مصادر فلسطينية: واشنطن تريد طرح أفكار جاهزة للتفاوض حولها

السلطة ترفض «اشتراطات» نتنياهو... ومباحثات «5 / 5» قريباً في واشنطن

عباس
عباس
TT

مصادر فلسطينية: واشنطن تريد طرح أفكار جاهزة للتفاوض حولها

عباس
عباس

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ينتظران خطة أميركية يفترض أن يطرحها البيت الأبيض على الجانبين من أجل استئناف المفاوضات. وتوقعت أن يطرح الأميركيون خطة للحل تتضمن أفكارا أميركية جاهزة حول القضايا الأكثر حساسية، وهي: الحدود، والقدس واللاجئين، على أن تجري مناقشة هذه الأفكار وتعديلها خلال المفاوضات بطريقة ترضي الطرفين.
وأكدت المصادر أنه لا توجد ملامح واضحة للتصور الأميركي المرتقب، لكنه سيضع رؤية لطبيعة الحلول بالنسبة للقضايا المصيرية والتي هي محل خلاف كبير.
وقالت المصادر إن الرؤية الأميركية ستتضمن أفكارا سياسية وخططا أمنية، باعتبار الولايات المتحدة ضامنا للحل، بما في ذلك الحل الأمني الذي ستشارك فيه.
ويفترض أن يسافر وفد فلسطيني مكون من 5 مسؤولين، إلى الولايات المتحدة من أجل مباحثات مع وفد أميركي مكون من 5 مسؤولين أيضا، لبحث تفاصيل متعلقة بالملفات النهائية للحل.
ويعتقد أن وفدا إسرائيليا سيقابل وفدا أميركيا للغرض نفسه أيضا.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، طلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إرسال وفد خماسي إلى واشنطن من أجل مباحثات حول «الصفقة» الأميركية المرتقبة.
ويطلق على المفاوضات المرتقبة مفاوضات «خمسة خمسة»، في إشارة إلى عدد أعضاء كل وفد.
ويسعى ترمب لإطلاق عملية سياسية جديدة في المنطقة، ومارس ضغطا على عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أثناء لقائهما في القدس وبيت لحم، قبل نحو أسبوعين، لكن الأميركيين يقولون إنه لم يتم بعد وضع آليات رسمية للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.
غير أن الخلافات الفلسطينية - الإسرائيلية تجددت أمس، حتى قبل وضع مثل هذه الآليات؛ فقد هاجمت السلطة الفلسطينية رئيس الوزراء الإسرائيلي، واتهمته بمحاولة عرقلة جهود ترمب. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن التصريحات الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول السيطرة الأمنية الإسرائيلية الدائمة في حال الوصول إلى اتفاق سلام، هي بمثابة رسالة «لإدارة ترمب وللمجتمع الدولي بأسره، مفادها أن إسرائيل غير مستعدة لتحقيق السلام القائم على مبادئ العدل، والشرعية الدولية».
وأضاف أبو ردينة في تصريح صحافي: «هذه التصريحات مرفوضة، وتعمل على خلق مناخ يساهم في تعقيد الأمور، ولا يساعد إطلاقا في إنجاح الجهود المبذولة لإيجاد حل يؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم». وتابع: «لقاءات الرئيس محمود عباس مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب كانت جدية وواضحة، ومهدت لخلق فرصة نادرة لتحقيق السلام، تحاول إسرائيل إضاعتها، من خلال بث مثل هذه التصريحات الرافضة لأسس العملية السياسية». وأضاف: «الجانب الإسرائيلي، ومن خلال إطلاقه هذه التصريحات المتكررة، يحاول عرقلة كل الجهود العربية والدولية، بخاصة الأميركية الهادفة لتهيئة الأجواء لإطلاق عملية سياسية جادة، الأمر الذي سيؤجج الصراع في المنطقة، وسيدفع بالأمور إلى مزيد من التفكك، في ظل نظام إقليمي وعالمي متصدع، ما سيترك آثاره على المشهد السياسي لسنوات طويلة وصعبة».
كما استنكر رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله، تصريحات نتنياهو، وقال: «إن تعهده بأن القدس ستظل دائماً عاصمة لإسرائيل، وأن تبقي دولة الاحتلال سيطرتها العسكرية على الأراضي الواقعة غربي نهر الأردن، في إطار أي اتفاق سلام مقبل مع الفلسطينيين، وبالإصرار على اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل وطناً للشعب اليهودي، إنما هي محاولات يائسة لتأجيل دفع الاستحقاق الذي ستدفعه الحكومة الإسرائيلية مهما ماطلت وراوغت».
وانضمت وزارة الخارجية للهجوم على نتنياهو، وقالت إنه يحاول «قطع الطريق أمام الجهد الأميركي والدولي المبذول، لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني، والإسرائيلي».
وأوضحت الخارجية في بيان لها أن «محاولات نتنياهو تتبين من خلال سعيه المتواصل لوضع (العربة أمام الحصان)، وتكرار اشتراطاته، ومواقفه التعجيزية لإعاقة إطلاق عملية سلام حقيقية»، مشيرة إلى أنه أطلق أعمق عملية تنكر للاتفاقيات الموقعة، من خلال جُملة من المواقف العنصرية المعادية للسلام، التي تعبر عن آيديولوجيته الظلامية المتطرفة، محاولا إرضاء جمهور ناخبيه من المستوطنين، واليمين في إسرائيل.
وأكدت أن «هذه (الصراحة) الإسرائيلية في معاداة السلام، ورفض الجهود الدولية الرامية لاستئناف المفاوضات، تتحدى مصداقية المجتمع الدولي، وتدفعنا إلى التساؤل: ما هو البديل الذي يتبناه المجتمع الدولي لمواجهة رفض إسرائيل العلني للشرعية الدولية، وللمفاوضات الحقيقية مع الجانب الفلسطيني؟ وإلى متى سيبقى المجتمع الدولي صامتاً أمام هذه العنجهية الإسرائيلية اللامحدودة، وأمام الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني، جراء استمرار الاحتلال والاستيطان».
وكان نتنياهو قد قال، خلال حفل أقيم في متحف للجيش الإسرائيلي بالقدس، بمناسبة مرور 50 عاما على حرب يونيو (حزيران) 1967: «نحن نريد صنع سلام حقيقي مع أعدائنا، ولذلك نصر على أن يعترف الفلسطينيون بالدولة، ونصر على أن تبقى قواتنا في غرب الأردن، سواء يوجد اتفاق أم لا».
وأضاف: «هذا هو أساس السلام، وإسرائيل لن تعود إلى الوراء، لن تضع مصيرها بأيدي الغير، وستعتمد على نفسها فقط في الدفاع عن ذاتها».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.