خلافات وفد جنيف و{الهيئة} محور اجتماعات المعارضة السورية في الرياض

فصائل تطالب بتغيير كبير المفاوضين

مسؤول أوروبي خلال زيارته لمخيم للاجئين السوريين في تركيا (أ. ف. ب)
مسؤول أوروبي خلال زيارته لمخيم للاجئين السوريين في تركيا (أ. ف. ب)
TT

خلافات وفد جنيف و{الهيئة} محور اجتماعات المعارضة السورية في الرياض

مسؤول أوروبي خلال زيارته لمخيم للاجئين السوريين في تركيا (أ. ف. ب)
مسؤول أوروبي خلال زيارته لمخيم للاجئين السوريين في تركيا (أ. ف. ب)

تأخذ قضية الخلافات بين «الفصائل المعارضة» و«الهيئة العليا التفاوضية» الحيز الأهم من الاجتماعات التي ستجمع «وفد جنيف» و«الهيئة» اليوم، في الرياض، وذلك بعدما كانت «الهيئة» قد بدأت اجتماعاتها يوم الاثنين لبحث الاستعدادات لجولات المفاوضات المقبلة، ولقاءات منسقها رياض حجاب في أوروبا، إضافة إلى تشكيل لجنة من الاستشاريين لمناقشة أي طروحات متعلقة بالدستور والحل السياسي.
وفي حين ترفع الفصائل مطالبها إلى حد طرحها تغيير أعضاء الوفد، وبشكل خاص كبير المفاوضين محمد صبرا، يرى أعضاء سياسيون في «الهيئة» أن إجراء هذه التعديلات ليس وارداً، ولن يكون في صالح المعارضة في هذه المرحلة بالتحديد.
وفي هذا الإطار، يقول مصدر في الفصائل أحد أعضاء وفد جنيف، لـ«الشرق الأوسط»: «ستبحث الفصائل في الرياض أسباب تعليق مشاركتها في الجولة الأخيرة من المفاوضات، وبالتالي ضرورة الوصول إلى حلول في هذا الإطار، تسهيلاً لمهمة الوفد، ومنعاً لتكرار ما حصل في الجولة الأخيرة».
كانت الفصائل قد ربطت سبب تعليق مشاركتها في الجولة السادسة من «جنيف» بـ«عدم وضوح المرجعية بالمفاوضات، والتخبط في اتخاذ القرارات، وغياب استراتيجية تفاوضية واضحة، فضلاً عن اعتبارها أن العلاقة بين الهيئة العليا للمفاوضات والوفد المفاوض لا تصب في مصلحة الثورة».
وتشير المصادر إلى «امتعاض الفصائل من أداء صبرا الذي يحاول التفرّد بالقرارات، كما إلى مواقفه المنتقدة للمعارضة السياسية والعسكرية المشاركة في مؤتمر آستانة»، مضيفة: «لا بد من اتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الإطار، وإجراء التعديلات على الوفد، واستبدال كبير المفاوضين بشخصية أخرى».
وتؤكد المصادر أيضاً على أهمية حل المشكلة المتمثلة بانفراد الهيئة بالقرار، وتحول الوفد إلى «ساعي بريد» لها، خصوصاً أن ممثلي الفصائل ليسوا أعضاء في الوفد، باستثناء محمد علوش، القيادي في «جيش الإسلام»، ولا يتم التنسيق معهم بشكل دوري. من هنا، ترى أن الحل يكون عبر «توحيد القرار والمرجعية، من خلال ضم أعضاء (الوفد) إلى (الهيئة)، وتنفيذ آلية اتخاذ القرارات التي تم وضعها في مؤتمر الرياض، ولم يتم الالتزام بها».
من جهته، وفي حين يشير فؤاد عليكو، عضو «الائتلاف الوطني السوري» و«وفد جنيف»، إلى المشكلة نفسها المتمثلة بتفرد «الهيئة» بالقرارات، يستبعد في الوقت عينه إمكانية تغيير الوفد المفاوض، ويضيف: «جاهزون للذهاب إلى المملكة العربية السعودية، وننتظر بين لحظة وأخرى إبلاغنا للذهاب، حيث من المتوقع أن ننضم غداً (اليوم) إلى اجتماعات الهيئة».
ويقول عليكو لـ«الشرق الأوسط»: «مما لا شك فيه أن الإشكالية التي ظهرت بين (الوفد) و(الهيئة) في جولة المفاوضات الأخيرة ستكون الحاضر الأهم، وستأخذ الحيز الأبرز من النقاش على طاولة اجتماعات الرياض، لكني لا أعتقد أن الأمر سيصل إلى تغيير أعضاء الوفد»، موضحاً: «الإشكالية الأساس بين (الهيئة) و(الوفد) هي أن أعضاء الأخير شعروا بأنهم تحولوا إلى (مراسلين) ينقلون قرارات (الهيئة). لذا، فإن حل هذا الموضوع يكون عبر مشاركة الطرفين في أي قرار يتّخذ، وتكثيف اللقاءات، والتنسيق بينهما».
من جهته، لا ينفي المستشار القانوني لـ«الهيئة» عضو الائتلاف هشام مروة أن هناك امتعاضاً من قبل أعضاء في «الوفد» من أداء «الهيئة»، مؤكداً أن هناك جهوداً لحل الخلافات، من دون أن يؤدي الأمر إلى تغيير الوفد. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «على مستوى التوازنات، لا يمكن إجراء أي تعديل على الوفد في هذه المرحلة بالتحديد، لا من خلال كبير المفاوضين ولا غيره، والإقدام على أي خطوة في هذا الاتجاه، سينعكس سلباً على المعارضة أمام المجتمع الدولي، كما يعطي انطباعاً بأن وفد النظام مستقر، ووفد المعارضة يعاني من التخبط».
وفي حين يثني مروة على أداء الوفد الذي «بقي ملتزماً بالدور المرسوم له، والخطة المتفق عليها. وبالتالي، لا يمكن مكافأته بتغييره»، يقول: «مهمة الهيئة أن تضع الخطة العامة، وعلى الوفد الالتزام بها، وهذا متفق عليه بين الطرفين»، معتبراً أن «الحل يكمن في التوصل إلى آلية تنسيق مشتركة، وإجراءات تفاوضية دورية، مع التأكيد على الثوابت بعيداً عن أي تغييرات لن تكون في صالح الجميع».



