إضراب كتاب الضبط يشل المحاكم في موريتانيا

وزارة العدل اعتبرته إجراء غير شرعي

إضراب كتاب الضبط يشل المحاكم في موريتانيا
TT

إضراب كتاب الضبط يشل المحاكم في موريتانيا

إضراب كتاب الضبط يشل المحاكم في موريتانيا

تعطل العمل في عدد كبير من المحاكم الموريتانية خلال اليومين الماضيين بسبب أزمة نشبت بين وزارة العدل والنقابة الوطنية لكتاب الضبط، قررت النقابة بعدها الدخول في إضراب مفتوح عن العمل أول من أمس، تسبب في حدوث شلل شبه كامل للمحاكم الموريتانية.
وقالت النقابة الوطنية لكتاب الضبط، التي تقود الإضراب، إن نسبة الاستجابة لها بلغت 90 في المائة في محاكم المدن الكبيرة، مثل نواكشوط ونواذيبو، وأكدت أن إضرابها يتماشى مع النصوص القانونية المنظمة للعمل النقابي وحق الإضراب في المؤسسات العمومية الموريتانية.
ويحتج كتاب الضبط على تجاهل وزارة العدل الموريتانية لمطالب تقدموا بها منذ عدة أشهر، وفي مقدمتها «مراجعة وتطبيق النظام الأساسي لكتاب الضبط»، و«تنظيم المسابقات الداخلية والتقدمات التي ظلت دوما مغلقة في وجوههم»، و«إشراك كتاب الضبط في التكوينات الداخلية والخارجية».
كما طالب كتاب الضبط في رسالة موجهة إلى وزارة العدل مطلع شهر مايو (أيار) الماضي بتطبيق توصيات صدرت منذ 3 سنوات عن المجلس الأعلى للقضاء، تقضي بمنحهم قطع أراض في العاصمة نواكشوط والمدن الكبيرة، بالإضافة إلى «إنشاء وتفعيل صندوق المصاريف القضائية».
وكان كتاب الضبط قد أشعروا الوزارة في رسالتهم قبل شهر، بأنهم سيدخلون في إضراب مفتوح عن العمل في 5 يونيو (حزيران) الحالي إذا لم تستجب لمطالبهم، ولكن الوزارة تجاهلت الرسالة ورفضت الرد عليها، وفق ما أكدته نقابة كتاب الضبط.
ومع بداية الإضراب، قالت النقابة إنها «تلجأ لخيار الإضراب بعد شهر من تقديم عريضة مطلبية إلى وزير العدل، ولكنها لم تحظ بأي تجاوب»، مشيرة إلى أن إضرابها سيشمل كل المحاكم والإدارات التابعة لوزارة العدل الموريتانية.
كما لوحت النقابة بالتصعيد أكثر خلال الأيام المقبلة من خلال تنظيم وقفات احتجاجية واعتصامات مفتوحة أمام القصر الرئاسي في العاصمة نواكشوط، وأمام مباني وزارة العدل وقصر العدالة بنواكشوط الغربية، وبقية قصور العدل في ولايات الوطن.
من جهتها، وفي أول تعليق رسمي على الأزمة مع كتاب الضبط، وجهت وزارة العدل الموريتانية انتقادات لاذعة للإضراب، وأكدت أن ما أقدم عليه كتاب الضبط «غير شرعي وغير مقبول». وأضافت الوزارة في بيان صحافي أنه «لوحظ تغيب عدد من موظفي كتابات الضبط ودخولهم فيما سموه إضرابا مفتوحا عن العمل لمدة شهر، وذلك خرقا لكافة النصوص المعمول بها، وخاصة القانون المحدد لإجراءات ممارسة حق الإضراب في المرافق العمومية».
وقالت الوزارة في بيانها إنه نظرا لـ«عدم مشروعية هذا التصرف وتأثيره السلبي على سير هذا المرفق الحيوي بصورة غير مشروعة وغير مقبولة» فإنها تؤكد أنه «يجب على أولئك الموظفين الالتحاق بعملهم فورا تحت طائلة التطبيق الصارم للمقتضيات القانونية والتنظيمية ذات الصلة».
ولكن الوزارة أكدت في المقابل حرصها على «ضمان ممارسة جميع فئات موظفيها لحرياتهم وحقوقهم النقابية القانونية»، إلا أنها عادت لتؤكد أن إضراب كتاب الضبط «مجرد عن أي شكل من أشكال المشروعية، وأن الموظفين المشاركين فيه هم في حالة تغيب غير مشروع عن العمل».



قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
TT

قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)

يعقد قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، الأحد، قمة «عادية» تشارك فيها 12 دولة من أصل 15، هم أعضاء المنظمة الإقليمية، فيما يغيب قادة كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي قررت الانسحاب من المنظمة، بسبب موقف الأخيرة من الأنظمة العسكرية التي تحكم هذه الدول، والمحسوبة على روسيا.

ورغم أن هذه القمة «عادية»، فإنها توصف من طرف المراقبين بأنها «استثنائية»؛ بسبب حساسية الملفات التي سيناقشها قادة دول غرب أفريقيا، التي في مقدمتها الملفات الأمنية بسبب تصاعد وتيرة الإرهاب في المنطقة، وملف العلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، والسعي لإقناعها بالتفاوض والتراجع عن قرار الانسحاب.

قرار نهائي

وفيما يسعى قادة المنظمة الإقليمية التي ترفع شعار الاندماج الاقتصادي، لإقناع دول الساحل الثلاث بالبقاء في المنظمة، إلا أن الأخيرة أعلنت، الجمعة، أن قرارها «لا رجعة فيه»، وجدّدت اتهامها للمنظمة الإقليمية بأنها «أداة» تتحكم فيها فرنسا. وتمسّكت الدول الثلاث بالمضي قدماً في تشكيل منظمتها الخاصة، حيث أعلنت قبل أشهر إقامة «تحالف دول الساحل»، وبدأت التحضير لتحويله إلى «كونفيدرالية» تلغي الحدود بين الدول الثلاث، وتوحد عملتها وجواز سفرها، بالإضافة إلى قدراتها العسكرية والأمنية لمحاربة الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة.

قرار انسحاب دول الساحل من منظمة «إيكواس»، يدخل حيز التنفيذ يوم 29 يناير (كانون الثاني) المقبل (2025)، فيما يسعى قادة المنظمة إلى إقناع هذه الدول بالتراجع عنه أو تأجيله على الأقل، بسبب تداعياته الاقتصادية والأمنية على المنطقة.

إلغاء التأشيرة

جانب من الاجتماع بين قادة «إيكواس» في أبوجا ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

وقبل انعقاد قمة دول «الإيكواس» بعدة ساعات، أصدرت دول الساحل بياناً قالت فيه إنها قرّرت إلغاء التأشيرة عن مواطني جميع دول غرب أفريقيا، في خطوة لتأكيد موقفها المتمسك بقرار مغادرة المنظمة الإقليمية.

وقالت الدول الثلاث المنخرطة في كونفدرالية دول الساحل، إنها أصبحت «منطقة خالية من التأشيرات لجميع مواطني المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)». البيان الذي قرأه وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، عبر التلفزيون الحكومي المالي، مساء السبت، أكّد أن «لرعايا دول (إيكواس) الحق في الدخول والتنقل والإقامة والاستقرار والخروج من أراضي البلدان الأعضاء في كونفيدراليّة دول الساحل وفقاً للقوانين الوطنية السارية».

