عائلات من الموصل تشكو «ظلماً» من توقيف أبنائها

بعضهم معتقل لدى القوات الكردية بشبهة الانتماء لـ«داعش»

النازحة يسرى محمد تحمل رسالة من الصليب الأحمر تقول إن ولديها محتجزان لدى القوات الكردية (أ.ف.ب)
النازحة يسرى محمد تحمل رسالة من الصليب الأحمر تقول إن ولديها محتجزان لدى القوات الكردية (أ.ف.ب)
TT

عائلات من الموصل تشكو «ظلماً» من توقيف أبنائها

النازحة يسرى محمد تحمل رسالة من الصليب الأحمر تقول إن ولديها محتجزان لدى القوات الكردية (أ.ف.ب)
النازحة يسرى محمد تحمل رسالة من الصليب الأحمر تقول إن ولديها محتجزان لدى القوات الكردية (أ.ف.ب)

منذ شهرين، لم تسمع يسرى محمد، النازحة من مدينة الموصل، خبراً عن ولديها القاصرين قصي وصدام بعدما اعتقلتهما القوات الكردية. لكنها تسلمت الأسبوع الماضي رسالة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تعلمها بتوقيفهما في سجن للأحداث.
وتقول يسرى التي نزحت برفقة عائلتها من شرق مدينة الموصل في فبراير (شباط) الماضي إلى مخيم الخازر: «جاء الأسايش (الأمن الداخلي الكردي) سألوا عن صدام (16 عاما) وقصي (14 عاما)، وقالوا إنهما مطلوبان... وأخذوهما». وتوضح السيدة التي ترتدي عباءة بنفسجية وحجابا أسود: «اتهموهما بأنهما من الدواعش، هل يصبح الصغار دواعش؟»، مشيرة إلى أنهما كانا «يعملان في بيع الماء في الموصل قبل أن يمنعهما الدواعش ويصبحا عاطلين عن العمل».
وتنقل الرسالة التي تسلمتها عن صدام قوله: «أريد منكم محامياً ومواجهة (مقابلة) وأموالاً»، لافتا إلى أنه موقوف مع شقيقه في سجن الأحداث في مدينة دهوك.
وبغصة، تشدد يسرى ومعالم التعب والحزن واضحة على وجهها، على أن ولديها «صغيران ومظلومان ونحن لا أموال لدينا للمحامي (...) نحن نازحون، ربع (دينار) ليس معنا».
وتم توقيف ولديها بعد تلقي القوات الكردية شكوى من أحد المخبرين، بعد نحو شهرين من وصولهما إلى المخيم، بحسب والدتهما. ومنذ بدء الهجوم لاستعادة مدينة الموصل من أيدي المتطرفين قبل نحو سبعة أشهر، تعتقل القوات الكردية وكذلك العراقية كل من تشك بانتمائه إلى «داعش» أو تعاونه معه، بناء على قاعدة بياناتها وبالتعاون مع مخبرين محليين.
وتناشد يسرى الحكومة الكردية مساعدتها. وتقول: «فليحققوا في المنطقة. وإذا تبين أن ولدي مذنبان أو تعاملا مع الدواعش، فليحكموا عليهما».
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تعاني عائلات كثيرة في المخيم جراء اعتقال أفرادها بعد نزوحهم هربا من تنظيم داعش الذي لا يزال يتحصن في المدينة القديمة ومحيطها. فبعد يومين من وصول موسى محمود موسى (57 عاما) إلى المخيم في الخامس من مارس (آذار)، اعتقلت القوات الكردية ابنه وزير (27 عاماً). ويقول الأب الذي يغزو الشيب شعره: «كان يوظف عمالا اشتغلوا سابقا مع الدواعش، لكنهم قالوا له (طالما أن الدواعش عملوا معك فأنت (داعشي)... شملوه معهم».
وكان وزير يدير محلاً لتصنيع خزانات المياه بعدما كان مدرساً قبل سيطرة المتطرفين على المدينة. وتلقى والده رسالة عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تؤكد احتجازه في سجن أربيل المركزي. ويتابع بانفعال: «نريد الخروج لرؤيته لكنهم يمنعوننا من ذلك»، مضيفا: «ابني مسجون في أربيل ونحن مسجونون هنا». وتحتفظ قوات الأمن الكردية، وفق ما يؤكد النازحون في المخيم، بهوياتهم الشخصية وتمنع خروجهم منه بانتظار انتهاء التحقيق الأمني في عملية قد تستغرق أشهراً.
ونددت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير أصدرته السبت بـ«حالات احتجاز جديدة» في حق «رجال وصبية هاربين من الموصل للاشتباه بانتمائهم لتنظيم داعش». وحذرت من أن «عدم تزويد الأسر بمعلومات عن وضع وأماكن وجود أقاربهم قد يجعل من هذه الاعتقالات حالات اختفاء قسرية (...) قد ترقى إلى جرائم دولية».
وقالت الباحثة الأولى في حالات الطوارئ في المنظمة بريانكا موتابارثي، إن «المخاطر الأمنية التي تواجهها حكومة إقليم كردستان من (داعش) كبيرة، ولكن عزل رجال وصبية الموصل عن عائلاتهم لا يفعل شيئا لتعزيز الأمن».
في المقابل، تصر حكومة إقليم كردستان على أن عمليات التوقيف تجري وفق القوانين المرعية الإجراء.
ورداً على تقرير المنظمة، أكدت لجنة المتابعة والرد على التقارير الدولية في إقليم كردستان في بيان، أن السلطات «تفرض هذه الإجراءات لحماية نفسها من أي أعمال إرهابية محتملة شبيهة بتلك التي نفذها تنظيم داعش في المجتمع الدولي». وتابعت أنه «يتاح لجميع المتهمين إمكانية الاتصال بمحامين وأفراد أسرهم، ويتم إبلاغ عائلاتهم باعتقالهم».
ولا ينطبق هذا الأمر على عبد الله سليمان الذي أوقفت القوات الكردية شقيقه علي (30 عاما) في بداية شهر مارس فور وصوله إلى المخيم. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية بانفعال: «أخذوه لأنه أطال لحيته وبسبب شبهة حول اسمه. هو معروف في المنطقة، يبيع العطور والأحذية ولا علاقة له ب(داعش)». ويضيف بتأثر: «لا نعرف شيئا عنه، ليس لدي إلا رب العالمين أوجه النداء له».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.