ماي تضع اللمسات الأخيرة على حكومة أقلية

رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي (إ.ب.أ)
رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي (إ.ب.أ)
TT

ماي تضع اللمسات الأخيرة على حكومة أقلية

رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي (إ.ب.أ)
رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي (إ.ب.أ)

تضع رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي اليوم (السبت) اللمسات الأخيرة على حكومة أقلية بعد فشل حزبها المحافظ في الحصول على الأكثرية في الانتخابات الأخيرة، ما سيضعف موقفها كثيرا في مفاوضات «البريكست» للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، المقرر أن تبدأ خلال عشرة أيام.
وكانت ماي دعت إلى هذه الانتخابات المبكرة لتحسين الأكثرية التي تملكها، لكن العكس هو الذي حصل، ففقد حزب المحافظين 12 مقعدا لتصبح حصته في البرلمان 318 نائبا، أي أقل بثمانية مقاعد من الأكثرية المطلوبة وهي 326 مقعدا.
وبعد هذا الفشل الذريع الذي اعتبر صفعة شخصية لماي، ارتفعت أصوات من المعارضة العمالية، وحتى في صفوف حزب المحافظين تطالبها بالرحيل. إلا أن رئيسة الحكومة تذرعت بالحاجة إلى «الاستقرار» قبل أيام من بدء مفاوضات «بريكست» لرفض فكرة التنحي، وأعلنت الجمعة عزمها على تشكيل حكومة جديدة «ستقود بشكل جيد الخروج من الاتحاد الأوروبي».
وثبتت ماي الوزراء الأساسيين في مناصبهم، وهم فيليب هاموند للمالية، وبوريس جونسون للخارجية، وديفيد ديفيس لـ«البريكست»، وامبر رود للداخلية، وفالكون فالون للدفاع. وستستكمل تشكيلتها الحكومية اليوم (السبت) تمهيدا لإعلانها، وهي تعمل على البحث عن أسماء جديدة لإدخالها في الحكومة بدلا من وزراء دولة فقدوا مقاعدهم النيابية.
وسيعقد البرلمان الجديد اجتماعه الأول الثلاثاء المقبل، قبل أن يعقد في التاسع والعشرين من الشهر الحالي اجتماعه الافتتاحي الرسمي الأول، والذي يتزامن مع اليوم الأول من إطلاق محادثات «البريكست».
وشددت صحف بريطانية كثيرة على الوضع الصعب لماي. وعنونت «الدايلي تلغراف» المؤيدة لـ«البريكست»: «ماي تكافح للبقاء رئيسة للحكومة»، في حين عنونت «الدايلي ميل»: «المحافظون أيضا يهاجمون تيريزا»، كما اعتبرت صحيفة «صن» أنه قد «قضي» على ماي، وأنها لن تكون قادرة على الصمود أكثر من بضعة أشهر.
وتأتي الخلافات داخل حزب المحافظين بين الداعمين بشدة لـ«البريكست» وبين القلقين من تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي، لتزيد الوضع صعوبة أمام ماي. واعتبرت النائبة المحافظة هيدي الن أن رئيسة الحكومة باقية حاليا في منصبها فقط بسبب اقتراب موعد المفاوضات حول البريكست، قبل أن تضيف «إلا أنني لا أعتقد أنها ستصمد في منصبها أكثر من ستة أشهر».
وبموازاة هذه الاتصالات يعمل مسؤولون في حزب المحافظين على التفاوض مع الحزب «الوحدوي الديمقراطي» في آيرلندا الشمالية الذي يملك عشرة نواب للتحالف معه. وسيتيح الاتفاق مع هذا الحزب الإقليمي المحافظ جدا بقيادة ارلين فوستر لتريزا ماي ضمان أكثرية في مجلس العموم هي بأمس الحاجة إليها لتمرير قراراتها.
ويضع التحالف المحتمل مع الحزب الوحدوي الديمقراطي في آيرلندا الشمالية على المحك حياد الحكومة المفترض من النزاع في آيرلندا الشمالية، وهي منطقة لا تزال تشهد الكثير من التوتر بعد ثلاثين سنة على انتهاء «الاضطرابات» فيها. وتثير سياسة هذا الحزب الآيرلندي الشمالي الشديدة التحفظ على المستوى الاجتماعي، الكثير من القلق في لندن، وحتى في اسكوتلندا حيث سارعت زعيمة المحافظين هناك روث ديفيدسون إلى وضع شروطها. والمعروف عن الحزب الوحدوي الديمقراطي في آيرلندا الشمالية أنه يعارض بشدة زواج المثليين والإجهاض.
ويتطلب من ماي أيضاً عقد تحالف مع زعيمة حزب المحافظين في اسكوتلندا روث ديفيدسون التي فازت بـ12 مقعدا في اسكوتلندا، ما سيجبر ماي على التعاطي معها، مع العلم أن هناك خلافات عدة بين ديفيدسون وبين الحزب الوحدوي الديمقراطي في آيرلندا الشمالية. إذ تعتمد ديفيدسون سياسة أقل تشددا إزاء «البريكست» من تلك المعتمدة حتى الآن في لندن وتتضمن خروجا من السوق المشتركة. وإذا كان بعض المحللين يعتبرون أن تيريزا ماي قد تخفف من لهجتها بعد نكستها الأخيرة في الانتخابات، فإنه لم تصدر بعد عن ماي أي إشارة تدل على ذلك.
ويطالب الحزب الوحدوي الآيرلندي الشمالي أيضا بالخروج من السوق الموحدة، إلا أنه «يفضل تجنب سيناريو عدم التوصل إلى اتفاق يبقى أفضل من التوصل إلى اتفاق سيئ»، وسيكون الحزب الوحدوي الآيرلندي الشمالي متنبها جدا لمسألة الحدود بين آيرلندا الشمالية والجنوبية، وهي النقطة التي تبقى في أولوية اهتمامات الاتحاد الأوروبي.



