الحرس الرئاسي يتسلم مطار طرابلس... وإيطاليا تعلن استعدادها للوساطة

فرنسا تنفي تعهد ماكرون للسراج بفتح سفارتها في ليبيا قريباً

قوات الحرس الرئاسي عند مدخل مطار طرابلس (أ.ف.ب)
قوات الحرس الرئاسي عند مدخل مطار طرابلس (أ.ف.ب)
TT

الحرس الرئاسي يتسلم مطار طرابلس... وإيطاليا تعلن استعدادها للوساطة

قوات الحرس الرئاسي عند مدخل مطار طرابلس (أ.ف.ب)
قوات الحرس الرئاسي عند مدخل مطار طرابلس (أ.ف.ب)

أعلن الحرس الرئاسي لحكومة السراج أن وزارة المواصلات تسلمت رسميا مطار طرابلس العالمي.
وقال العميد نجمي الناكوع، آمر الحرس الرئاسي، في بيان وزعه أمس، مصحوبا بصور فوتوغرافية تظهر طائرة (أوباري) بشكل منخفض في مدرج المطار: «نحن في مطار طرابلس الدولي من دون أي تحكم من أي جهة، والمطار الآن مؤمن من قوات شرعية»، موضحا أنه جرى أيضا تسليم عدد من المعسكرات وغيرها من المواقع الاستراتيجية للجيش، أو للسلطات المختصة بعد الاشتباكات.
وتعرض المطار الرئيسي في طرابلس، المغلق، لأضرار شديدة في قتال عام 2014، وكان يسيطر عليه فصيل منافس حتى الأسبوع الماضي. وقد تمكن الحرس الرئاسي، الذي شكلته حكومة السراج، من الوصول إلى مطار طرابلس الدولي بعدما انتصرت جماعات متحالفة معها.
وتظهر السيطرة على المطار توسعا في سلطة الجماعات المسلحة في طرابلس، التي تبدي تسامحا تجاه وجود حكومة السراج، بعدما كانت جماعات مسلحة موالية لحكومة سابقة معلنة من جانب واحد تسيطر على المطار الذي يبعد بنحو 25 كيلومترا إلى الجنوب من وسط طرابلس.
من جانبها، حملت منظمة التضامن لحقوق الإنسان حكومة السراج مسؤولية عمليات هدم البيوت، والقتل التي جرت في أعقاب المواجهات المسلحة التي وقعت في العاصمة طرابلس مؤخرا، وطالبت في بيان لها بضرورة وضع حد لهذه الأعمال وتحديد مرتكبيها وتقديمهم للعدالة.
ورصدت المنظمة المحسوبة على الإخوان هدم مجموعات مسلحة، محسوبة على المجلس الرئاسي، لمنزل وكيل وزارة الدفاع السابق ومدير سجن الهضبة خالد الشريف، بالإضافة إلى قيام مسلحين بالهجوم على منزل عضو المؤتمر الوطني العام السابق عبد الوهاب القايد، وتعرض مقر دار الإفتاء الليبية للاعتداء من طرف مسلحين.
وفي غضون ذلك، أعلن الجيش الوطني الليبي أن مقاتلات حربية تابعة له دمرت تسع آليات مسلحة على حدود مدينة الجفرة وضواحيها، وقال مسؤول عسكري إن الجيش استهدف المواقع التي تستخدمها الجماعات المتطرفة غرفا للعمليات الإرهابية ومخازن للأسلحة. فيما أكد العقيد أحمد المسماري، المتحدث الرسمي باسم الجيش، أن القوات البرية على مشارف المنطقة وستدخل المعركة مباشرة، على حد تعبيره.
على صعيد آخر، قال السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بروني، إن بلاده مستعدة لأن تلعب دورا مهما لتعديل الاتفاق السياسي الذي أبرمه الفرقاء الليبيون قبل نحو عامين في منتجع الصخيرات بالمغرب، برعاية بعثة الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن كون إيطاليا من دول حوض البحر الأبيض المتوسط فإنه يهمها استقرار وأمن ليبيا.
ونقل بيان لمجلس النواب الليبي، عقب لقاء رئيسه المستشار عقيلة صالح مع السفير الإيطالي، عن الأخير قوله إن إيطاليا مستعدة في هذا الإطار لمساعدة ليبيا للخروج من أزمتها والعمل على عقد اجتماعات للفرقاء الليبيين.
من جهة ثانية، اعتبرت أمس وزارة الخارجية الفرنسية أن الأوضاع الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس لا تزال غير مناسبة لإعادة فتح سفارتها هناك، فيما بدا وكأنه تكذيب فرنسي رسمي لإعلان فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعده في اتصال هاتفي بينهما أول من أمس بعودة البعثة الدبلوماسية والشركات الفرنسية وخطوط الطيران إلى طرابلس في أقرب وقت ممكن.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال، إن «سفارتنا الخاصة بليبيا موجودة حاليا في تونس، ونود إعادة فتحها في طرابلس بمجرد أن تصبح الأوضاع الأمنية ملائمة»، مضيفا أن المبعوث الفرنسي الحالي يزور ليبيا بانتظام.
وأصدر مكتب ماكرون بيانا بعد يومين من المحادثات مع السراج، وقال إن باريس ما زالت تدعم حكومته، وتود أن تنعم ليبيا بالاستقرار والوحدة استنادا لاتفاق سياسي بين الفصائل المتنافسة، ولم يشر البيان إلى أمر السفارة التي أغلقت في طرابلس عام 2014 وسط تزايد الاضطرابات في البلاد.
وكانت وزارة الخارجية في الحكومة السابقة تؤيد علنا حكومة السراج، في حين عملت وزارة الدفاع عن كثب مع المشير خليفة حفتر الذي يشن حملة على المتشددين في شرق ليبيا.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.