شاشة الناقد

لقطة من «بعد الصورة»
لقطة من «بعد الصورة»
TT

شاشة الناقد

لقطة من «بعد الصورة»
لقطة من «بعد الصورة»

• الفيلم: ‫ Afterimage‬
• إخراج: أندريه ڤايدا
• النوع: سيرة حياة.
• تقييم: ★★★
ينتمي ‫الفيلم الأخير للمخرج أندريه ڤايدا، الذي رحل عن 90 سنة بعد نحو شهر واحد على عرض هذا الفيلم في مهرجان تورونتو في شهر سبتمبر الماضي، إلى تلك المجموعة من الأعمال التي حققها المخرج منذ «رجل من رخام» سنة 1977.‬
منذ ذلك الفيلم وهو يتبع شخصيات كان لها حضورها في الحياة السياسية البولندية ومتابعته ذلك أدّت به إلى أنجاز «رجل من حديد» (1981) و«كورجاك» (1990) وفيلمه الجديد «بعد الصورة» الذي لم يجد بعد عرضاً تجارياً وافياً خارج نطاق المهرجانات. المشترك بين هذه الشخصيات، لجانب أنها حقيقية، هو تحديها للنظام السابق ومحاولتها خرقه دفاعاً عن الاستقلالية وحرية الرأي.
‫نبش ڤايدا في التاريخ البولندي كما لم يفعل مخرج آخر غيره. وسواء اختار «البيوغرافي» كنوع أو وقف وراء أحداث واقعية بلا سيرة حياة محددة كما فعل في «كاتين» سنة 2007 إلا أنه دائماً ما عكس رغبته في نزع أقنعة التاريخ وتصحيح الرؤية صوبه‬ وهذا ما نراه منعكساً هنا.
لتحقيق هذه الغاية، اختار ڤايدا سيرة حياة الرسام البولندي الطليعي فلادسلاف سترزمنسكي ‫الذي له باع كبير في تعميم نظرية «أونيزم» التكعيبية وتدريسها والذي وجد نفسه مضطهداً من قِـبل المسؤولين الشيوعيين (تقع الأحداث في الخمسينات) بسبب آرائه المناهضة ورفضه رسم الأعمال ذات الرسالة الآيديولوجية على أساس أن مفهوم الفن يعني بالضرورة حريته. تبعاً لهذا الموقف تم طرده من وظيفته التعليمية ومن مشغله وحرم من المعونات الاجتماعية ثم مات فقيراً معدماً. ‬
لكن في حين لا تأتي السير المنشورة حول سترزمنسكي على المواقع الاجتماعية بالكثير مما يرد في الفيلم إلا أنه لا بد من تصديق ما نراه حتى ولو أضاف الفيلم البهارات الضرورية في مثل هذه الحالة. سيناريو أندريه مولارجيك يبقى مبدئياً وقائماً على فكرة الفنان ضد النظام. فكرة جيدة بلا ريب، لكن المجري ستيفان شابو كان أبرع في معالجة الموضوع نفسه على نحو أكثر تأثيراً وجاذبية في فيلمه «مافيستو» (1981) من هذا الفيلم. ڤايدا بارع في رسم تصاميم للمشاهد يقبع فيها بطله في زاوية منخفضة تتواءم مع رسومات بطله. لكن الفيلم يسير في خط مستقيم بأسلوب تقليدي لا مكان فيه لتطورات درامية مثيرة. يستعين المخرج بمدير التصوير باول إيدلمان الذي صوّر له «كاتين»، كما صوّر لرومان بولانسكي الكثير من أفلامه أيضاً. وهذا ينتج عنه المزيد من هيمنة الصورة والكلمة على منحى فني ممكن.
يقوم بوغوسلاف ليندا بدور الرسام الذي كان فقد ذراعاً وساقاً خلال الحرب العالمية الأولى. هناك شبه في الملامح وقوّة مقنعة في التشخيص إذ يعكس الممثل الكثير من الانفعالات على وجهه ومن دون كلمات.



شاشة الناقد: ‫ THE CROW

من «جلال الدين» (مهرجان مينا).
من «جلال الدين» (مهرجان مينا).
TT

شاشة الناقد: ‫ THE CROW

من «جلال الدين» (مهرجان مينا).
من «جلال الدين» (مهرجان مينا).

هناك صنف من الأفلام العربية والغربية على حد سواء تتبنى الرغبة في تقديم موضوع بهدف أخلاقي وتعليمي أو إرشادي يتداول موضوع القيم المجتمعية والإنسانية والدينية على نحو إيجابي.

الرغبة تغلب القدرة على توفير فيلم بمعايير وعناصر فنية جيدة في أغلب الأحيان. يحدث هذا عندما لا يتوخى المخرج أكثر من تبني تلك الرغبة في حكاية توفر له تلك الأهداف المذكورة. لعله غير قادر على إيجاد عناصر فنية تدعم فكرته، أو لا يريد تفعيل أي وسيلة تعبير تتجاوز الحكاية التي يسردها.

هذا ما يحدث مع فيلم حسن بنجلون «جلال الدين»، فهو، في غمرة حديثه، يستند إلى الظاهر والتقليدي في سرد حكاية رجل ماتت زوجته بعد معاناة، فانقلب حاله من رجل يشرب ويعاشر النساء ويلعب القمار، إلى مُصلِح ورجل تقوى ودين.

