«حزب الله» يدفع لحسم «الجرود اللبنانية» قبل نهاية الصيف

تسهيلات لعودة 11 ألف سوري... ووزير النازحين اللبناني: الأمم المتحدة أسلم وأفضل

صورتان نشرهما «حزب الله» تظهران مدنيين سوريين يعودون إلى عسال الورد في القلمون الغربي الأسبوع الماضي
صورتان نشرهما «حزب الله» تظهران مدنيين سوريين يعودون إلى عسال الورد في القلمون الغربي الأسبوع الماضي
TT

«حزب الله» يدفع لحسم «الجرود اللبنانية» قبل نهاية الصيف

صورتان نشرهما «حزب الله» تظهران مدنيين سوريين يعودون إلى عسال الورد في القلمون الغربي الأسبوع الماضي
صورتان نشرهما «حزب الله» تظهران مدنيين سوريين يعودون إلى عسال الورد في القلمون الغربي الأسبوع الماضي

يدفع «حزب الله» اللبناني بقوة نحو حسم وضع الحدود اللبنانية - السورية، في منطقة جرود عرسال، التي تسيطر عليها تنظيمات متطرفة كـ«داعش» و«جبهة النصرة»، بالإضافة إلى بعض فصائل معزولة من المعارضة السورية المسلحة. وقالت مصادر لبنانية في قوى «8 آذار» التي تضم الحزب وحلفائه أنه اتخذ قراراً بالحسم قبل نهاية الصيف لتصبح الحدود السورية - اللبنانية من البحر وحتى الجنوب تحت سيطرته والنظام السوري. لكن وزير شؤون النازحين اللبناني معين المرعبي أكد أن لبنان الرسمي «بعيد تماما عن العملية ولا يتحمل مسؤولية أرواح العائدين»، مشككاً بوفاء النظام بتعهداته.
وبموازاة رفع عصا العملية العسكرية - الأمنية، يرمي الحزب بـ«جزرة» التسويات لإفراغ المنطقة الحدودية من أكثر من 10 آلاف نازح سوري من سكان قرى وبلدات القلمون الغربي التي سيطر عليها النظام والحزب هذا العام. ويقدم الحزب بموافقة النظام السوري تسهيلات للعائدين تتضمن شمولهم بالعفو العام (السوري) وتخفيف الإجراءات الأمنية، وتلك المتعلقة بالخدمة العسكرية الإلزامية.
وقالت مصادر في قوى «8 آذار» اللبنانية أنه بعد سقوط معظم المناطق الحدودية في القلمون الغربي بيد النظام السوري و«حزب الله»، لم يعد لدى «سرايا أهل الشام» القدرة على متابعة القتال، وعرضوا عبر وسطاء أن ينسحبوا من المنطقة التي يسطرون عليها في الأراضي اللبنانية من دون قتال، كما عرضوا أن يتواصلوا مع التنظيمات الأخرى في المنطقة وفي مقدمتها جبهة النصرة للهدف نفسه، وأوضحت المصادر أن معارك جوبر وبرزة عرقلت الأمور، بعدما وجد المسلحون بارقة أمل في تحقيق إنجاز ما، فتوقفت المساعي إلى أن تحركت مؤخرا بمبادرة من «سرايا أهل الشام» أيضاً.
وأشارت المصادر إلى أن عودة المفاوضات أثمرت اتفاقا على خطوة تجريبية تمثلت بعودة 50 عائلة (162 شخصا) إلى قراهم في القلمون الغربي، وهي مناطق لم يطلها التدمير ولم تشهد معارك قاسية». وكان شرط «حزب الله» والنظام متمثلاً بعدم حمل السلاح، وبأن تتم العودة إلى الأراضي السورية بمواكبة من «حزب الله» وبموافقة النظام، مشيراً إلى أن النظام بدأ تقديم تسهيلات، منها، إعادة الخدمات الأساسية إلى المنطقة من كهرباء وشبكات مياه وتأهيل طرقات.
