انطلاق الحوار السياسي بين تركيا والاتحاد الأوروبي بعد قطيعة وتوتر

الإعفاء من التأشيرة بموجب اتفاق اللاجئين يتصدر أجندة أنقرة

انطلاق الحوار السياسي بين تركيا والاتحاد الأوروبي بعد قطيعة وتوتر
TT

انطلاق الحوار السياسي بين تركيا والاتحاد الأوروبي بعد قطيعة وتوتر

انطلاق الحوار السياسي بين تركيا والاتحاد الأوروبي بعد قطيعة وتوتر

بعد فترة طويلة من التوتر والجمود في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، انطلقت أولى جولات الحوار السياسي أمس، لبحث إزالة العقبات التي اعترضت العلاقات ورفع مستوى التعاون بين الجانبين.
ويتناول الطرفان في اجتماعهما الأول، الذي انطلق أمس في بروكسل، مفاوضات انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، والتعاون في مجال الطاقة والأمن والهجرة ومكافحة الإرهاب.
كما تشمل الموضوعات المدرجة على أجندة الاجتماع رفع تأشيرة الدخول عن المواطنين الأتراك الراغبين في زيارة منطقة شنغن الأوروبية، وتحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، وظاهرة الإسلاموفوبيا.
ويمثل الجانب التركي في الاجتماع وكيل مستشار وزارة شؤون الاتحاد الأوروبي سليم ينل، ومساعد مستشار وزارة الخارجية محمد كمال بوزاي، وفاروق كايماكجي السفير التركي الدائم لدى الاتحاد الأوروبي. ومن الجانب الأوروبي، أعضاء وكبار موظفي المفوضية الأوروبية لسياسة الجوار وشؤون التوسعة. ومن المنتظر أن يعقد الجانبان اجتماعات على المستوى الوزاري بعد انتهاء اجتماعات الحوار السياسي.
وشهدت العلاقات التركية - الأوروبية توترا حادا خلال فترة الاستفتاء على تعديل الدستور للانتقال إلى النظام الرئاسي الذي أجري في تركيا في 16 أبريل (نيسان) الماضي، حيث منعت بعض الدول الأوروبية الوزراء الأتراك من اللقاء مع الجاليات التركية في بلدانهم.
لكن بوادر تحسين العلاقات والعودة إلى مسار المفاوضات ظهرت على خلفية لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي في بروكسل على هامش اجتماعات قمة حلف الناتو في 25 مايو (أيار) الماضي، التي أعلن إردوغان بعده أن الاتحاد الأوروبي منح مهلة لتقييم العلاقات مع تركيا من خلال جدول زمني مدته 12 شهرا.
ومن شأن هذه المناقشات أن تمهد السبيل أمام عقد اجتماعات رفيعة المستوى على المستوى الوزاري لاجتماعات الحوار السياسي والطاقة والاقتصاد، من المنتظر أن تبدأ في يوليو (تموز) المقبل، بحسب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو. وتتوقع أنقرة مناقشة إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي، لكن الاتحاد الأوروبي أوضح أن هناك 72 معيارا لوضع الصيغة النهائية لاتفاقية اللاجئين وإعادة قبول المهاجرين الموقعة مع تركيا في 18 مارس (آذار) 2016 فيما يخص تأشيرة شنغن. وفشلت أنقرة في تلبية خمسة من المعايير، في مقدمتها تغيير قوانين مكافحة الإرهاب التي يقول الاتحاد الأوروبي إنها تستخدم لقمع المعارضين وترفض تركيا المساس بها. كما يبحث المسؤولون خلال الاجتماع الأول الوضع الحالي لمحادثات رفع مستوى اتفاقية الاتحاد الجمركي حول السلع الصناعية بتوسيعها إلى المنتجات الزراعية والخدمات والمشتريات العامة. وأبلغت المفوضية الأوروبية المجلس الأوروبي أواخر العام الماضي أنها مستعدة للتفاوض مع تركيا. وطالبت أنقرة بفتح الفصلين 23 و24 من بين 35 فصلا تجرى على أساسها المفاوضات لنيل عضوية الاتحاد لم يفتح منها سوى 15 فصلا في 12 عاما. ويتعلق الفصلان 23 و24 بسيادة القانون والحقوق الأساسية في إطار مفاوضات الانضمام، ولكن بروكسل ترددت في مواصلة المحادثات بسبب مخاوف بعض الدول الأعضاء بشأن حالة الحقوق الأساسية في تركيا، لا سيما بعد حملات الاعتقالات والإقالات وإغلاق المؤسسات وحبس الصحافيين عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا العام الماضي.
وقالت الممثلة الأعلى للشؤون السياسة والأمنية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، إن «المعايير واضحة جدا ومعروفة، وإذا كانت تركيا مهتمة بالانضمام، كما قال لنا وزير الخارجية التركي، فهو يعلم جيدا ما ينطوي عليه ذلك، لا سيما في مجال حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية والحريات». وتنتقد أنقرة موقف الاتحاد الأوروبي من أنشطة حزب العمال الكردستاني، وكذلك من أتباع فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة.
في السياق ذاته، رأى رئيس اتحاد رجال الأعمال والصناعيين الأتراك إرول بيلجيك، وهو من كبرى منظمات الأعمال في تركيا، أنه يجب على أنقرة أن تلتزم بعملية المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي في المجالات الاقتصادية والأمنية والديمقراطية، مشددا على الحاجة إلى إصلاحات هيكلية شاملة في هذه المجالات في تركيا. وقال بيلجيك، في تصريحات أمس، إن تركيا بدأت تشهد تحسنا رئيسيا في مؤشراتها الاقتصادية بعد عام صعب. ودفع انتعاش النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي إلى زيادة الطلب على صادرات تركيا. ومؤخرا، بدأنا نشهد الإسهام الإيجابي للصادرات، التي تتأثر بالأساس بالطلب المتزايد من الاتحاد الأوروبي.
وكان معدل نمو الاقتصاد التركي سجل 5 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، متجاوزا المؤشرات العالمية، في مفاجأة للأسواق أرجعتها الحكومة وخبراء اقتصاديون إلى الزيادة في الصادرات. في موازاة ذلك، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن أمن دول الاتحاد الأوروبي مرتبط بشكل مباشر بأمن تركيا وبلغاريا، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة أمس الثلاثاء مع نظيره البلغاري بويكو بوريسوف. وأضاف يلدريم أن الاتحاد الأوروبي مطالب باتخاذ قراراته بناءً على حقيقة أن أمنه مرتبط بشكل مباشر بأمن تركيا وبلغاريا. وأشار إلى أن أهمية العلاقات الجيدة بين تركيا والاتحاد تزداد بشكل أكبر مع استمرار تدهور الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
ودعا دول الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة سياساتها تجاه تركيا، وتصحيح المواقف التي تبنتها خلال الفترة التي سبقت الاستفتاء على تعديل الدستور في بلاده.



