بولندا... سوق عقارية قيد التطوير تلفت انتباه الأجانب

الأسعار أدنى من مثيلاتها الأوروبية... ووارسو تتصدر المناطق الجاذبة

سوق بولندا
سوق بولندا
TT

بولندا... سوق عقارية قيد التطوير تلفت انتباه الأجانب

سوق بولندا
سوق بولندا

يقع هذا المنزل الكبير، المكون من 4 غرف للنوم، مع التصميم المستوحى من المعمار الفرنسي في الداخل والخارج، في ضاحية لوميانكي، إلى الشمال الغربي من العاصمة البولندية وارسو، قبالة حديقة كامبينوس الوطنية، والغابة التي صنفتها منظمة «اليونيسكو» كمحمية طبيعية.
والمنزل الذي تبلغ مساحته 7500 قدم مربع معروض للبيع بقيمة 8 ملايين زلوتيس، وهي العملة المحلية في بولندا، أي ما يوازي نحو مليوني دولار. وكان المنزل قد استكمل بناؤه في عام 2005، وجرى تحديثه في عام 2015، وهو يقع على مساحة من الأرض تبلغ 0.62 فدان. وبعد المرور من الأبواب الأمامية، تجد قاعة الاستقبال التي تربط بين غرفة المعيشة وغرفتي الطهي وتناول الطعام، ثم يقابلك الدرج الكبير من الحجر الجيري. وهناك حمام صغير بالقرب من المدخل. وتشترك غرفتا المعيشة والطعام في مساحة كبيرة مستطيلة تقع إلى يمين المدخل.
كثير من الأثاثات الداخلية جاء من فرنسا، حيث سافر إليها البائعون الذين يقدرون القيمة المعمارية للمبنى، ويعرض المنزل للبيع بالأثاث، كما تقول دوروتا نواكوسكا، الوكيل العقاري لدى شركة «سوثبي» الدولية للعقارات التي تعرض المنزل للبيع.
يوجد المطبخ إلى اليسار من المدخل الرئيسي للمنزل، وهناك مرآب يتسع لسيارتين، وغرفة لمشاهدة التلفاز، وحمام كبير بدش خاص وساونا على الطراز التركي. كما أن هناك درجاً آخر بالقرب من المرآب.
هناك 3 مواقد في الطابق الأرضي؛ أحدهم يوجد في المدخل، والثاني هو النقطة المحورية في غرفة المعيشة، أما الثالث فيوجد في المطبخ المجهز بجدران بيضاء اللون وأسطح من خشب الساج الداكن.
وفي الطابق العلوي، بعد الدرج الداخلي المركزي، توجد منطقة للجلوس تؤدي إلى غرفة النوم الرئيسية. ويحتوي الجناح الرئيسي على خزانتين، وسقف مائل مع نوافذ ذات حواف، وحمام بألوان زاهية، إلى جانب حوض استحمام مستقل ودش وخزانات بيضاء.
يؤدي الرواق إلى 3 غرف نوم أخرى، منها اثنتان يوجد فيهما حمامان داخليان. وإحدى غرف النوم تعتبر ممتازة بالنسبة للضيوف بسبب وجود غرفة للجلوس فيها، ويمكن الوصول إليها عبر الباب القريب من المرآب والدرج الثاني، كما قالت السيدة نواكوسكا.
توجد إسطبلات الخيول على مسافة 15 دقيقة بالسيارة، وهناك مركز تجاري للتسوق، إلى جانب المطاعم المتنوعة، والغابة التي تبلغ مساحتها 150 ميلاً مربعاً، وتوجد فيها مسارات مختلفة، وهي معروفة بالركض وركوب الدراجات. ويبعد المنزل نحو 30 دقيقة بالسيارة عن المطار الدولي، ونحو 25 دقيقة عن وسط مدينة وارسو.

