الشرطة الاتحادية تستعيد حي الزنجيلي غرب الموصل

«الحشد» ينتظر أوامر العبادي لاقتحام تلعفر

فتاة تبكي وهي تفر مع مدنيين آخرين من معارك حي الزنجيلي غرب الموصل أمس (رويترز)
فتاة تبكي وهي تفر مع مدنيين آخرين من معارك حي الزنجيلي غرب الموصل أمس (رويترز)
TT

الشرطة الاتحادية تستعيد حي الزنجيلي غرب الموصل

فتاة تبكي وهي تفر مع مدنيين آخرين من معارك حي الزنجيلي غرب الموصل أمس (رويترز)
فتاة تبكي وهي تفر مع مدنيين آخرين من معارك حي الزنجيلي غرب الموصل أمس (رويترز)

بعد معارك شرسة استمرت أكثر من أسبوع بين القوات الأمنية العراقية ومسلحي تنظيم داعش في أزقة حي الزنجيلي في الموصل القديمة، تمكنت قوات الشرطة الاتحادية أمس من استعادة السيطرة على الحي بالكامل، والتوغل عدة كيلومترات في حي الشفاء المجاور له.
وقال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»: «حررت قطعاتنا حي الزنجيلي بعد معارك شرسة ضد إرهابيي (داعش)، أسفرت عن مقتل المئات منهم، من بينهم 49 قناصا و22 انتحاريا ودمرت قواتنا 40 دراجة نارية و27 سلاحا أحاديا مضادا لطائرات و40 عجلة مفخخة 15 مفرزة هاون، والاستيلاء على 50 منظومة اتصالات لاسلكية»، لافتا إلى أن الجهد الهندسي التابع للشرطة الاتحادية فكك 16 منزلا ملغما وفجر 150 عبوة ناسفة، و525 صاروخا متنوعا ودمر 4 معامل لتصنيع الصواريخ والعبوات الناسفة والعجلات المفخخة.
وضمن خطتها للسيطرة على الضفة اليمنى من نهر دجلة، لإحكام الطوق على مسلحي «داعش» المحاصرين في المدينة القديمة وسط الموصل، واصلت أمس قطعات الشرطة الاتحادية التوغل في حي الشفاء الاستراتيجي الذي إذا استعادت القوات العراقية السيطرة عليه ستكون قد وصلت إلى البوابة الشمالية الشرقية من المدينة القديمة التي تشير المعلومات الأمنية إلى وجود نحو 500 مسلح من التنظيم فيها، بينما تبلغ أعداد المدنيين المحاصرين فيها أكثر من 100 ألف شخص يعيشون ظروفا إنسانية صعبة.
وتمكنت الشرطة الاتحادية أمس من خلال الممرات الآمنة التي فتحتها قبل أيام من إنقاذ العشرات من العوائل الموجودة في مناطق الاشتباكات في حي الشفاء والمدينة القديمة، ونقلتهم بعجلاتها إلى الخطوط الخلفية ليُنقلوا فيما بعد إلى مخيمات النازحين المنتشرة في أطراف الموصل. وبدأ الجهد الهندسي في الشرطة الاتحادية أمس عملية واسعة لإزالة الألغام والمتفجرات والعبوات الناسفة التي زرعها مسلحو «داعش» في غالبية مناطق الحي لإعاقة تقدم القوات العراقية، وخلال عملية البحث والتطهير، عُثر على معمل كبير يحوي أجهزة حديثة لتصنيع قاذفات الصواريخ الأنبوبية وكميات كبيرة من المتفجرات والصواريخ والمقذوفات الحربية.
في غضون ذلك شنت فرقة المشاة الخامسة عشرة من الجيش العراقي وبإسناد مروحيات الجيش والقوة الجوية العراقية فجر أمس هجوما موسعا لاستعادة ناحية المحلبية شرق قضاء تلعفر، وقال ضابط برتبة مقدم في الجيش العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، مفضلا عدم الكشف عن اسمه: «باشرت قطعاتنا بتنفيذ هجوم موسع لاستعادة ناحية المحلبية، حتى الآن تمكنا من تحرير قرى زرنوك وشيخ قرة العليا، والمهافيف، ودام سنجار، وتل خيمة، والبغلة، وتقع جميع هذه القرى غرب سلسلة جبال عطشانه»، مؤكدا مقتل العشرات من مسلحي التنظيم خلال المعارك التي شهدتها هذه المناطق.
إلى ذلك، أعلنت قوات الحشد الشعبي فرض سيطرتها على كامل مناطق غرب مدينة الموصل باستثناء قضاء تلعفر. وقال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، وفق بيان لقوات الحشد، إن الأخيرة «تمكنت منذ انطلاق عملياتها العسكرية في سبتمبر (أيلول) العام الماضي ولغاية اليوم من تحرير 14 ألف كلم وتحرير 360 قرية وقضاءين»، مؤكدا «قطع أي اتصال لقواعد (داعش) مع مدينة الموصل».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المهندس أن قواته «لا تزال تنتظر أوامر رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة (حيدر العبادي) لاقتحام قضاء تلعفر».
وكانت قوات الحشد الشعبي أعلنت الأسبوع الماضي استعادة قضاء البعاج غرب الموصل من سيطرة تنظيم داعش. كما استعادت في مايو (أيار) الماضي بلدة القيروان. وتعد منطقتا القيروان والبعاج الواقعتان في محافظة نينوى، من المواقع التي تربط المحافظة بالحدود السورية والتي يتخذها المتطرفون منافذ للتواصل مع آخرين في سوريا.
وفي هذا الإطار، أكد المهندس أن «قوات الحشد الشعبي لم تقم لغاية الآن بالدخول إلى العمق السوري»، لافتا إلى أنها وصلت «قبل يومين إلى إحدى القرى الحدودية وهي تبعد كيلومترين عن سوريا». وأوضح أن «الحشد الشعبي قام بمعالجة بعض الأهداف بواسطة المدفعية».
وإلى الجنوب من الموصل، أفاد مصدر أمني عراقي بمحافظة صلاح الدين أمس بانتهاء هجوم شنه عناصر «داعش» على قضاء الشرقاط بمقتل 14 شخصا بينهم نساء وأطفال، وإصابة ثمانية بجروح، بينهم عناصر في الحشد العشائري، ومقتل 11 عنصرا من (داعش) وتدمير 3 عجلات ورفع حظر التجوال عن القضاء ظهر أمس.
وكان «داعش» قد شن الليلة الماضية هجمات على أكثر من محور بهدف تشتيت جهد القوات الأمنية العراقية ثم ركز هجومه على قرية المسيحلي جنوبي الشرقاط، وتمكن من الدخول إليها وقتل عددا من الأهالي قبل أن تتمكن القوات الأمنية والحشد العشائري من استعادة السيطرة على القرية، وقتل أو طرد عناصر «داعش».
وينطلق عناصر «داعش» في هجماتهم المتكررة على قضاء الشرقاط من شريط من القرى المحاذية للضفة الغربية لنهر دجلة، والتي ما زالت تحت سيطرته وأكبرها قرية الزوية التي حررتها القوات مرات عدة لكن عناصر «داعش» استعادت السيطرة عليها.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».