الحكومة التونسية تطلق جهازاً للشرطة البيئية

في إطار جهودها لمكافحة الفساد

الحكومة التونسية تطلق جهازاً للشرطة البيئية
TT

الحكومة التونسية تطلق جهازاً للشرطة البيئية

الحكومة التونسية تطلق جهازاً للشرطة البيئية

أعطى يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، أمس بقصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية، إشارة البدء في إطلاق جهاز الشرطة البيئية، وهو جهاز أمني جديد، مكلف برصد المخالفات البيئية المتعلقة بالاعتداء على الثروات الطبيعية، وضبط المخالفات التي يرقى البعض منها إلى رتبة جريمة.
وقال الشاهد إن هذا الجهاز الرقابي الجديد يندرج ضمن سياسة الحكومة في محاربة الفساد بأنواعه، موضحاً أنها سياسة حكومية وليست مجرد حملة استثنائية كما يتم الترويج لها من قبل البعض، وأشار في هذا السياق إلى أن الحرب على الفساد «ترتكز على سياسة كاملة ستتأكد فاعليتها، وسنعلن عن اعتقالات جديدة كلما استوجب الأمر ذلك»، مشددا على أن الحكومة ستخوض الحرب على الفساد إلى آخر مطاف.
ويعتبر جهاز الشرطة البيئية من بين الأجهزة الأمنية الجديدة، المثيرة للجدل، وسيعمل هذا الجهاز على مراقبة مختلف الاعتداءات على الملك العمومي بأنواعه، ورصد المخالفات التي قد تكون وراءها ولاءات سياسية أو اختلالات وظيفية نتيجة تلقي رشاوى. وقد تم إقرار إحداث سلك للشرطة البيئية بعد تفاقم الاعتداءات المتواصلة على المحيط والبيئة، وانتشار الفضلات والأوساخ في كامل البلاد منذ سنة 2011.
ووفق القانون المنظم لعمل الشرطة البيئية، فإن مهامها تتمثل في تحرير مخالفات ضد كل من يلقي بالفضلات في الطريق العام، أو في غير الأماكن المخصصة لها أو حرقها، سواء من قبل الأشخاص أو الشركات. وتتوسع مجالات تدخلها لإعلام المصالح الحكومية بكل أشكال التجاوز البيئي، خاصة منها البناء فوق الأراضي التابعة لملك الدولة، والاعتداءات المتكررة على الملك العمومي البحري. ويحدد ذات القانون غرامة مالية تتراوح قيمتها بين 300 دينار (120 دولاراً) وألف دينار (نحو 400 دولار) في حال انتهاك القواعد الخصوصية للصحة والنظافة العامة. ويمنع بمقتضى هذا القانون «الإلقاء العشوائي للنفايات المنزلية، أو المتأتية من المنشآت والمؤسسات والمحلات المخصصة لممارسة الأنشطة الحرفية والسياحية، أو وضعها في حاويات غير مطابقة للمواصفات التي تحددها الجماعات المحلية المعنية أو في الأماكن غير المخصصة لها».
وأوضح رياض المؤخر، وزير الشؤون المحلية والبيئة، أن الشرطة البيئية سيكون لها دور تحسيسي وتوعوي في هذه المرحلة التجريبية، التي تدوم لنحو شهر، وستتولى تحرير المخالفات البيضاء، وستنطلق في العمل بـ34 بلدية في تونس الكبرى، على أن تعمم التجربة في بقية المناطق في 15 يوليو (تموز) المقبل.
وبشأن دور الشرطة البيئية وإمكانية تداخله مع أسلاك أمنية أخرى، قال مختار الهمامي مدير عام الجماعات المحلية، إن الشرطة البيئية «جهاز مستقل تماما عن وزارة الداخلية، ولن يكون هناك تداخل بينه وبين الشرطة التابعة للبلديات أو رجال الأمن»، مؤكداً أن الزيادة الملحوظة في عدد المخالفات والاعتداءات على البيئة، هي التي دفعت إلى تشكيل الشرطة البيئية، ودعا إلى خلق محاكم مختصة في البت في قضايا البيئة، وتركيز نظام قضائي رقابي لمعالجة مجمل المخالفات المرتكبة.
ومن جهته، اتهم عز الدين العمري رئيس النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي بصفاقس (وسط شرقي)، الشرطة البيئية بكونها جهاز أمن موازياً، وقال إن هذا السلك الجديد من الشرطة متهم بانتحال صفة لأنه لا علاقة له بجهاز الأمن المتعارف عليه، واعتبر تعيين أمنيين لم يتلقوا تكوينا أمنيا في المدارس الأمنية مخالفا للقانون، وأضاف موضحا أن المشكلة لا تكمن في الجهاز ولا في تسميته، ولكن في طريقة الانتداب، باعتبار أنه شمل أشخاصا لا يتمتعون بتكوين أمني، وأعمارهم تتراوح بين 40 و50 سنة.
من جانبه، دعا محمد الولهازي رئيس نقابة الشرطة البلدية، إلى تغيير اسم الشرطة البيئية؛ لأنه لا يمكن إطلاق اسم شرطة على غير المتخرجين من مدارس أمنية وعسكرية، وقال إنه كان من الأجدى دعم قطاع الشرطة البلدية المقدر عددهم بـ1200 موزعين على كامل التراب التونسي، وقال إن مبلغ 8.3 مليون دينار (3.4 مليون دولار) المخصص لإحداث هذا السلك بإمكانه أن يحدث ثورة في سلك الشرطة البلدية التي ستتداخل مهامها لاحقاً مع الشرطة البيئية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.