غارات واشنطن تجبر الحوثيين على التخفي وإعادة التموضع

ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)
ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)
TT

غارات واشنطن تجبر الحوثيين على التخفي وإعادة التموضع

ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)
ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)

للأسبوع الثاني على التوالي، تواصل المقاتلات الأميركية شن ضرباتها الجوية على مواقع للحوثيين في اليمن، مستهدفة بشكل مكثف محافظة صعدة؛ المعقل الأبرز للجماعة، وسط تقارير عن عمليات إعادة تموضع للقيادات الحوثية ونقل معدات عسكرية إلى مواقع أعلى تحصيناً.

ووفق مصادر يمنية مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن واشنطن باتت تركز هجماتها على المواقع التي يُعتقد أن عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة، يختبئ فيها، إلى جانب مستودعات الأسلحة ومراكز القيادة والسيطرة.

وأكدت المصادر أن الحوثيين عمدوا منذ أشهر إلى نقل كميات ضخمة من الأسلحة وورشات التصنيع العسكري من صنعاء وعمران إلى مناطق وعرة في صعدة، خشية تعرضها للقصف.

وأفادت المعلومات بأن قيادات بارزة من الجماعة؛ بمن فيهم خبراء إيرانيون ومن «حزب الله» اللبناني، غادروا صنعاء ومدناً أخرى إلى معاقل الجماعة في صعدة، حيث توفر التضاريس الجبلية ملاذاً أفضل أماناً لهم.

أنصار للحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة لهم (أ.ب)

وتؤكد المصادر أن الحوثيين حفروا شبكة واسعة من الأنفاق والمخابئ داخل الجبال، تُستخدم مراكز قيادة ومستودعات أسلحة ومخابئ محصنة ضد الضربات الجوية.

إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن أن قيادات حوثية بارزة اختفت عن الأنظار منذ بدء الضربات، ومن بينهم مهدي المشاط، رئيس ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى». كما رصدت المصادر تحركات لقيادات أخرى نقلوا عائلاتهم إلى صعدة تحسباً لتصعيد أكبر.

ووفق المصادر، فقد فرضت الجماعة إجراءات أمنية غير مسبوقة، حيث قلّص القادة والمشرفون الحوثيون، خصوصاً القادمون من صعدة، من ظهورهم العلني وتحركاتهم، وتجنبوا حضور الاجتماعات الرسمية، بل لجأ بعضهم إلى مغادرة منازلهم والانتقال إلى شقق سرية أو مناطق نائية.

ومع استمرار الضربات الأميركية واتساع نطاقها، يرجح مراقبون عسكريون أن الحوثيين سيلجأون إلى استراتيجيات بديلة، مثل استخدام أنفاق تحت الأرض لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، أو إعادة نشر منظوماتهم الهجومية في مناطق أعلى تحصيناً.

وتبقى تساؤلات كثيرة مفتوحة بشأن مدى قدرة الجماعة على الصمود أمام الضربات المكثفة، وكيف ستؤثر هذه العمليات على خططها في استهداف الملاحة الدولية واستمرار تصعيدها العسكري في المنطقة.

نزوح من صعدة

وخلال الأسبوع الأخير، شنت المقاتلات الأميركية عشرات الغارات التي استهدفت مخازن أسلحة، وأنفاقاً محصنة، ومواقع عسكرية في مديريات: الصفراء، وساقين، وكتاف، وسحار، ومجز، ومدينة صعدة نفسها، ضمن حملة ترمب لتقويض قدرات الحوثيين على شن هجمات بحرية وتهديد الملاحة الدولية.

وتسببت الضربات المكثفة في نزوح واسع النطاق من مدينة صعدة ومديرياتها، وقد أفادت مصادر محلية بأن مئات العائلات غادرت منازلها خلال الأيام الأخيرة متجهة إلى محافظات حجة وعمران والجوف.

من آثار قصف أميركي استهدف الحوثيين في صعدة حيث معقل الجماعة (رويترز)

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن كثيراً من العائلات اضطرت إلى مغادرة مناطقها خشية الغارات، لكنها لم تتمكن من حمل أي ممتلكات معها بسبب ضيق الوقت، فيما لا تزال عائلات أخرى عالقة، غير قادرة على النزوح بسبب ظروفها الاقتصادية المتدهورة.

وكان الحوثيون نقلوا مطلع العام الحالي مركز الصواريخ والطائرات المسيّرة من عمران ومناطق أخرى، إلى كهوف ومواقع سرية في صعدة، وجرت العملية تحت إشراف كوادر مختصة من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، وذلك بهدف تأمين ما تبقى من ترسانتهم بعد الضربات الغربية.

وأكدت المصادر حينها أن عملية النقل جرت بسرية تامة، عبر شاحنات مدنية مموهة، وعلى دفعات متعددة، تجنباً لرصدها من قبل الطائرات الأميركية.