«اللبنانية الأميركية» تجمع بين الجامعة والمستشفى في تطوير كلية الطب

انطلاقاً من الأساليب المعتمدة في فروع جامعات الطب بالولايات المتحدة الأميركية، وضعت الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت، نصب عينها تطوير الصرحين الطبي والجامعي استناداً إلى استراتيجية واضحة تعتمد بالدرجة الأولى على البرامج، بحيث يصبح التعليم فيها تفاعليّاً، يعتمد على العمل الجماعي بعيداً عن الأساليب التقليدية التي تمكّن الطالب من حلّ المشكلات بالممارسة وليس التلقين.
ومع عودة الدكتور ميشال معوض إلى لبنان، بعد تسلّحه بالخبرة الأكاديمية والطبية خلال 30 سنة أمضاها في الولايات المتحدة، حدّد هدفه بالعمل على تطوير الجامعة اللبنانية الأميركية من مختلف النواحي، بعد تعيينه عميداً لـ«كلية الطب» فيها، كما لتطوير المستوى الطبي في مستشفى رزق التابع للجامعة، الذي تأسس عام 1957.
وشدّد الدكتور معوّض في حديث لـ«الشرق الأوسط» على أهمية «نظام التعليم بالمحاكاة» الذي بات ضرورة في اختصاص الطب لمساهمته في تحسين جودة العمل وتحسين التواصل بين الجسم الطبي والمريض، وتعتمد عليه الجامعة اللبنانية الأميركية ليس فقط ضمن برنامج التعليم إنّما أيضاً في إنشاء «مركز المحاكاة» الذي يمنح شهادة الدبلوم للأطباء والمتخصصين في المجال الطبي المهنيين والأكاديميين، وهو بذلك يستقطب سنوياً عدداً كبيراً من هؤلاء من عدّة دول في مقره بمنطقة جبيل بجبل لبنان الشمالي.
وقد طوّرت الجامعة منهجاً خاصاً بها في هذا المجال الذي يهدف بشكل أساسي في التخفيف من معدّل الأخطاء الطبية، يعمل على أجساد تشبه جسد الإنسان موصولة بآلات وأجهزة إلكترونية للتحكم بها، كما يتم التعاون خلاله مع ممثلين يقومون بأدوار المرضى مع ما يرافق هذا الدور من أعراض ووضع طلاب السنة الأولى والثانية أمام المشكلة الطبية وجها لوجه ومحاولة تشخصيها كما وصف العلاج المناسب لها.
وكان رئيس الجامعة جوزيف جبرا قد أعلن أنّ إنشاء مركز المحاكاة في كلية الطب «يهدف إلى توفير بيئة للمتخصصين في الرعاية الصحية تمكنهم من التعبير عن أنفسهم والتعلم من ممارساتهم من دون إيذاء المرضى، وإشراكهم في التعليم المهني حيث يمكنهم التعلّم من بعضهم البعض، وأخيراً توفير المكان المثالي للأبحاث الطبية».
ولإحاطة الطب من كل جوانبه، يستكمل الطلاب تدريبهم في مستشفى رزق الذي يخضع بدوره لبرنامج تطوير من مختلف النواحي، عبر الاستعانة بأطباء محترفين ومخضرمين معظمهم من اللبنانيين للقيام بدور مزدوج في معالجة المرضى وتعليم الطلاب، في موازاة العمل على تطوير مختلف أقسام المستشفى، الطوارئ وغرف العمليات إضافة إلى توسيع المباني وزيادة عدد الأسِرَّة.
ويشير معوض إلى أن الجامعة، وضمن خطّتها التي تعمل عليها في كلية الطب، لا تهدف فقط إلى تخريج طالب يحمل شهادة في الطب، إنّما «طبيب اجتماعي إنساني»، موضحاً أنّه «على الطبيب أن يكون مرشدا اجتماعيا عبر تعليمه أخلاقيات المهنة لتكون الإنسانية معيارا أساسيا في حياته بحيث يستطيع الذهاب إلى أصل المشكلة ومحاولة معالجتها حتى قبل حصولها، من خلال توعية المجتمع الذي يكون على تماس وتواصل معه».
وانطلاقا من قناعة معوض والمسؤولين في الجامعة بأنّ البحث العلمي يعتبر أساسا مهما في تطوير العقل وتقدم المجتمع لا سيما في المجال الطبي، يولي هؤلاء أهمية له عبر تشجيع الطلاب وتحفيزهم على البحث عبر تأمين أرضية بحثية وأكاديمية في الجامعة، وكذلك عبر التعاون مع مؤسسات ومراكز أبحاث لتأمين التمويل اللازم لهذه الأبحاث التي تستفيد منها الجامعة بشكل خاص ولبنان بشكل عام.
