الباب تنفض الغبار بعد طرد «داعش»... وتتعافى من جراح الحرب

محل لبيع الثياب وسط الدمار في الباب أمس («الشرق الأوسط»)
محل لبيع الثياب وسط الدمار في الباب أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الباب تنفض الغبار بعد طرد «داعش»... وتتعافى من جراح الحرب

محل لبيع الثياب وسط الدمار في الباب أمس («الشرق الأوسط»)
محل لبيع الثياب وسط الدمار في الباب أمس («الشرق الأوسط»)

عادت الحياة لتنبض من جديد في مدينة الباب، شمال شرقي حلب بعد أشهر من القصف والمعارك بين «الجيش السوري الحر» وتنظيم داعش. إذ يجتمع عشرات في طوابير أمام محلات بيع المعجنات وبائعي التمر الهندي في شهر رمضان المبارك، بعدما عادت المحلات لتفتح أبوابها وتنفض الغبار عنها.
في أطراف الباب، يعمل محمد الشيخ (30 سنة) على ترميم منزله. وقال: «لم نتلقَ أي مساعدات، أو دعم، لترميم منازلنا، وكل تكاليف الإصلاح أو إعادة الإعمار تقع على عاتق الأهالي».
وخلال ثلاثة أشهر من المعارك تعرضت الباب لقصف جوي عنيف، ألحق في المدينة دماراً هائلاً، إلى أن انسحب «داعش» من المدينة في 23 من فبراير (شباط) الماضي. وقال الشيخ إن «كثيراً من الأهالي لا تتوفر لديهم الأموال الكافية، لإعادة الإعمار. رغم أن منزلي لم يتعرض لقصف مباشر، فإني أنفقت حتى الآن نحو 3 آلاف دولار أميركي ولم أنتهِ من إصلاح الأضرار بعد».
وتعكس حركة إعادة الإعمار وعودة التجار والصناعيين لمزاولة عملهم من جديد شعوراً لدى الأهالي بنوع من الأمان، ذلك رغم أن المدينة تشكل خط تماس مع قوات النظام السوري، التي تتمركز في بلدة تادف المجاورة. وغالبا ما تعكر ألغام وضعها «داعش» هدوء المدينة.
ولا يتوقع أحمد عثمان، وهو صاحب محل تجاري أن تكون لقوات النظام مطامع في الهجوم على مدينة الباب. وقال: «إن التفاهمات (الروسية – التركية) حول المنطقة، تجعل مدينة الباب ومنطقة درع الفرات (اسم العملية التي شنتها المعارضة بدعم الجيش التركي) عموماً من حصة قوات المعارضة».
ودفع عثمان ما يقارب 12 ألف دولار لإعادة ترميم متجره، وملئه بمختلف أصناف البضائع. وهو يشعر بنوع من الأمان، بما يشجعه لينفق على متجره بسخاء من دون خوف من الخسارة، أو أن يضطر لإخلاء متجره لاحقاً بسبب تردي الأوضاع الأمنية.
لكن في مقابل ذلك، فإن أصحاب المشاريع الضخمة لم يعودوا بعد إلى مدينة الباب لأن غالبيتهم شقوا حياتهم في تركيا، خلال سنوات سيطرة التنظيم على مدينة الباب، وربما لا يشعر هؤلاء بأمان كافٍ، يحمسهم لإعادة فتح مشاريعهم الضخمة. وليس ببعيد عن متجر عثمان، تعمل ورشات تابعة للمجلس المحلي التابعة للمعارضة، على ترحيل أنقاض المباني المدمرة. وانتهت هذه الورشات من ترحيل النسبة الأكبر من الأنقاض في المدينة.
ويتولى المجلس المحلي لمدينة الباب، الإشراف على المرافق الخدمية في المدينة وتقديم الخدمات للسكان، بالتعاون مع الحكومة التركية وبعض المنظمات الدولية.
وتنتشر بشكل ملحوظ دوريات تابعة لجهاز الأمن العام والشرطة الوطنية في شوارع ومداخل مدينة الباب. ويبدي الأهالي ارتياحاً من وجود الشرطة، التي باشرت مهامها خلال الأسابيع الماضية، فهم يرون فيها أملاً بإنهاء فوضى السلاح، وضبط الأمن في المدينة. وتدعم الحكومة التركية جهاز الشرطة، وهي تشرف على تدريبه في معسكرات تقام على الأراضي التركية. كما تدعم الكثير من المشاريع في مدينة الباب، فهي قد قامت بتأهيل غالبية المدارس وإصلاحها، وكما تعمل على إنشاء مشفى بالقرب من المدينة.
لكن سكان الباب يعانون من مشكلة عدم توفر المياه، ذلك أن سيطرة قوات النظام على محطة الخفسة في ريف حلب الشرقي، حرمت المدينة من المياه، التي يجري استجرارها عبر القنوات من نهر الفرات.
لذلك تنشط حركة صهاريج المياه، التي تنقل المياه من الآبار المنتشرة في المدينة وأطرافها إلى السكان، غير أن الطلب الشديد عليها، وارتفاع درجات الحرارة، رفع سعر الصهريج إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية. (الدولار يساوي 500 ليرة).
وتضاف هذه المصاريف التي تحتاجها العائلة المتوسطة كل أسبوع تقريباً، إلى اشتراك يدفعه الأهالي لأصحاب المولدات الكهربائية، حيث تدفع كل عائلة أسبوعياً نحو أربعة آلاف ليرة سورية، للحصول على خط كهرباء يعمل نحو 8 ساعات يومياً.
واللافت أن الباب يسكنها آلاف من مهجري مدينة حمص الذين قدموا من حي الوعر، بعد تهجيرهم، ويقدر عدد سكان مدينة الباب حالياً بنحو 100 ألف شخص.
ولم يعد من السهل العثور على منزل فارغ للإيجار في المدينة حيث يتراوح الإيجار الشهري بين 50 إلى 75 دولارا في حين أن الكلفة في مدينتي أعزاز وجرابلس تصل إلى 300 دولار. وتنافس الباب لأن تكون المركز البشري والعاصمة الاقتصادية لمنطقة «درع الفرات» بسبب موقعها المتوسط في المنطقة والامتداد العمراني الواسع لها، ووقوعها على الطريق بين معبر الراعي على الحدود مع تركيا، والذي من المنتظر فتحه للحركة التجارية.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.