نظرة عامة على السوق
لا تزال سوق العقارات والإسكان في بولندا قيد التطوير، والأسعار أدنى من غيرها من البلدان الأوروبية الأخرى، بالنسبة للميزات المماثلة، كما أن المعروض العقاري ضئيل، كما أفاد بذلك الوكلاء العاملون في السوق العقارية بالبلاد. ومع تحسن أداء الاقتصاد البولندي بشكل عام، كانت الفئة الثرية من السكان يزداد الطلب لديها على المنازل الفاخرة في وارسو وغيرها من المدن والمنتجعات السياحية.
وفي العاصمة وارسو، تعتبر أسعار كل أنواع الشقق مرتفعة عن بقية أنحاء البلاد، وفقاً لتقرير صادر في عام 2015 بشأن سوق العقارات الفاخرة في وارسو عن مؤسسة «كي بي إم جي» المحاسبية، وشركة «رياس» للتحليلات والاستشارات العقارية. ومع ذلك، يمكن لشقة فاخرة في وارسو أن تكلف ما بين 3 و4 أضعاف سعر الشقة المماثلة في باريس، وفقاً لكازيميرز كيريجكزيك، رئيس مجلس إدارة شركة «رياس» وأحد مؤلفي التقرير المشار إليه.
ومدينة وارسو، التي يبلغ تعداد سكانها نحو 1.7 مليون نسمة، والتي دمرت بشكل شبه كامل في الحرب العالمية الثانية، لا يزال يوجد فيها عدد قليل من مباني ما قبل الحرب. وقبل نحو 20 عاماً، بدأ المطورون في تشييد المباني الهادفة إلى جذب العملاء الأثرياء، كما قال السيد كيريجكزيك. وكانت المشاريع الأولى تتعلق بالمباني الصغيرة المحدودة، ثم أعقبها بناء الأبراج الفاخرة قبل 10 سنوات، أو نحوها.
ظلت أسعار العقارات الفاخرة مستقرة منذ عام 2013 تقريباً، كما قال أركاديوس فوجسيتشوفسكي، المدير التنفيذي في شركة «بولاند سوذبي» العقارية الدولية. ومع ذلك، ارتفعت مستويات المعاملات منذ ذلك الحين، مع التوسع المشهود في بعض المشروعات العقارية الفاخرة التي زادت من المعروض العقاري في أسواق المباني الفاخرة في البلاد.
ويقدر فوجسيتشوفسكي أن الشقق الجديدة تكلف ما متوسطه 4 إلى 5 آلاف دولار لكل متر مربع، أو ما يساوي 372 إلى 465 دولاراً لكل قدم مربع. ويبدأ سعر الشقق الفاخرة ومنازل العائلة الواحدة من مليون دولار تقريباً، ولكن يمكن شراء شقة في مبنى مجدد مع الخدمات الداخلية والبواب مقابل نصف مليون دولار فقط، كما قال السيد فوجسيتشوفسكي. وتعرض العقارات الفاخرة لقاء مبالغ أدنى من السعر المطلوب، ولكن في بعض المواقف الاستثنائية تكون هناك خصومات كبيرة - تصل إلى 50 في المائة، كما يقول.
وفي سوق العقارات الفاخرة، تجري 90 في المائة من المشتريات نقداً. ويقول دانيال كوبانيا، الشريك المستقر في وارسو مع مؤسسة «كليفورد تشانس» القانونية، رئيس إدارة المبيعات العقارية في بولندا، إنه بالمقارنة مع كثير من الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، فإن أسعار العقارات في بولندا لا تزل جذابة. كما أن ضريبة العقارات السكنية هي أقل نسبياً في بولندا، كما أضاف.

من يشتري العقارات في وارسو
يميل الأجانب الذين يعيشون في وارسو للعمل إلى الاستئجار. والغالبية العظمى من المنازل الفاخرة يشتريها المواطنون الأثرياء في بولندا، كما قال السيد فوجسيتشوفسكي.
ومع ذلك، كما أضاف، فإن حصة الأجانب الذين يشترون المنازل الفاخرة في المدينة باتت في ارتفاع على مدى العامين أو الأعوام الثلاثة الماضية. ويأتي هؤلاء المشترون من الولايات المتحدة الأميركية، ومن غرب أوروبا، ومن دبي، ويميلون إلى أن تكون لهم ارتباطات خاصة في بولندا - على سبيل المثال، أن تكون لهم عائلات هناك، أو أن ينحدرون من أصول بولندية.

أساسيات الشراء
هناك قيود تواجه الأجانب الذين يرغبون في شراء أنواع معينة من العقارات في بولندا، كما قال السيد كوبانيا. وليست هناك حدود على مشتري الشقق الجديدة، أو التي كانت مملوكة من قبل، ولكن الناس من كثير من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة، الذين يرغبون في شراء منازل العائلة الواحدة، يجب عليهم التقدم بطلب الحصول على تصريح من وزارة الداخلية والإدارة. وهناك كثير من الطرق للإعفاء من هذا الشرط، وكثير من الناس يفعلون ذلك، كما أضاف. كما أن هناك إعفاء أيضاً حيال مواطني الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال.
وبالنسبة للمشترين المحتملين الذين لا يمكنهم الحصول على الإعفاء المذكور، يستغرق الحصول على التصريح الحكومي نحو شهرين كاملين، وذلك بمجرد الحصول على كل المستندات اللازمة لطلب الحصول على التصريح.
ويغطي المشترون في المعتاد أغلب تكاليف الإغلاق في بولندا، وتختلف هذه التكاليف بصورة كبيرة بناء على ما إذا كان العقار جديداً أو مملوكاً من قبل. وبالنسبة للشقق أو المنازل الجديدة، يسدد المشتري في المعتاد ضريبة القيمة المضافة بنسبة 8 في المائة. أما بالنسبة للعقارات الكبيرة الجديدة، أي المنازل التي تبلغ مساحتها أكثر من 300 متر مربع، أو 3230 قدماً مربعاً، أو الشقق التي تبلغ مساحتها أكثر من 150 متراً مربعاً، أو 1500 قدم مربع، فهناك هيكل ضريبي مختلف تماماً بشأنها.
وتسري الضرائب على أماكن وقوف السيارات الملحقة بالشقق، ولكن بمعدل يبلغ سقفه 23 في المائة، كما هو الحال بالنسبة للمرآب المنفصلة في منازل العائلة الواحدة. وبالنسبة للمنزل أو الشقة الموجودة، هناك ضريبة القيمة المضافة، ولكن الضريبة بنسبة 2 في المائة، المعروفة باسم ضريبة التحويل.
وتجري المعاملات في المعتاد عن طريق كتاب العدل، ويتم استخدام المحامين في المعاملات المعقدة أو الفاخرة، أي العقارات التي يزيد سعرها على مليون دولار أو نحوها، كما قال السيد كوبانيا.

اللغة والعملة
اللغة: البولندية، والعملة: زلوتيس (1 دولار = 3.83 زلوتيس).

الضرائب والرسوم
الضريبة العقارية السنوية تبلغ 1270 زلوتيس، أو ما يساوي 322 دولاراً.

* خدمة «نيويورك تايمز»



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»