قبرص تنسق استخراج وتصدير النفط والغاز مع اللبنانيين

رئيسها دعا لبنان للمشاركة في اجتماع ثلاثي إلى جانب اليونان

وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل خلال لقائه بنظيره القبرصي يوانس كاسوليديس في بيروت أمس (أ.ب)
وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل خلال لقائه بنظيره القبرصي يوانس كاسوليديس في بيروت أمس (أ.ب)
TT

قبرص تنسق استخراج وتصدير النفط والغاز مع اللبنانيين

وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل خلال لقائه بنظيره القبرصي يوانس كاسوليديس في بيروت أمس (أ.ب)
وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل خلال لقائه بنظيره القبرصي يوانس كاسوليديس في بيروت أمس (أ.ب)

تصدر ملف استخراج النفط والغاز من المياه اللبنانية قائمة الملفات التي طرحها الرئيس القبرصي نيكوس إنستاسيادس خلال زيارته الرسمية إلى بيروت، وسط تقديرات بأن تتولى قبرص مهام التنسيق حول الاستخراجات النفطية من شرق المتوسط، وتمر عبر مياهها الإقليمية أنابيب التصدير، على ضوء التواصل المفقود بين لبنان وإسرائيل، وغياب أي علاقة بينهما.
وطرح ملف النفط في اجتماعين عقدهما رئيس قبرص مع الرئيس اللبناني ميشال عون أول من أمس، ومع رئيس البرلمان نبيه بري أمس، إلى جانب لقاءين؛ جمع الأول وزير الطاقة القبرصي مع وزير الطاقة اللبناني، ووزير الخارجية القبرصي مع وزير الخارجية اللبناني.
وقال بري بعد لقائه الرئيس القبرصي، أمس، إن الطرفين «ناقشا أموراً كثيرة تتعلق بالجزيرة وبأمن المنطقة». كما أشار إلى «أننا ركزنا في حديثنا على موضوع النفط والمنطقة الاقتصادية بالنسبة إلى البحر والثروة النفطية، وما تحاول إسرائيل أن تنتزعه، سواء منا أو من الإخوة في قبرص، واتفقنا على أن يكون هذا الموقف موحداً، وأن نسعى لنعمل معاً، وتبقى علاقاتنا دائماً فوق كل المصالح».
ويفترض أن يفض لبنان عروض الشركات التي تقدمت بطلب التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية في سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك بعد أن فتح البرلمان اللبناني دورة التراخيص في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. لكن هناك عقبات أخرى تتمثل في حاجة الشركات إلى ضمانات دولية بعدم استهداف منشآتها من قبل إسرائيل في أي تطور عسكري لاحق بين البلدين، كما تتعلق بخطوط تصدير الطاقة بعد استخراجها، واشتراك لبنان بالأنبوب الذي يمر عبر قبرص ويصل إلى تركيا.
وقالت مصادر دبلوماسية مواكبة لحركة الوفد القبرصي في بيروت إن الحكومة اللبنانية تجري مباحثات منذ وقت طويل مع قبرص واليونان، في محاولة للتوصل إلى اتفاق يتيح للبنان الاستفادة من نفطه وغازه، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الدول الثلاث لم تجد بعد الحلول الكاملة، ولذلك تتواصل الاجتماعات والاتصالات، وسيكون الاجتماع الثلاثي بين لبنان وقبرص واليونان قريباً في هذا الاتجاه.
وكان رئيس قبرص قد وجه إلى الرئيس عون دعوة للانضمام إلى الاجتماع الثلاثي الذي سيعقد في قبرص، إلى جانب رئيس وزراء اليونان.