يبدأ الفيلم برجل يدخل مسجداً وينهار مريضاً. لن يتجه الفيلم لشرح حالته البدنية، لكننا سنعلم أن الرجل فقد زوجته، وهو في حالة رثاء شديدة أثّرت عليه. ننتقل من هذا الوضع إلى بعض ذلك التاريخ وعلاقته مع زوجته الطيّبة وابنه الشاب الذي يبدو على مفترق طرق سيختار، تبعاً للقصّة، بعض التيه قبل أن يلتقي والده الذي بات الآن شيخاً.

في مقابلاته، ذكر المخرج بنجلون أن الفيلم دعوة للتسامح وإبراز القيم الأخلاقية والإنسانية. هذا موجود بالفعل في الفيلم، لكن ليس هناك جودة في أي عمل لمجرد نيّته ورسالته. هاتان عليهما أن تتمتعا بما يتجاوز مجرد السرد وإبداء النصيحة وإيجابيات التطوّر من الخطأ إلى الصواب. في «جلال الدين» معرفة بكيفية سرد الحكاية، مع مشاهد استرجاعية تبدو قلقة لكنها تؤدي الغرض منها. لكن ليس هناك أي جهد إضافي لشحن ما نراه بمزايا فنية بارزة. حتى التمثيل الجيد توظيفياً من ياسين أحجام في دور جلال الدين له حدود في رفع درجة الاهتمام بالعمل ككل.

«الغراب» (ليونزغايت)

فيلم حسن بنجلون السابق لهذه المحاولة: «من أجل القضية»، حوى أفكاراً أفضل في سبيل سرد وضع إنساني أعلى ببعض الدرجات من هذا الفيلم الجديد. حكاية الشاب الفلسطيني الذي لا يجد وطناً، والصحافية اليهودية التي تتعاطف معه، لم تُرضِ كثيراً من النقاد (على عكس هذا الفيلم الجديد الذي تناقل ناقدوه أفكاره أكثر مما بحثوا في معطياته الأخرى) لكنه كان أكثر تماسكاً كحكاية وأكثر إلحاحاً. بدوره لم يحمل تطوّراً كبيراً في مهنة المخرج التي تعود إلى سنوات عديدة، لكنها كانت محاولة محترمة لمخرج أراد المزج ما بين القضية الماثلة (بطل الفيلم عالق على الحدود بين الجزائر والمغرب) وتلك الدعوى للتسامح التي يطلقها الفيلم الجديد أيضاً.

• فاز بالجائزة الأولى في مهرجان مينا - هولاندا.

‫ THE CROW

ضعيف

أكشن عنيف لغراب يحمل قضية بلا هدف

بعد ساعة وربع الساعة من بداية الفيلم يتحوّل إريك (بل سكارغارد) إلى غراب... ليس غراباً بالشكل، بل - ربما، فقط ربما - روحياً. أو ربما تحوّل إلى واحدة من تلك الشخصيات العديدة التي مرّت في سماء السينما حيث على الرجل قتل مَن استطاع من الرجال (وبعض النساء) لمجرد أنه يريد الانتقام لمقتل شيلي (ف. ك. أ. تويغز)، الفتاة التي أحب، والتي قتلوها. لم يقتلوها وحدها، بل قتلوه هو أيضاً، لكنه استيقظ حياً في أرض الغربان وأصبح... آسف للتكرار... غراباً.

يستوحي الفيلم الذي أخرجه روبرت ساندرز حكايته من تلك التي وضعها جيمس أو بار الذي وُلد، كبطل شخصيّته، يتيماً وماتت صديقته في حادثة سيارة. لكن لا الحكاية الأولى (من سلسلة «الكوميكس» بالعنوان ذاته) مُعبّر عنه في هذا الفيلم ولا يستوحي المخرج ساندرز من أفلام سابقة (أهمها فيلم بالعنوان ذاته حققه سنة 1994 أليكس بروياس بفاعلية أفضل). كذلك هناك إيحاء شديد بأن شخصية كرو مرسومة، بصرياً، لتشابه شخصية جوكر في فيلم تود فيلبس الشهير، كما قام به يواكيم فينكس.

في الـ75 دقيقة الأولى تأسيس للشخصيات. إريك صغيراً شهد مقتل حصانه المفضل. بعد 3 دقائق هو شاب في مصحة ما تريد تهيئة مَن فيها لحياة أفضل، لكنه يفضل الهرب مع شيلي التي كانت هربت من الموت على يدي أحد رجال الشرير ڤنسنت (الممثل داني هيوستن الوحيد الذي يعرف ما يقوم به). كانت شيلي تسلمت على هاتفها مشاهد لعصبة ڤنسنت، لذلك لوحقت وقُتلت. لكن عصبة كهذه يقودها رجل لا يموت (حسب الفيلم) لِمَ عليها أن تخشى صوراً على الهاتف؟ ليس أن الفيلم يحتاج إلى مبرر واقعي، بل يفتقر إلى تبرير حتى على هذا المستوى.

مشاهد الأوبرا التي تقع في خلفية الفصل الذي سيقوم فيه إريك بقتل أكثر من 30 شريراً من أزلام الرئيس، ويتلقى أكثر من ضعف ذلك العدد من الرصاصات التي لا تقتله (لأنه ميت - حي ومن نوع نادر من الغربان التي لا تموت) قُصد بها التزاوج بين مقطوعة فنية ومقطوعة من العنف المبرح. لكن كلا الجانبين يتداخل مع الآخر من دون أثر يُذكر.