بايدن يزور أفريقيا للترويج لمشروع ينافس نفوذ الصين

TT

بايدن يزور أفريقيا للترويج لمشروع ينافس نفوذ الصين

الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي الرئيس الأنغولي جواو لورنكو بالبيت الأبيض في 30 نوفمبر 2023 (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي الرئيس الأنغولي جواو لورنكو بالبيت الأبيض في 30 نوفمبر 2023 (رويترز)

يفي جو بايدن قبل انتهاء ولايته بوعد قطعه بزيارة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلال فترة رئاسته، عبر التوجه هذا الأسبوع إلى أنغولا في زيارة تهدف إلى تأكيد الطموحات الأميركية في هذه القارة بمواجهة الاستثمارات الصينية الزائدة. ويصل الرئيس الأميركي المنتهية ولايته إلى لواندا، الاثنين، في زيارة تستمر حتى الأربعاء، قبل أن يخلفه دونالد ترمب في البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني). وكان من المقرر أن يقوم الرئيس الديمقراطي، البالغ عمره 82 عاماً، بهذه الزيارة في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه اضطر إلى إلغائها بسبب إعصار ضرب ولاية فلوريدا.

زيارة غير مسبوقة

وستكون هذه أول زيارة لرئيس أميركي إلى البلد النفطي المطل على المحيط الأطلسي. وقال مسؤول أميركي كبير، في حديث مع صحافيين إن «هذه الخطوة ليست متأخرة ولا من دون مغزى»، مضيفاً: «أعتقد بأنه بعدما بقينا سنوات خارج اللعبة، أعادنا الرئيس بايدن إليها». وسيبحث بايدن في لواندا استثمارات أميركية مختلفة في المنطقة، بدءاً بمشروع ضخم للسكك الحديدية يُعرف بـ«ممر لوبيتو»، يربط ميناء لوبيتو الأنغولي بجمهورية الكونغو الديمقراطية، مع خط يتفرع عنه ويصل إلى زامبيا. والمشروع الممتد على مسافة 1300 كيلومتر، ويُنفذ بتمويل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، سيشكل رابطاً استراتيجياً بين الميناء ومناجم الكوبالت والنحاس المعدنين الأساسيين لصنع منتجات التكنولوجيا المتطورة، ولا سيما بطاريات الجوالات الذكية، ويصفه بايدن بـ«أكبر استثمار أميركي في السكك الحديدية في أفريقيا على الإطلاق». وسيلتقي بايدن رئيس أنغولا جواو لورنكو، ويلقي كلمة يتناول فيها الصحة العامة والزراعة والتعاون العسكري، والحفاظ على الإرث الثقافي. وقال هيتور كارفالو، الخبير الاقتصادي في جامعة «لوسيادا» في لواندا، إنه «رغم أن الرئيس بايدن شارف على الخروج من البيت الأبيض، فإنه سيمثل الولايات المتحدة بكل ما لديها من وزن جيو - سياسي وجيو - اقتصادي»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحضت منظمات حقوقية بايدن على طرح مسألة سجل أنغولا على صعيد حقوق الإنسان خلال زيارته. وقد أفادت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته مؤخراً، بأن الشرطة الأنغولية «قتلت ما لا يقل عن 17 متظاهراً، بينهم قاصر في سياق حملة القمع» التي تمارسها ضد المعارضة. كما حضت «منظمة العفو» بايدن على أن يطلب من حكومة أنغولا «الإفراج فوراً عن خمسة معارضين معتقلين بصورة اعتباطية منذ أكثر من سنة». وقال المسؤول الأميركي بهذا الصدد إن بايدن «لم يتهرب يوماً من تناول التحديات المطروحة على الديمقراطية، ومن التزامه حيال الديمقراطية».

نفوذ الصين

يسعى بايدن لتأكيد الطموحات الأميركية في أفريقيا بوجه النفوذ الصيني المتنامي. وقال المسؤول للصحافيين إن الحكومات الأفريقية تبحث عن بديل للاستثمارات الصينية، في ظل ما تتضمنه من عواقب، ولا سيما «العيش في ظل ديون فادحة لأجيال». ويبلغ دين أنغولا تجاه الصين 17 مليار دولار، ما يشكل نحو 40 في المائة من إجمالي ديون البلد.

ويبدو أن لورنكو أيضاً يسعى لتنويع شراكات بلاده خارج الصين وروسيا. وفي هذا السياق، صوتت أنغولا في 2022 لصالح قرار في الأمم المتحدة يندد بالغزو الروسي لأوكرانيا. وعلقت سيزالتينا أبرو، عالمة الاجتماع في جامعة «أنغولا الكاثوليكية»، أن زيارة بايدن تُشكل بالتأكيد بالنسبة لرئيس أنغولا «تحقيقاً لحلمه بأن يكون هو من جاء بأول رئيس أميركي إلى أنغولا». لكن من غير المعروف إن كانت الاستثمارات الأميركية في أفريقيا ستستمر في عهد ترمب. وقالت أبرو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إن أبدى ترمب اهتماماً بأفريقيا وأنغولا مماثلاً لما أبداه في ولايته الأولى، فستشهد البرامج التي أطلقها بايدن انتكاسة». لكن أليكس فاينز، الباحث في معهد «تشاتام هاوس»، أكد أن على الرئيس المنتخب أن يتنبه إلى أن «أمام أنغولا ودول أخرى مثلها، شركاء كثر يمكنها الاختيار بينهم، في عالم يشهد منافسة زائدة من أجل الوصول إلى موارد أفريقيا الحيوية».