وقالت المصادر: «الاجتماعات تسعى لإيجاد حلول وقواسم مشتركة مرتبطة بخطوط تصدير الطاقة من المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية»، لافتة إلى أن «تركيا وقبرص واليونان لهم مصالح مشتركة على صعيد التوصل إلى الحلول، وهم يدركون الخصوصية اللبنانية المرتبطة بالعلاقة مع إسرائيل. أما لبنان، فيسعى أيضاً لإيجاد حلول تتيح مد الأنابيب بطريقة مناسبة للجميع، من غير أن يكون له أي علاقة مباشرة مع إسرائيل»، مشددة في الوقت نفسه على أن الموقف السياسي اللبناني «لم يتغير، ولن يطرأ عليه أي تعديل مرتبط بالموقف من إسرائيل»، التي يعتبرها لبنان دولة عدوة.
وفيما يتعلق بالحلول المقترحة لمد أنابيب الغاز والنفط اللبنانيين لتصديرهما، قالت المصادر إن تمديدها باتجاه قبرص هو من الحلول المقترحة، وبالتأكيد ستكون مستقلة عن خطوط الأنابيب الإسرائيلية، لكنها أكدت أن البحث بخصوص خطوط الأنابيب «لا تزال مبكرة لأن لبنان لم ينهخ استخراج النفط، ولم يلزم بعد الشركات بالتنقيب عنه واستخراجه»، مشددة في الوقت نفسه على «ضرورة التوصل إلى حلول تتيح استخراج الطاقة من المياه اللبنانية لأن التأخير بها يصب لصالح إسرائيل التي تستفيد من الغاز والنفط اللبنانيين».
وفي إطار المباحثات التي واكبت زيارة الرئيس القبرصي، والوفد المرافق، استقبل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وزير خارجية قبرص يوانس كاسوليديس على رأس وفد، وقال باسيل: «ناقشنا أيضاً المشاريع المستقبلية في مجال النفط والغاز، وأعربت عن استعداد لبنان لزيادة مستوى التعاون من أجل إطلاق الحوار في قطاع الطاقة بين بلدينا، وفقاً لمبادئ القانون الدولي واتفاقية قانون البحار».
ورداً على سؤال عما إذا كان الوزيران قد اتفقا على إعادة النظر في الاتفاق الموقع بين البلدين في شأن النفط والغاز، قال باسيل: «هذا الاتفاق يأتي ضمن حل يعالج عملياً كل المشكلات الموجودة على حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وهناك إشكالات متعددة مع الدول المجاورة لنا، بحرياً ونفطياً، ولبنان يتصرف في هذه المسألة حسب القانون الدولي، ويتعاطى عبر الأمم المتحدة حسب الأعراف والأصول الدبلوماسية لمعالجة أي أمر. والقضية القائمة بيننا وبين قبرص من السهل معالجتها ومقاربتها لأن العلاقات أكثر من جيدة، ويمكن معالجتها بالنظر إلى موضوع الحدود. وهناك موضوع آخر مهم يمكن أن يستفيد منه البلدان، هو تقاسم الثروات في الحقول المشتركة بيننا».
ويرى الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أن هناك مصلحة مشتركة للبنان وقبرص في إطلاق الاستخراجات النفطية، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن قبرص تعتبر أنه الوقت المناسب للاشتراك مع لبنان، والاستفادة من تصديره للنفط عبرها، بسبب إقفال الحدود السورية، وقطيعة لبنان مع إسرائيل. كما تطمح، بحسب عجاقة، للاستفادة من النفط اللبناني في القطاعات الصناعية في البتروكيماويات.
وقال عجاقة: «إن قبرص لها مصلحة أن تكون أراضيها نقطة التقاء للغاز والنفط اللبناني والإسرائيلي قبل تصديره عبر أنبوب مشترك إلى تركيا، وتسهيل استخراج النفط والغاز من البلدين»، وأعرب عن اعتقاده أن الرئيس القبرصي بسبب الموقع الجغرافي والأزمات في المنطقة «يسعى للحصول على أفضلية فيما يخص الاتفاقات التجارية مع لبنان، وما هو مرتبط بالغاز والنفط اللبنانيين».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.