الشحن البحري في قطر يواجه ورطة كبرى

لا تزال حركة الشحن البحري من وإلى قطر تعاني اضطرابا كبيرا على خلفية قرار المقاطعة العربية. وبالأمس أعلنت شركة «كوسكو» الصينية للملاحة البحرية، رابع أكبر شركات الشحن على مستوى العالم، تعليق خدمات الشحن إلى قطر، مشيرة إلى «غموض» الوضع، فيما أطلقت الدوحة خطي شحن بحري جديدين إلى الموانئ العمانية، في محاولة للتغلب على أزمتها.
وقالت عدة مصادر بقطاعي النفط والشحن البحري، أمس الاثنين، إن من المتوقع أن ترتفع تكاليف شحن الوقود والنفط الخام من قطر، بعد أن حظرت الإمارات العربية المتحدة على السفن التي توقفت في المرافئ القطرية، الرسو في الموانئ الإماراتية.
وبعد أن قطعت السعودية والإمارات ومصر ودول أخرى علاقاتها الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر الأسبوع الماضي بعد اتهامها بدعم الإرهاب، منعت الإمارات السفن التي تحمل النفط القطري من دخول الموانئ البترولية الإماراتية.
ويؤثر ذلك سلبا على سير العمليات اللوجيستية النمطية بقطاع النفط، حيث يستخدم المشترون ناقلات الخام العملاقة القادرة على حمل مليوني برميل من النفط، ويحملونها بما يصل إلى أربع شحنات مختلفة حجم الواحدة منها 500 ألف برميل، لتحقيق وفورات في التكاليف. وقالت المصادر إن المشترين يقومون في الوقت الحالي بفصل الشحنات على سفن أصغر حجما تحمل مليون برميل، للتحميل بشكل منفصل من قطر والإمارات.
وقال مصدران لـ«رويترز»، إن من المتوقع أن تزيد أسعار الشحن على الناقلات الأصغر إلى ما بين 75 و80 على المقياس العالمي (دبليو إس) بفعل ارتفاع الطلب على تلك السفن.
وتظهر بيانات شحن من «تومسون رويترز أيكون إن سي إس إس إيه»، ذراع الشحن التابعة لعملاق النفط الفرنسي «توتال»، وشركة «إس كيه إنرجي» لتكرير النفط الكورية الجنوبية، و«بي بي» أنها حجزت مؤقتا أربع ناقلات من الطراز القادر على حمل مليون برميل لتحميل نفط ومكثفات في قطر والإمارات، في النصف الثاني من يونيو (حزيران)، بأسعار تتراوح بين 67.5 و68.5 على المقياس العالمي، وهي صيغة تستخدم لحساب تكاليف الشحن. وقال تاجر يعمل من سنغافورة: «العمليات في حالة ارتباك شديد. بعض شركات التكرير تحتاج إلى إعادة ترتيب أو فصل شحناتها» على ناقلات المليون برميل الأعلى تكلفة. وقالت المصادر إن الشركات ترتب أيضا لتنفيذ عمليات نقل الشحنات الصغيرة من سفنها إلى ناقلات عملاقة في المياه، قبالة صحار بسلطنة عمان.
وقطر أحد صغار منتجي النفط في الشرق الأوسط، لكن معظم إنتاجها الذي يزيد قليلا عن 600 ألف برميل يوميا يتجه إلى آسيا. ومن بين شركاء قطر للبترول في أنشطة المنبع «توتال» و«أوكسيدنتال بتروليوم».
وقال رالف ليزيسيزنسكي، رئيس البحوث لدى «بانشيرو كوستا»: «جميعنا لا يعرف إذا ما كان هذا الموقف سيتم حله في غضون الأيام المقبلة أم أنه سيستمر لأسابيع أو أشهر». وبالإضافة إلى النفط الخام، تصدر قطر أيضا ما يتراوح بين 600 ألف و700 ألف طن شهريا من النفتا، وهي منتج نفطي يتم تكريره لإنتاج البتروكيماويات.
وقالت المصادر إن مالكي السفن يضيفون في الوقت الحالي علاوة سعرية على السفن التي تحمل وقودا قطريا إلى آسيا. وقال سمسار شحن يعمل في سنغافورة، إن ملاك السفن يضيفون 2.5 نقطة مئوية أو نحو 700 دولار يوميا على الناقلات التي تسلك هذا المسار.
وبالأمس أيضا علقت شركة «كوسكو» الصينية للملاحة البحرية خدمات الشحن إلى قطر، مشيرة إلى «غموض» الوضع بعد أن قطعت دول عربية العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، وفرضت قيودا على الموانئ. وتنضم بذلك رابع أكبر شركة في العالم للملاحة البحرية لشركة «إيفرغرين» التايوانية، وشركة «أوكل» بهونغ كونغ، في تعليق الخدمات.
وأبلغت «كوسكو» زبائنها بتعليق الخدمات من وإلى ميناء حمد القطري، في بيان نشرته في السابع من يونيو، حسبما قالت متحدثة باسم شركة «كوسكو» الأم أمس الاثنين. وقالت في البيان: «في ضوء الغموض مع تطور الموقف، ومن أجل حماية مصالح عملائنا، تعلق شركتنا ابتداء من الآن فصاعدا خدمات الشحن والتسليم لقطر».
وتعتمد قطر على استيراد حاجاتها الأساسية التي يتم نقلها برا وبحرا. وتنقل السفن الحاوية السلع الاستهلاكية ومن بينها المواد الغذائية. وسيؤدي تقليل خدمات الحاويات إلى الإضرار بقدرة قطر على التجارة.
من جانبها، أعلنت شركة «موانئ قطر» على حسابها في «تويتر» تدشين خطين ملاحيين جديدين مع سلطنة عمان، يتضمنان تسيير 3 رحلات أسبوعيا. الأول بين ميناء حمد في قطر وميناء صحار في شمال السلطنة، والثاني بين ميناء حمد وميناء صلالة في جنوبها.
ونشرت الشركة، الاثنين، تسجيلا مصورا يظهر وصول سفينة من صحار إلى الدوحة. ويبعد ميناء حمد 420 ميلا بحريا عن ميناء صحار و1131 ميلا بحريا عن ميناء صلالة. وأغلق قطع خطوط النقل الجوي والبحري والبري منافذ استيراد مهمة لقطر، البالغ عدد سكانها نحو 2.7 مليون نسمة. وبحسب مستوردين قطريين فإن آلاف الحاويات المتجهة إلى قطر ما زالت عالقة في ميناء جبل علي بدبي. وأرسلت إيران وتركيا إمدادات غذائية على متن الطائرات إلى قطر مع بحث البلد الغني بالغاز عن مصادر بديلة.
وفي غضون ذلك، قالت «ميرسك لاين»، التابعة لشركة «إيه بي مولر ميرسك»، أمس الاثنين، إنها ستقبل الحجوزات الجديدة لشحن الحاويات إلى قطر انطلاقا من سلطنة عمان.