الدنمارك توقف تمويل منظمات فلسطينية بضغط من إسرائيل

الدنمارك توقف تمويل منظمات فلسطينية بضغط من إسرائيل
TT

الدنمارك توقف تمويل منظمات فلسطينية بضغط من إسرائيل

الدنمارك توقف تمويل منظمات فلسطينية بضغط من إسرائيل

قررت الدنمارك وقف أي تمويل مالي للمؤسسات الأهلية في الأراضي الفلسطينية، خصوصا بعد الجدل حول تمويل مراكز قالت إسرائيل إنها «محرضة» وتمجد «الإرهاب».
وأعلن ياسبر واهر، سفير الدنمارك لدى إسرائيل، أمس، وقف بلاده تمويل المؤسسات والمراكز الفلسطينية غير الحكومية. وقال إنه قررت قطع العلاقات كاملة مع تلك المؤسسات، مضيفا أن بلاده ستطلب من المؤسسات التي مولتها إعادة الأموال التي صرفت عليها.
وجاء قرار الدنمارك بعد أيام من تحقيق فتحته وزارة الخارجية الدنماركية حول الهبات والتبرعات التي تذهب إلى مراكز فلسطينية.
ووعد وزير الخارجية الدنماركي بمراجعة ملف التبرعات التي تقدمها حكومته للمنظمات غير الحكومية في فلسطين، معلنا قبل أيام فقط أنه «لن يوافق على أي تمويل جديد إلى حين صدور نتائج عن التحقيق الذي تجريه الحكومة».
وقال وزير الخارجية الدنماركي، أندرس سامويلسن، في بيان، إنه «يجب أن نتأكد من أن المساعدات الدنماركية تسهم بشكل إيجابي في تعزيز حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية»، مضيفا أنه «من الممكن أن نتوقف عن تقديم الدعم لبعض المنظمات الفلسطينية بعد التحقيق الذي نقوم به حتى نتوصل إلى استنتاجات، ولن نوقع على أي منح جديدة للمنظمات الفلسطينية».
وجاء قرار سامويلسن بعد تحريض كبير مارسه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل فترة وجيزة، حين حثه على وقف تمويل منظمات «تشارك في التحريض ضد إسرائيل».
وقد أعطى نتنياهو لسامويلسن قائمة بالمنظمات التي تتلقى أموالا دنماركية، وتحرض على مقاطعة إسرائيل في الوقت نفسه.
واتخذت الدنمارك القرار بعد قرار مشابه للنرويج، وقرار من الأمم المتحدة بسحب دعمها لمركز نسائي في الضفة الغربية، لأنه يحمل اسم «دلال المغربي»، وهي فدائية فلسطينية نفذت عملية شهيرة في إسرائيل عرفت باسم عملية الساحل عام 1978، وخلفت أكثر من 38 قتيلا إسرائيليا.
ويتوقع أن تحذو النرويج على خطى الدنمارك.
وكان وزير الخارجية النرويجي، بورج بريندي، قد شن حملة على إطلاق السلطة الفلسطينية اسم المغربي على المركز، مطالبا بإزالة اسم بلاده عن المبنى وإعادة الأموال التي تبرعت بها النرويج لبنائه. وقال الوزير النرويجي إن «تمجيد الهجمات الإرهابية غير مقبول تماما، وأنا أدين القرار بأشد العبارات. والنرويج لن تسمح بالارتباط بمؤسسات تتبنى أسماء الإرهابيين بهذه الطريقة، ولن نقبل استخدام مساعدات النرويج لهذه الأهداف».
وتشن إسرائيل هجوما مكثفا على الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية، وتتهمهم بدعم «الإرهاب» وتمجيده من خلال إطلاق أسماء فدائيين على مؤسسات وشوارع وإعطاء رواتب لأسرى ودفع أموال لعائلاتهم وعائلات الشهداء كذلك.
ويربط نتنياهو بين توقف السلطة عن دفع رواتب عائلات «أسرى وشهداء» وبين العودة إلى طاولة المفاوضات. ويقول نتنياهو إن التوقف عن تمجيد «إرهابيين» سيكون دليلا كافيا على نية عباس إقامة السلام، لكن السلطة رفضت طلب نتيناهو هذا، وردت بتعيين أحد الأسرى القدامى في اللجنة المركزية لحركة فتح.
ويقول مسؤولون فلسطينيون إنهم لن يقبلوا بقلب مفاهيمهم النضالية والأخلاقية من أجل نتنياهو.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.