بدء تصفية «داعش» في حوض اليرموك جنوب سوريا

ضربات جوية قضت على قسم من قيادات الصف الأول

بدء تصفية «داعش» في حوض اليرموك جنوب سوريا
TT

بدء تصفية «داعش» في حوض اليرموك جنوب سوريا

بدء تصفية «داعش» في حوض اليرموك جنوب سوريا

حملت التطورات الأخيرة في حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، مؤشرات مهمة على الجهود الدولية لتصفية تنظيم داعش في جنوب سوريا، وإبعاده عن منطقة الحدود الأردنية وخطوط التماس مع هضبة الجولان المحتل، حيث تعرض لضربات جوية مجهولة تلت تصفيات داخلية قضت على قسم كبير من قيادات الصف الأول لديه في المنطقة. وذكرت مصادر المعارضة السورية، أن الغارات الجوية التي استهدفت بلدتي الشجرة وجملة في حوض اليرموك بريف درعا الغربي، مساء أول من أمس الثلاثاء، تسببت بمقتل زعيم «جيش خالد بن الوليد» الذي يوالي تنظيم داعش في حوض اليرموك، كما أسفرت عن مقتل قائده العسكري. وأعلن حساب مؤيد للتنظيم المتشدد في مواقع التواصل الاجتماعي، أن «أبو محمد المقدسي» زعيم جيش «خالد بن الوليد»، وأبو عدي الحمصي، قائده العسكري العام، والقيادي أبو دجانة الإدلبي، قتلوا في غارات الثلاثاء على بلدة الشجرة. وأفادت وكالة «مسار برس» بأن الغارة تزامنت مع قيام قادة الجيش بعقد اجتماع في أحد المقرات ببلدة الشجرة، ما أسفر عن مقتل جميع من كان يحضر الاجتماع، لافتا إلى أن الجيش فرض بعدها حظرا للتجوال على المدنيين في منطقة حوض اليرموك. وجاءت الغارات بعد ساعات قليلة على تصفيات داخلية تم فيها تنفيذ حكم الإعدام بحق قيادات في «جيش خالد بن الوليد»، بتهم «العمالة لإسرائيل والأردن»، كما قال ناشطون، تبعها بعد ذلك في الساعات الأولى من فجر أمس، حملة قصف جوي متتالية تسببت بمقتل باقي القيادات.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الغارات الجوية على حوض اليرموك، في ظل الحديث عن وقوف التحالف الدولي ضد تنظيم داعش أو إسرائيل وراءها. وقال مصدر قيادي في «الجيش السوري الحر» في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»: «تأكد مقتل قيادات كبيرة من (داعش) في غارة للتحالف، أمس، وفي مقدمهم قادة مهمون أبرزهم أمير التنظيم العام في حوض اليرموك»، مشيراً إلى أن عملية التصفية التي سبقت الضربة الجوية «جاءت بسبب شكوك التنظيم بولاء قياداته في المنطقة وتهم الخيانة».
غير أن التقديرات بالتصفيات الداخلية التي سبقت الضربات الجوية، لا تبدو مقنعة بالنسبة لكثيرين، في ظل اختراقات كبيرة يتعرض لها التنظيم في المنطقة، ما يرجح أن تكون عملية تصفية لا تنفصل عن سياق الضربات. وقال الباحث الأردني الخبير بالجماعات المتشددة حسن أبو هنية لـ«الشرق الأوسط»، إنه يستبعد فرضية الشك ببعض القيادات والقيام بتصفيتهم بهذه الطريقة، مشدداً على أن الرواية «غير راجحة لأن (داعش) تنظيم يعتمد المتابعة الأمنية لعناصره وقياداته، وقد نفذ قبل وقت قصير عمليات إعدام علنية لمتهمين فيه، بعدم الولاء وبالعمالة». وقال إن منطقة تواجد «داعش» في حوض اليرموك: «غير معزولة عن جهود غرفة الموك والعمليات الاستخباراتية للأجهزة الأمنية التي تقاتل (داعش)، والتواصل مع عملاء يمتلكون إحاطة بالمشهد الداخلي».
وأعدم «جيش خالد»، الاثنين الماضي، أربعة من أبرز قيادييه، بتهمة الوقوف وراء اغتيال زعيمه السابق الإدلبي، وبتهمة «العمالة»، وهم: أبو عبيدة قحطان، نادر القسيم (أبو حسن النواوي)، وخالد جمال البريدي، إلى جانب أبو تحرير الفلسطيني.
ورغم التقديرات بأن هذه العملية ستساهم بشكل مباشر في إنهاء التنظيم في حوض اليرموك، «كونه لن يسمح لهم بالبقاء في المنطقة»، بحسب ما قال المصدر العسكري في المعارضة لـ«الشرق الأوسط». وقال أبو هنية إن وجود «داعش» في حوض اليرموك «يعطي مبررات لجميع اللاعبين الدولي بالتدخل في المنطقة»، معرباً عن اعتقاده بأن رحيل «داعش» من المنطقة «سيخلق مشكلات وصراعات بين المحورين» في إشارة إلى المحور الذي تقوده الولايات المتحدة، والمحور الإيراني. وأشار إلى المشكلة في الجبهة الجنوبية تتمثل في «صعوبة بناء عقيدة قتالية تواجه التنظيم في درعا». وأوضح أن هناك 30 ألف مقاتل معارض للأسد «متعددي الولاءات، بينهم ألفان يوالون جبهة النصرة، فضلاً عن فصائل صغيرة توالي تنظيم القاعدة، وهو ما يجعل بعضهم متعاطفاً مع (داعش) في المنطقة».
وقال أبو هنية: «على العموم بعد مجيء ترمب، أطلقت يد الهجمات المجهولة لضرب (داعش)، ولا ننفي أيضاً أن إسرائيل هي الحاضر الغائب بالجبهة الجنوبية»، لافتاً إلى أن «هناك محاولة للدخول في ديناميكية أكبر للصراع السوري وإعادة خلط للأوراق، وتحريك وفرض وقائع جديدة تقوم على قاعدة أن غياب (داعش) لا يعني عودة المناطق لحضن النظام، كما أن هناك حساسية أردنية من وصول الميليشيات الإيرانية إلى حدودها مع سوريا». وتشكّل تنظيم داعش في ريف درعا الغربي في منطقة حوض اليرموك، التي تشمل عدة قرى وبلدات أهمها الشجرة ونافعة وجملة وعين ذكر وعابدين وغيرها، بين عامي 2013 و2014، بدأت بلواء شهداء اليرموك، قبل أن يتشكل «جيش خالد» العام الفائت من اندماج فصيلي «حركة المثنى الإسلامية» و«لواء شهداء اليرموك» بشكل رئيسي، إلى جانب «جماعة المجاهدين». وقبل عامين ونيف وصل إلى حوض اليرموك بريف درعا الغربي عناصر عسكرية وشرعية تابعين لتنظيم داعش مقبلين من الرقة. وفي ذلك الوقت، تسلم «أبو هاشم الإدلبي» القيادة قبل أن يقتل في الخريف الماضي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.