وعلى الرغم من أنّ كلية الطب في الجامعة اللبنانية الأميركية تعتبر حديثة مقارنة مع غيرها من كليات الطب في لبنان والعام العربي، نظراً إلى أنّها تأسست عام 2008، إنّما استطاعت أن تثبت نفسها في هذا المجال كواحدة من أهم الجامعات، حسبما يؤكد معوض، مضيفاً: «نعتمد في برامجنا على البرنامج الأميركي الذي يدرّس في المقرّ الرئيس للجامعة في نيويورك بحيث لا يكون الاختلاف بين الطلاب الأميركيين والذين يدرسون في لبنان إلا في المكان، وقد أثبت طلابنا مستوى عالياً بل وتفوقوا في جامعات أميركية عدّة، قرروا التوجه إليها بعد التخرج للتخصص في مجالات طبية معينة».
وعلى الرغم من أن الجامعة اللبنانية الأميركية تعتبر من الأغلى في لبنان، فإن أبوابها تبقى مفتوحة للطلاب المتفوقين «الذين نبحث عنهم في مختلف المدارس اللبنانية الرسمية منها والخاصة، من مستويات فقيرة ومتوسطة لاستقبالهم على مقاعد الجامعة وتقديم فرصة الانتساب إليها عبر إعطائهم منحاً تعليمية خاصة»، بحسب ما يؤكد معوض، موضحاً أنّ الدكتور جوزف جبرا رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية، ينفّذ هذه المهمة بنفسه.
ولا ينفي معوض أن هناك تركيزاً على عدد محدد من الاختصاصات الطبية في لبنان والدول العربية من دون غيرها، من هنا، يشدد على أهمية معرفة حاجات المجتمع وتوجيه الطلاب نحوها، بعدما اختلفت المتطلبات وارتفع معدل العمر في مختلف الدول ومنها العربية، ويعطي مثالاً على ذلك اختصاص «طب الشيخوخة» و«طب العائلة» و«مرض ألزهايمر»، إضافة إلى الأمراض السرطانية التي باتت تظهر في الفترة الأخيرة وتحتاج إلى متخصصين.
وكانت الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) قد عيّنت الدكتور ميشال معوض في شهر مارس (آذار) الماضي، عميداً جديداً لكلية الطب بعد 30 سنة، أمضاها في كلية «بايلور» للطب وسنتين في عيادة «كليفلاند» بأبوظبي.
واستحق معوض العمادة كونه «يتمتع بخبرة أكاديمية وإدارية وتحليلية واسعة»، وكان قد تدرّب على عمليات الجراحة العصبية ومنها جراحة الأعصاب التداخلية في معهد علوم الأعصاب، ومستشفيات جامعة «كولومبيا» في نيويورك، وأمضى 32 سنة في كلية بايلور للطب (ولاية تكساس)، حيث كان يعمل في مجال الأمراض الدماغية الوعائية، وكان رائداً في تطوير عدد من التقنيات لعلاج الاضطرابات الدماغية مثل تمدد الأوعية الدموية، التشوه الشرياني الوريدي، السكتة الدماغية وغيرها. ويملك حاليا الكثير من براءات الاختراع، في مجال العلاج الإشعاعي المحمي (1996)، وأخرى في مجال رأب الوعاء (تقنية لتوسيع الأوعية الدموية) واستخدام الدعامات (2000).
شغل معوّض مناصب عدة في «بايلور» منها رئاسة قسم الأشعة ومناصب الأستاذية المثبتة في أقسام الأشعة، وعلم الأعصاب، وجراحة الدماغ والأعصاب وأمراض العيون.
معوض، المعتمد من الجمعية الأميركية (American Board)، هو عضو في ثماني منظمات طبية من بينها «الاتحاد العالمي للتصوير الشعاعي العصبي التداخلي العلاجي» (WFITN) الذي ساعد في تأسيسه ومن ثم ترأسه. كما ترأس هيئة تحرير عدد من الصحف البارزة، ولديه أكثر من 300 مقال علمي، وتلقى الكثير من المنح البحثية التي بلغت قيمتها الإجمالية 4.255.000 دولار أميركي، بالإضافة إلى حصوله على أوسمة وجوائز مختلفة خلال مسيرته.