لبنان: المهل الدستورية لقانون الانتخاب تحاصر القوى السياسية

لبنان: المهل الدستورية لقانون الانتخاب تحاصر القوى السياسية
TT

لبنان: المهل الدستورية لقانون الانتخاب تحاصر القوى السياسية

لبنان: المهل الدستورية لقانون الانتخاب تحاصر القوى السياسية

دخلت المهل الدستورية التي تفصل القوى السياسية اللبنانية، عن إقرار قانون جديد للانتخابات، ساعاتها الأخيرة، وبدأت المهل تحاصر هذه القوى، سواء في الحكومة التي يفترض أن تجتمع غداً الأربعاء، لإقرار مشروع القانون، أو في مجلس النواب، الذي حدد رئيسه نبيه بري يوم الجمعة المقبل جلسة فاصلة وحاسمة، إما لإقرار القانون، أو اللجوء إلى خيارات أخرى يستخدمها ضمن صلاحياته الدستورية.
ورغم الأجواء التفاؤلية التي تحدثت عن ساعات قليلة تفصل اللبنانيين عن القانون العتيد، فإن عقداً أساسية لا تزال عصية على الحلّ حتى الآن، وهي تهدد بنسف القانون برمته، والإطاحة بكل ما أنجز حتى الآن، وبحسب المعلومات فإن ممثلي الكتل النيابية المكلفين بصياغة القانون الانتخابي، اتفقوا على حلّ عقدة الصوت التفضيلي، ليكون أساس القضاء بدل الدائرة الانتخابية، لكن المشكلة ما زالت تكمن في «العتبة الانتخابية» و«عتبة المرشح» وعدد المقاعد التي تمثّل المغتربين وتحتاج إلى حلحلة.
وأعطى الخبير الدستوري النائب السابق صلاح حنين، تفسيراً لمصطلح «العتبة الانتخابية»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنها «تتمحور حول النسبة المئوية التي ينالها المرشّح ضمن اللائحة الواحدة، وما إذا كانت هذه العتبة تقف عند نيل المرشّح نسبة 10 في المائة من أصوات الناخبين أو أكثر، وهذا مقياس خاطئ». وأوضح أن «المقياس الصحيح يكون بالقاسم الانتخابي». وأعطى مثالاً على ذلك بأن «دائرة بعبدا فيها 6 نواب و200 ألف ناخب مثلاً، فيقسم عدد الناخبين على 6، وكل من يحصل على 33 ألف صوت يصبح نائباً».
وعن تفسيره لـ«عتبة المرشّح» توقع حنين، أن «تنحصر بإمكانية أن يترشّح أحد منفرداً وخارج اللوائح المقفلة». ورأى أنه «من الضروري السماح للمرشح بأن يخوض المعركة الانتخابية منفرداً، لأن مستقلين كثراً لديهم حيثية شعبية، قد توصلهم إلى الندوة البرلمانية»، مشيراً إلى أن «الصراع على الصوت التفضيلي، أكان على الدائرة أو على القضاء تعطي صورة على أحقية الشخص في الترشح منفرداً».
وفي انتقاد مبطن للصيغ المعقدة لقانون الانتخاب، نشر رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، تغريدة عبر حسابه على «تويتر» قال فيها: «النزول إلى الشاطئ نسبيا سهل كقانون الانتخاب، لكن الطلعة نسبياً أصعب وفق الصوت التفضيلي دائرة أم قضاء».
بدوره أكد وزير التربية مروان حمادة، أن «الكرة في ملعب التيار الوطني الحر بموضوع قانون الانتخاب»، مشيراً إلى أن «تمثيل المغتربين موضوع مهم جداً ولكن طريقة تمثيلهم مختلف عليها، ولا أرى ضرورة لجعله قضية خلافية»، وقال حمادة: «من لا يريد قانون الانتخاب يستطيع كل يوم أن يخرج من قبعته أرنباً، ويطالب بأمر جديد»، مشدداً على أن «انتزاع مقعد من منطقة في هذه المرحلة سيخلق مشكلات لا نهاية لها». وسأل وزير التربية: «لماذا نستفز الطائفة الشيعية اليوم بالعزل بالفراغ في مجلس النواب»، معتبراً أن «اجتماع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، أعطى الزخم اللازم للتدخل والسير بقانون الانتخاب على أمل إقراره الأربعاء».
أما عضو «كتلة المستقبل» النائب محمد الحجار، فقال: «نحن في تيار المستقبل قدمنا كل التسهيلات على قانون الانتخاب الذي كنا نرفضه سابقاً، من أجل خلق مساحة من التوافق»، مؤكداً أن «كل المعطيات تشير إلى أن القسم الأكبر من تفاصيل القانون الجديد قد تم التوافق عليها، وتبقى بعض النقاط التفصيلية التي يجب أن لا تشكل عائقا أمام خروجه». وشدد على أن «المهل تحاصر الجميع، والوقت أصبح ضيقا جدا، ولا جدوى من المطالب والشروط التعجيزية في هذه المرحلة». ودعا إلى «عقلنة الأمور لتتوافق الطروحات مع الظروف، بمعزل عن أحقية هذه الطروحات». وحول إمكانية التمديد للمجلس النيابي مرة أخرى لفت الحجار إلى أن «الرهان الوحيد الآن هو انعقاد مجلس الوزراء نهار الأربعاء (غداً)، ورفعه لمشروع القانون إلى المجلس النيابي لإقراره من دون الحديث عن السيناريوهات الأخرى».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.