ولا يغير القرار أي شيء، حيث إن قوانين منظمة «إيكواس» كانت تنص على الشيء نفسه، وتتيح حرية التنقل والتملك لمواطني الدول الأعضاء في فضاء المجموعة الاقتصادية الممتد من السنغال إلى نيجيريا، وكان يضم 15 دولة قبل انسحاب مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

توتر ثم قطيعة

وبدأت القطيعة بين تحالف دول الساحل ومنظمة «إيكواس» عقب الانقلاب في النيجر في يوليو (تموز) 2023، وهو الانقلاب السادس في المنطقة خلال ثلاث سنوات (انقلابان في مالي، انقلابان في بوركينا فاسو، وانقلاب في غينيا)، بالإضافة إلى عدة محاولات انقلابية في دول أخرى.

وحاولت المنظمة الإقليمية الوقوف في وجه موجة الانقلابات، وفرضت عقوبات على مالي وبوركينا فاسو، وهدّدت بالتدخل العسكري في النيجر بعد أن فرضت عليها عقوبات اقتصادية قاسية، قبل أن تُرفع تلك العقوبات لاحقاً.

وتضامنت مالي وبوركينا فاسو مع النيجر، وأعلنت أن أي تدخل عسكري في النيجر يُعدّ انتهاكاً لسيادتها وسيجعلها تتدخل لدعم المجلس العسكري الحاكم في نيامي، لتبدأ مرحلة جديدة من التوتر انتهت بقرار الانسحاب يوم 28 يناير 2024.

قمة لم الشمل

قوات «إيكواس» خلال تأدية مهامها العسكرية في مالي (أرشيفية - رويترز)

من المنتظر أن يُخصّص قادة دول غرب أفريقيا حيزاً كبيراً من نقاشهم للعلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، حيث لا تزالُ المنظمة الإقليمية متمسكة بالطرق الدبلوماسية لإقناع الدول الثلاث بالتراجع عن قرار الانسحاب.

ذلك ما أكده رئيس نيجيريا، بولا تينيبو، وهو الرئيس الدوري للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، حيث أكد الأربعاء أن «الدبلوماسية والحكمة هي السبيل الوحيد لإعادة دمج هذه الدول في المنظمة الإقليمية».

وأشار الرئيس النيجيري إلى أن المجالس العسكرية التي تحكم الدول الثلاث «لا تزالُ مترددة في وضع برامج واضحة لمرحلة انتقالية محددة من أجل تسليم السلطة إلى المدنيين والعودة إلى الوضع الدستوري»، ورغم ذلك، قال تينيبو: «ستستمر علاقة الاحترام المتبادل، بينما نعيد تقييم الوضع في الدول الثلاث». وأضاف في السياق ذاته أن منظمة «إيكواس» ستترك الباب مفتوحاً أمام عودة الديمقراطية إلى البلدان المعنية، مشدداً على أن احترام المؤسسات الدستورية وتعزيز الديمقراطية «هو ما تدافع عنه المنظمة».

مفترق طرق

أما رئيس مفوضية «إيكواس»، أليو عمر توري، وهو الشخصية الأهم في المنظمة الإقليمية، فقد أكّد أن «منطقة غرب أفريقيا تقف عند مفترق طرق غير مسبوق في تاريخها كمجتمع».

وقال توري في تصريحات صحافية، الخميس، إنه «في الوقت الذي تستعد الدول الأعضاء في (الإيكواس) للاحتفال باليوبيل الذهبي لجهود التكامل الإقليمي العام المقبل، تواجه أيضاً احتمالية انسحاب بعض الدول الأعضاء»، وأضاف أنه «من الضروري التأمل في الإنجازات الكبيرة التي حققتها (إيكواس) على مدى العقود الماضية، وكذلك التفكير في مستقبل المجتمع في ظل التحديات السياسية التي تواجه شعوبنا».

وفيما يرفعُ قادة المنظمة الإقليمية خطاباً تصالحياً تجاه دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، تواصل الأخيرة في خطاب حاد يتهم «إيكواس» بالتبعية إلى القوة الاستعمارية السابقة (فرنسا).