المغرب: معتقلو الحسيمة يمثلون اليوم أمام قاضي التحقيق

نواب «العدالة والتنمية» يطالبون بمساءلة المدير العام للأمن بشأن تفريق المظاهرات

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها شوارع الحسيمة أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها شوارع الحسيمة أمس (رويترز)
TT

المغرب: معتقلو الحسيمة يمثلون اليوم أمام قاضي التحقيق

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها شوارع الحسيمة أمس (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها شوارع الحسيمة أمس (رويترز)

يمثل اليوم أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالحسيمة عدد من نشطاء الحراك الشعبي بالمدينة، الذين اعتقلوا على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت بالإقليم، بينهم متزعم الحراك ناصر الزفزافي.
ويبلغ عدد هؤلاء المعتقلين 31 متهما، كانوا قد نقلوا إلى الدار البيضاء للتحقيق معهم من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ويواجهون تهم المس بأمن الدولة الداخلي.
بينما يتابع المعتقلون الآخرون الذين لم يجر نقلهم إلى الدار البيضاء أمام النيابة العامة بالحسيمة من أجل العنف والتخريب والتظاهر المسلح، والاعتداء على قوات الأمن.
وبينما تواصلت الليلة قبل الماضية الاحتجاجات في الحسيمة والبلدات المجاورة لها، طالب الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية بعقد اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية(البلديات) بالمجلس من أجل الاستماع إلى عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، بحضور وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت حول موضوع تعامل قوات الأمن مع المسيرات والوقفات الاحتجاجية السلمية بإقليم الحسيمة.
وفي السياق ذاته أكد هشام البلاوي، القاضي الملحق بوزارة العدل، أن جميع الأشخاص المتابعين في أحداث الحسيمة أو الموقوفين على ذمة البحث، سوف يتمتعون بجميع الضمانات التي يخولها لهم القانون، وفي مقدمتها قرينة البراءة، انطلاقا من دور النيابة العامة في إطار الدفاع عن الحقوق والحريات التي ستتفاعل مع كافة المطالب، وأوضح في تصريح للتلفزيون المغربي أن النيابة العامة أمرت بإخضاع مجموعة من المتابعين في أحداث الشغب بالحسيمة للفحوصات الطبية، وأنها تتفاعل مع طلبات دفاع الموقوفين ومنحتهم إذنا بزيارة موكليهم بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
ونفى البلاوي تعرض الموقوفين للتعذيب، وقال إن بإمكانهم أن يتقدموا بطلبات الفحص الطبي، مبرزا أن النيابة العامة مستعدة للبحث في كافة الادعاءات المرتبطة بالتعذيب وغيره، ولن تسمح بأي تجاوز، كما سيتم تطبيق القانون بشكل صارم.
وردا على ما جرى تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي بكون مجموعة من الأشخاص الموقوفين تم اختطافهم ونقلهم إلى وجهة مجهولة، قال القاضي إن الأمر غير صحيح على الإطلاق، على اعتبار أن المشتبه فيهم تم إيقافهم في إطار القانون من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بناء على تعليمات النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، مؤكدا أن الفرقة الوطنية مطالبة بمقتضى القانون باحترام مجموعة من الشكليات التي قامت من خلالها بإبلاغ عائلات الموقوفين بأسباب إيقافهم ومكان وجودهم، وأن «الاختطاف مجرد مزاعم يحاول البعض من خلالها التأثير على مجريات التحقيق».
وذكر القاضي المغربي أن أحداث العنف والشغب التي شهدتها مدينة الحسيمة أفضت إلى إيقاف مجموعة من الأشخاص المشتبه في تورطهم في ارتكاب أفعال تقع تحت طائلة التجريم والقانون.
على صعيد ذي صلة، خرج عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن صمته، ووجه مساء أول من أمس توجيها إلى جميع فروع الحزب بالامتناع عن إصدار أي بيان باسم الحزب، إلا بعد موافقته الشخصية.
وجاء توجيه ابن كيران على خلفية بيان ساخن أصدره أخيرا فرع حزب العدالة والتنمية في الحسيمة رفقة كل من حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال.
وقال ابن كيران إن نشر وتعميم البيانات الصادرة عن بعض هيئات الحزب في الآونة الأخيرة، تم دون مراعاة المقتضيات المعتمدة في هذا الباب. وطلب ابن كيران من جميع هيئات الحزب المحلية ومن المنتخبين «عدم نشر أي بيان يتعلق بالقضايا ذات الأبعاد السياسية، إلا بعد استشارة الكتاب الجهويين للحزب وموافقة الأمين العام للحزب».
من جهة أخرى، قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن حرمة المساجد استبيحت مرة أخرى بعدما قاطع عشرات الأشخاص أداء صلاة الجمعة بمسجد خالد بن الوليد بمدينة إمزورن القريبة من الحسيمة، وفضلوا في المقابل إقامة الصلاة بساحة البلدية بالمدينة.
وأوضح المصدر أن أصحاب هذه المبادرة غير المسبوقة، وغالبيتهم لم يكونوا من المصلين ومرتادي المسجد، حاولوا استغلال وجود قناة تلفزيونية إسبانية بالمدينة لتصريف رسائل سياسية مفادها أن سكان الريف ينتفضون ضد أئمة الدولة ووعاظها، بحيث تظاهروا بأنهم يقاطعون الصلاة في المسجد، وذلك في إشارة مشفرة موجهة لثوابت المغاربة المجتمعة حول مؤسسة «إمارة المؤمنين»، يضيف المصدر، الذي قال إن الطابع السياسي المحض لهذه المناورة، برز بعدما نقل المقاطعون المفترضون صلاتهم المزعومة إلى ساحة البلدية بشارع البيضاء، التي تكتسي رمزية خاصة لدى المحتجين، باعتبارها فضاء للاحتجاج اليومي، وليس مكانا لأداء الشعائر والفرائض الدينية.
وقال شهود عيان إن الكثير من المصلين رفضوا هذه المناورة التي اعتبروها انتهاكا للحرمة الدينية للمساجد، وتعرقل حرية أداء العبادات، نظرا لكونها تنطلق من اعتبارات وخلفيات تحركها أهداف سياسية وأجندات غير معلنة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».