بكين تُعزز انتشارها العسكري حول تايوان

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
TT

بكين تُعزز انتشارها العسكري حول تايوان

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

عزّزت الصين انتشارها العسكري حول تايوان خلال الساعات الـ24 الماضية، مع إرسالها 53 طائرة عسكرية و19 سفينة، وفق ما أفادت به، الأربعاء، سلطات الجزيرة، واصفة بكين بأنها «مثيرة مشاكل».

وتُعدّ الصين تايوان جزءاً من أراضيها، وتؤكد عزمها على إعادة ضمها مستقبلاً، حتى لو بالقوة.

وتعود جذور النزاع بين تايوان والصين إلى عام 1949، عندما فرّت القوى القومية بقيادة تشانغ كاي تشيك إلى الجزيرة، إثر هزيمتها في برّ الصين الرئيس أمام القوى الشيوعية، بقيادة ماو تسي تونغ.

حاملة الطائرات الصينية «لياونينغ» ومجموعتها القتالية خلال تدريبات في أكتوبر 2024 (موقع الجيش الصيني)

وقالت تايوان، الأربعاء، إنها رصدت خلال الـ24 ساعة الماضية 53 طائرة عسكرية صينية و19 سفينة حول الجزيرة، في إطار تنفيذ الجيش الصيني أكبر انتشار بحري له منذ سنوات.