وكشف المصدر أن نجاح التجربة الأولى دفع بالإعداد إلى دفعة ثانية سوف تغادر خلال أيام عيد الفطر، تتمثل بنحو 600 شخص سيغادرون إلى قراهم، على أن تليها دفعات جديدة في المستقبل القريب، كاشفا عن تعهدات أطلقها النظام بعدم ملاحقة العائدين، وبأن ينفذ العائدون الخدمة العسكرية الإلزامية في مناطق قريبة من مناطق سكنهم، وألا يزج بهم في الجبهات.
وأشارت المصادر إلى أن «حزب الله» تجنب الدخول إلى منطقة جرود عرسال لأسباب تتعلق بالحساسيات (الطائفية)، مشيراً إلى أن «وساطة جدية ممكن أن تنجح في إخلاء الجرود اللبنانية، خصوصا أن موقف المسلحين ضعيف لجهة أن دفاعاتهم ضعيفة ومناطقهم معزولة». أما في حال لم تنجح الوساطات، فالأمر بالنسبة إلى الحزب - تقول المصادر - محسوم لجهة الإصرار على إنهاء وضع الحدود مع سوريا قبل الشتاء، وبالتالي قد تكون هناك معركة للسيطرة على الجرود بعد شهر رمضان وقبل نهاية الصيف. وأوضحت المصادر أن وضع الحدود من منطقة تلكلخ وصولا إلى البحر هي تحت سيطرة الجيش (النظامي) السوري، فيما بقية الحدود من القصير وصولا إلى الزبداني هي تحت سيطرة مشتركة مع حزب الله».
وقالت مصادر أمنية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش اللبناني لم يتدخل في عملية التفاوض، ولا في التسهيلات اللوجيستية، موضحة أن دور الجيش يقتصر على مواكبتهم من بعيد لضمان عدم حصول أية خروقات، مشيرة إلى أن ثمة 11 ألف نازح سوري يقيمون في 40 إلى 50 مخيما تنتشر المنطقة الحدودية قرب عرسال خارج إطار سيطرة الجيش اللبناني، وأن هذه المخيمات تعاني من أوضاع صعبة، كما أنها مناطق تهديد محتملة بسبب تداخل وجود بعض المسلحين مع المدنيين فيها.
في المقابل، تحفظ وزير شؤون النازحين اللبناني على العملية. وقال الوزير المرعبي لـ«الشرق الأوسط»: «حزب الله» هو في الأساس من هجر هؤلاء ودمر منازلهم، فاضطروا للنزوح إلى لبنان، وهذا أمر ليس للبنان ولا شعبه أي علاقة به». وشدد الوزير اللبناني على أن قضية اللاجئين السوريين وعودتهم إلى بلادهم هي مسألة من صلب اختصاص الأمم المتحدة ومؤسساتها، «فنحن (لبنان) لا نتواصل مع نظام نعتبره مجرما وقاتلا ومسؤولا عن قتل أكثر من 500 ألف سوري وتهجير أكثر من 5 ملايين»، معتبرا أن «هذا النظام غير جدير بالثقة، وليس معروفا عنه احترام المواثيق والتعهدات التي يطلقها، ولا يمكن لنا أن نكون مسؤولين عن أي ارتكابات يقوم بها بحق العائدين، فنحن لا ثقة لدينا بأي شكل من الأشكال بأنه لن يتم التعرض إليهم، ولا نتحمل مسؤولية أرواحهم»، مفضلا أن يتولى الأمر «مجلس الأمن الدولي والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة فهذا أسلم وأفضل».
وأشار إلى أن أي عمل خارج هذا الإطار نحن غير معنيين به ولا بنتائجه، وهو من واجبات الأمم المتحدة، خصوصا أننا نعتمد على الأمم المتحدة حتى في أمور اللاجئين الموجودين في لبنان، ولن نثق بميليشيات لا تلتزم أية عهود أو مواثيق.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».