منظمة دولية: يمني من كل مائتين يشتبه في إصابته بالكوليرا

تحذيرات متواصلة من مغبة استمرار تفشي الوباء

مرضى يشتبه بأنهم مصابون بالكوليرا يتلقون العلاج في مستشفى بعدن (واس)
مرضى يشتبه بأنهم مصابون بالكوليرا يتلقون العلاج في مستشفى بعدن (واس)
TT

منظمة دولية: يمني من كل مائتين يشتبه في إصابته بالكوليرا

مرضى يشتبه بأنهم مصابون بالكوليرا يتلقون العلاج في مستشفى بعدن (واس)
مرضى يشتبه بأنهم مصابون بالكوليرا يتلقون العلاج في مستشفى بعدن (واس)

حذرت منظمتان طبيتان دوليتان من مغبة وباء الكوليرا في اليمن. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، في بيان لها إن «واحدا من كل مائتي يمني يشتبه في إصابته بوباء الكوليرا، وإن عدد الحالات التي يشتبه في إصابتها في أرجاء البلاد بلغت 124 ألفاً قبل يومين»، مع تجاوز عدد الذين لقوا حتفهم نتيجة الإصابة بالمرض وهم 900 شخص.
وتعاني المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الانقلاب من انتشار الأوبئة نتيجة غياب مؤسسات الدولة التي نهبوها منذ اجتياحهم العاصمة أواخر سبتمبر (أيلول) 2014.
وأشارت منسقة الخدمات الصحية للجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن ماريا ديل بيلار إلى أنه خلال الأسبوع الماضي سُجلت أكثر من 5 آلاف حالة اشتباه جديدة يومياً.
من ناحيتها، حذرت منظمة رعاية الأطفال من وباء الكوليرا الذي يجتاح اليمن، خارجاً عن السيطرة ويتسبب في إصابة طفل واحد على الأقل في كل دقيقة.
وقالت المنظمة في بيان، أمس، إن معدلات الإصابة ارتفعت 3 أضعاف خلال الأسبوعين الماضيين، وإن 46 في المائة من الحالات الجديدة البالغة 5.477 حالة المشتبه في إصابتها بالكوليرا أو الإسهال المائي الحاد، من الأطفال دون سن الخامسة عشرة... «وهذا يعني أن 106 أطفال يصابون بالعدوى كل ساعة، أو طفل واحد كل 35 ثانية».
وكان «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» أعلن إرسال السعودية مساعدات تكفي لعلاج 50 ألف مصاب بالكوليرا، بمبالغ تجاوزت 8.2 مليون دولار.
كما قالت المنظمة إن أكثر من 30 شخصا يموتون كل يوم جراء المرض؛ بينهم أطفال، وإنه من المتوقع أن يموت آلاف آخرون، وإن عدد الحالات المصابة قد يصل إلى 300 ألف شخص في الأشهر المقبلة؛ حيث إن أكثر من مليوني طفل مصابون بسوء التغذية الحاد، وهم أكثر عرضة للمرض نظراً لضعف أجهزتهم المناعية غير القادرة على مقاومة المرض.
وتقول المنظمة إن اليمن يقبع تحت قبضة وباء كامل، بيد أن علاج الكوليرا يعد سهلاً وغير مكلف في حال تلقي المرضى للعلاج الذي يحتاجونه. وتضيف المنظمة أن «البنية التحتية المتضررة وانعدام الأمن الغذائي والاقتصاد المتهالك والحرب المستمرة، تعني أن لا يجد المرضى العلاج الذي يحتاجونه في ظل ازدحام المستشفيات ونقص الأدوية فيها. كما يعد الوضع في المناطق النائية من البلاد أكثر سوءاً، وبشكل خاص حيث الخدمات الصحية ضئيلة أو معدومة، فظروف الحرب واقتراب حدوث المجاعة والانهيار الكامل للخدمات الاجتماعية الأساسية، بما في ذلك وسائل المواصلات مقبولة التكلفة والمياه النقية، تفاقم من شدة انتشار المرض».
وتابع البيان: «ليس بإمكان النظام الصحي في اليمن التعامل مع الأعداد الكبيرة من المرضى الذين يحضرون بأعراض مرضية كالإسهال والتقيؤ والجفاف. إن وباء الكوليرا معدٍ، وينتشر بسرعة، لأن المستشفيات لا تعمل بكامل طاقتها، في الوقت الذي تم فيه استهداف بعضها من قبل أطراف الصراع».
وقال غرانت بريتشارد، المدير القطري لمنظمة رعاية الأطفال في اليمن: «المرض والجوع والحرب، تسببت في عاصفة كاملة من الكوارث على الشعب اليمني؛ حيث يقف اليمن - أفقر بلدان المنطقة - على شفا الانهيار الكامل، ويموت الأطفال بسبب عدم تلقيهم الرعاية الصحية الأساسية».
وتدعو منظمة رعاية الأطفال إلى الزيادة في التمويل الطارئ. وقالت: «لقد حان الوقت للعالم أن يتخذ إجراءات فاعلة قبل أن يموت آلاف الصبيان والبنات اليمنيين جراء مرض يمكن الوقاية منه بشكل كامل».
وحتى 12 يونيو (حزيران) 2017 كانت هناك 129.185 حالة مشتبه بإصابتها بالكوليرا أو الإسهال المائي، و924 حالة وفاة مسجلة في 20 محافظة، و257 مديرية متأثرة. وهناك وفيات في مناطق نائية لا يمكن الوصول إليها بسبب انعدام الأمن - وفقا للبيان - كما كانت هناك 5.470 حالة اشتباه جديدة في اليوم الواحد خلال الأسبوع الماضي.
ويبلغ إجمالي عدد السكان المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن 18.8 مليون شخص، أو 70 في المائة من إجمالي عدد السكان، بينهم 10.3 مليون طفل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.