سباق نحو البوكمال للسيطرة على الحدود السورية مع العراق

ميليشيات إيرانية تتقدم لملاقاة {الحشد الشعبي}

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» خلال معركة الرقة أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» خلال معركة الرقة أمس (أ.ف.ب)
TT

سباق نحو البوكمال للسيطرة على الحدود السورية مع العراق

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» خلال معركة الرقة أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» خلال معركة الرقة أمس (أ.ف.ب)

تعكس التحركات العسكرية لقوات النظام السوري وحلفائها في وسط وشرق سوريا، ملامح خطة عسكرية تتخطى اللاعب السوري، للسيطرة على الحدود السورية مع العراق، وفتح ما بات يُعرف باسم طريق طهران - دمشق عبر العراق؛ إذ تتقدم قوات النظام على ثلاثة محاور متوازية، اثنان منها من ريف دمشق الشرقي، وآخر من شرق مدينة تدمر، على أن تصل القوات إلى الحدود.
وبموازاة هذه التحركات، التي يصل أحدها إلى مدينة البوكمال السورية الحدودية مع العراق، تواصل ميليشيات الحشد الشعبي العراقي تقدمها جنوباً في مناطق سيطرة «داعش» على الجانب العراقي من الحدود، في مسعى منها للوصول إلى مدينة القائم العراقية المحاذية لمدينة البوكمال السورية الحدودية، مما يشير إلى أن خطة التحرك العسكري تتخطى السياق السوري، وتستهدف الوصول إلى المدينة الحدودية.
وتتحول هذه المدينة إلى نقطة تجاذب بين الطرفين المتصارعين حول السيطرة على الحدود السورية – العراقية؛ ففي وقت يلتف فيه النظام على عدة محاور للوصول إلى التنف، بعدما تلقى ضربات تحذيرية من قوات التحالف أوقفت تقدمه نحو مثلث الحدود العراقية - الأردنية - السورية... بدأت القوات السورية المدعومة من التحالف بتقليص المسافة التي تبعدها عن مدينة البوكمال، حيث أنشأت قاعدة عسكرية في منطقة الزكف، شمال شرقي التنف، تتضمن آليات عسكرية وتجهيزات لمقاتلين.
واختارت الفصائل الخمسة العاملة في البادية مكان قاعدة الزكف نقطةً متقدمة في عمق البادية على طريق دير الزور، وتمثل نقطة انطلاق لـ«مغاوير الثورة» باتجاه البوكمال شرقاً.
وقال مصدر قيادي في قوات المعارضة المدعومة من التحالف في شرق سوريا لـ«الشرق الأوسط»، إن «إنشاء القاعدة لا يقتصر على مهمة قطع طريق النظام إلى البوكمال وتقليص المسافة التي تبعدنا عن المدينة، فحسب»، شارحاً أن «خطتنا قبل وصول قوات التحالف وإقامة قاعدة عسكرية في التنف، تمثلت في تثبيت نقاط عسكرية لنا على المسافة من التنف إلى البوكمال ودير الزور شرقاً وشمالاً، تكون بمثابة خطوط إمداد وتجمع لنا في معركة طرد (داعش) من البادية». وقال المصدر: «وحين تحرك النظام وظهرت مساعيه للسيطرة على الشريط الحدودي مع العراق، كان ضرورياً أن نضاعف النقاط ونزيدها لمنع وصول النظام وميليشياته إلى الحدود العراقية». وأشار إلى أن قاعدة الزكف تبعد 64 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من التنف، وتبعد نحو 170 كيلومتراً جنوب غربي البوكمال.
وبموازاة هذه الجهود التي تبذلها المعارضة والتحالف، يواصل النظام تقدمه باتجاه البوكمال عبر الخط الصحراوي من تدمر، والتوجه شرقاً باتجاه محطة توزيع النفط المعروفة باسم T3 التي تبعد 50 كيلومتراً إلى الشرق من تدمر، وهي المحطة التي تمثل تجمعاً عسكرياً لـ«داعش» في المنطقة، وتلقت ضربات بصواريخ «كاليبر» الروسية من البحر المتوسط الأسبوع الماضي. ويسعى النظام، بحسب ما تقول مصادر معارضة مطلعة على الحركة العسكرية للنظام، إلى الوصول بعدها للمحطة T2 التي تقع على مسافة 70 كيلومترا من تدمر شرقاً ومن البوكمال غرباً.
ويبدو أن السباق إلى البوكمال، بات التوجه العسكري الأبرز في شرق سوريا، وقد تصاعدت أهمية المدينة بالنسبة للنظام وحلفائه، بعدما أقفلت الولايات المتحدة فرص النظام للوصول إلى التنف. وقال الباحث السياسي والخبير الاستراتيجي الدكتور فايز الدويري لـ«الشرق الأوسط» إن التنف «باتت الآن منطقة خاضعة لحماية التحالف، وتوجد فيها قوات أميركية وبريطانية... وغيرها، وبالتالي وُضِعت حدود إدارية لها بعمق 55 كيلومترا يستحيل على النظام التحرك بهذا الاتجاه». وأضاف: «الآن الخطورة الرئيسية تكمن بين حدود كردستان شمالاً حتى معبر البوكمال جنوباً، حين تتقدم ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، والقوات المدعومة إيرانياً في سوريا، وتقع بينها على الجانب السوري مدينتي الميادين ودير الزور حيث تسعى إيران للسيطرة وإيجاد الممر الإيراني من طهران إلى دمشق»، لافتاً إلى أن طهران «تسعى للسيطرة على هذه المنطقة الوسطى التي تمتد على مساحة مائتي كيلومتر».
وعن تقديراته لنجاح الخطة، قال الدويري إن الأمر مرهون بموقف الولايات المتحدة: «فإذا لم ترسل الولايات المتحدة إشارات إيجابية تمنع تمدد إيران وإنشاء هذا الممر، فإن الميليشيات الإيرانية ستنجح بالسيطرة على منطقة تتسم بالفراغ ويمكن أن تسيطر عليها من دون عمليات قتالية رئيسية».
والى جانب تمدد النظام عبر طريق تدمر، يسير النظام باتجاه الحدود العراقية عبر 3 محاور، الأول عبر خط القلمون الشرقي – التنف، انطلاقاً من منطقة ظاظا والسبع بيار، وهو الخط الذي رسمت قوات التحالف خطوطاً حمراء أمام عبوره. أما الخط الثاني فهو خط القلمون الشرقي أيضا القريب من حدود تدمر، عبر حميمة باتجاه جبل غراب وصولاً إلى التنف ويبعد نحو 80 كيلومتراً عن التنف. أما الخط الثالث فهو عبر تدمر وشرقها.
وأمس، اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في محور تلول طفحة بريف حمص الشرقي إثر هجوم للتنظيم على المنطقة، وسط اشتباكات متواصلة على محاور في جبال الشومرية ببادية تدمر الغربية، وترافقت الاشتباكات مع قصف متبادل بين طرفي القتال.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.