورة.
وأوضح النقيب في قوات مكافحة الإرهاب أحمد جاسم أن القتال عنيف، خلال اختبائه من الرصاص والتفجيرات المتواصلة قرب موقع يتخذه القناصة على تخوم المدينة القديمة: «لا يمكننا إدخال آلياتنا إلى هذه الشوارع الضيقة. وهذا يعني أيضا أنهم لا يستطيعون (داعش) استخدام عدد كبير من السيارات المفخخة، لكنهم يستخدمون الدراجات النارية المفخخة، ويفخخون سيارات اللعبة التي يتم التحكم بها عن بعد».
وعلى الضفة المقابلة من نهر دجلة، تمركزت آليات هامفي قرب المسجد الكبير في شرق الموصل المواجه للمدينة القديمة، وبدأت تبث عبر مكبرات الصوت رسائل إلى المدنيين والمتطرفين. وأكدوا للمدنيين المحاصرين داخل المدينة: «نحن قادمون إلى المدينة القديمة، القوات الأمنية على وشك إنهاء معاناتكم. شرق الموصل وغربها سيتحدان مجددا قريبا». أما للمتطرفين، فخيرتهم القوات الأمنية بين قرارين «الاستسلام أو الموت».
وفي وقت متأخر من مساء أول من أمس، ألقت القوات العراقية ما يقارب 500 ألف منشور في سماء الموصل، لتعلم المواطنين بأنها «تحيط بالموصل القديمة من كل مكان، وقد شرعت بالهجوم من جميع الاتجاهات». ودعا المنشور المواطنين إلى «الابتعاد عن الظهور في الأماكن المفتوحة و(...) استغلال أي فرصة تسنح أثناء القتال ستوفرها القوات والتوجه إليها، تفاديا لاستغلالكم كدروع بشرية».
وأعلنت الأمم المتحدة الجمعة أن أكثر من مائة ألف مدني عراقي محتجزون لدى مسلحي تنظيم داعش كدروع بشرية في الموصل القديمة. بدورها، حذرت «لجنة الإنقاذ الدولية» في بيان أول من أمس من المخاطر الكبيرة التي تواجه المدنيين الذين يعانون أصلا من الصدمة. وقالت ممثلة اللجنة في العراق نورا لوف: «ستكون مرحلة مرعبة لنحو مائة ألف شخص ما زالوا عالقين في المدينة القديمة بالموصل، ومعرضون حاليا لخطر المحاصرة في قتال الشوارع العنيف المرتقب». وأضافت: «يجب على كل من قوات التحالف الدولي والقوات العراقية بذل كل الجهد للحفاظ على أمن المدنيين خلال هذه المراحل النهائية من معركة الموصل». من جهتها، أعربت منظمة «سيف ذا تشيلدرن» عن قلقها حيال مصير نحو 50 ألف طفل، أي ما يعادل نصف عدد المدنيين المحاصرين. وقالت آنا لوكسين من المنظمة إن هؤلاء الأطفال «يعانون من نفاد الغذاء والماء، ويواجهون العنف أينما توجهوا»، مضيفة: «من المرجح أن يكون تأثير المدفعية والأسلحة المتفجرة أكثر فتكا وعشوائية، ما يجعل الأطفال الضعفاء أكثر عرضة للخطر».
وعلى بعد مئات الأمتار فقط من القتال العنيف، تجمع عدد من المدنيين الذين يختبئون من حرارة الشمس أكثر من قذائف الهاون التي تتساقط في الحي. وقال نبيل حامد خطاب (56 عاما)، والذي لم يرف له جفن عند سقوط قذيفة هاون: «لقد نزحنا إلى مخيم في حمام العليل عندما تحرر الحي، لكن المنازل تعرضت للنهب، ولذلك عدنا لحماية ممتلكاتنا».
وتوقع عسكريون أن يكون القتال صعبا للغاية، وأن المعارك قد تستمر لأسابيع. وتنظيم داعش محاصر من ثلاث جهات من قبل القوات الأمنية، ومن الجهة الرابعة من نهر دجلة، لذا فلا إمكانية للفرار.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.