وقالت وزارة الخارجية التايوانية في بيان: «تُولّد هذه التصرفات حالة من عدم اليقين وأخطاراً في المنطقة، وتتسبب في اضطرابات للدول المجاورة، وتؤكد أن الصين مثيرة مشاكل تُهدد السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن الولايات المتحدة تراقب الوضع، وستضمن «ألا يقوم أحد بأي شيء لتغيير الوضع القائم في مضيق تايوان».

وأضاف، الأربعاء، لصحافيين في قاعدة أميركية في اليابان: «نقولها مجدداً، سياستنا لم تتغير. سنواصل بذل كل ما في وسعنا لمساعدة تايوان في الحصول على وسائل للدفاع عن نفسها».

وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان: «إن الطائرات والسفن، وبينها 11 سفينة حربية، رصدت خلال فترة 24 ساعة انتهت في الساعة السادسة صباحاً (22.00 ت.غ الثلاثاء)».

لقطة من فيديو للجيش الصيني تُظهر ضابطاً ينظر للأفق عبر منظار مكبر على متن قطعة بحرية (أرشيفية - الجيش الصيني)

وهذا أعلى عدد من الطائرات والسفن الصينية التي ترصدها تايوان منذ المناورات العسكرية التي نظمتها بكين في أكتوبر (تشرين الأول) ردّاً على خطاب الرئيس لاي تشينغ تي، في العيد الوطني لتايوان قبل أيام من ذلك. وعند انتهاء تلك المناورات، رُصِد عدد قياسي، بلغ 153 طائرة صينية، في يوم واحد قرب الجزيرة، إضافة إلى 14 سفينة صينية.

والثلاثاء، أعلنت تايوان أنها رصدت حول الجزيرة خلال الساعات الـ24 الماضية 47 طائرة عسكرية، و12 سفينة حربية صينية، وذلك بعيد أيام من انتهاء جولة خارجية قام بها الرئيس التايواني لاي تشينغ تي، وأدانتها بكين بشدّة.

جنود من الجيش الصيني خلال التدريبات (أرشيفية - موقع الجيش الصيني)

وفي المجموع، نشرت بكين نحو 90 سفينة على مساحة أوسع، في مياه بحر الصين الشرقي والجنوبي، وكذلك في مضيق تايوان الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيس للصين، فيما وصفته تايبيه بأنها من كبرى المناورات البحرية منذ سنوات.

وقامت هذه السفن (60 سفينة حربية، و30 أخرى تابعة لخفر السواحل الصينيين) بمحاكاة مهاجمة سفن أجنبية، وتعطيل طرق شحن في المياه المحيطة بتايوان «لرسم خط أحمر» قبل تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وفق ما أوضح مسؤول أمني تايواني.

ولم يُعلن الجيش الصيني ووسائل الإعلام الحكومية الصينية عن زيادة النشاط في هذه المناطق.

لكن ناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية صرّحت، الثلاثاء، بأن الصين «ستدافع بقوة» عن سيادتها.

مقاتلة تظهر خلال دورية الاستعداد القتالي والتدريبات العسكرية حول جزيرة تايوان التي نفذها الجيش الصيني (أرشيفية - أ.ب)

وتأتي هذه المناورات بعد أيام من انتهاء جولة قام بها الرئيس التايواني، وشملت منطقتين أميركيتين هما هاواي وغوام، وأثارت غضباً صينياً عارماً، وتكهّنات بشأن ردّ محتمل من جانب بكين.

وكانت جولة لاي في المحيط الهادئ أول رحلة خارجية له منذ تولّيه منصبه في مايو (أيار).

وخلال جولته، أجرى لاي مكالمة هاتفية مع رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، ما أثار غضب بكين.

وتتهم الصين لاي، مثل الرئيسة السابقة تساي إنغ وين، بالرغبة في تعميق الانفصال الثقافي مع القارة، منددة بالتصرفات «الانفصالية».

وتايوان التي تحظى بحكم ذاتي تُعدها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وتعارض أي اعتراف دولي بالجزيرة، وكونها دولة ذات سيادة.

وبكين، التي تعارض أيّ اتصال رسمي بين تايبيه ودول أجنبية، دانت «بشدة» جولة لاي، وحضّت الولايات المتحدة على «التوقف عن التدخل في شؤون تايوان».

وكذلك، حذّرت بكين تايوان من أي محاولة «تهدف إلى الاستقلال بمساعدة الولايات المتحدة»، مؤكدة أنها «ستفشل».