شهيب: يجب إبعاد لبنان عن حمم البراكين الملتهبة في الجوار

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا فتور في العلاقة مع «تيار» رئيس الجمهورية

أكرم شهيب
أكرم شهيب
TT

شهيب: يجب إبعاد لبنان عن حمم البراكين الملتهبة في الجوار

أكرم شهيب
أكرم شهيب

طالب النائب اللبناني أكرم شهيب، عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يرأسها النائب وليد جنبلاط بـ«الإسراع نحو قانون انتخاب وطني يحقق عدالة التمثيل ويحظى بتوافق وقبول جميع الأطراف من دون أي استثناء»، داعياً لـ«الابتعاد عن الطروحات الفئوية الإلغائية التي لطالما جرت لبنان نحو مغامرات جرت الويل والخراب على كل اللبنانيين من دون أي استثناء».
وأشاد شهيب في حديت لـ«الشرق الأوسط» برئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ«حكمته وحرصه الوطني لتجنيب البلاد مخاطر الانزلاق مجدداً نحو دوامة الفراغ في مرحلة خطيرة لا تحتمل كل هذا الدلع السياسي من قبل بعض الأطراف». وقال إن كتلة النائب جنبلاط «بكل وضوح مع الرئيس برّي في رفضنا لأخذ الدولة ومؤسساتها نحو مجهول الفراغ القاتم». ورأى شهيب أنه «لا يجوز الاستمرار باللعب على حافة الهاوية، وعلى السلطة التنفيذية أن تتحمل مسؤوليتها بعيداً عن أسلوب التشاطر وفرض الشروط غير الوطنية بملف قانون الانتخاب، لا سيما أن السلطة التنفيذية في مكان ما تتحمل مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع، خصوصاً بعدما تقاعست عن القيام بواجبها على صعيد تقديم مشروع قانون الانتخاب الجديد ضمن المهل ووفق الأصول والقواعد المرعية».
ونبه شهيب - وهو وزير سابق - إلى أن «ما نسمعه من خطابات شعبوية طائفية غير مسبوقة وغير مقبولة لا تطمئن أبداً. وعلينا الانتظار لنرى ما إذا كانت البوادر الإيجابية ستترجم إلى توافق يؤدي إلى ولادة القانون العتيد، أم أن الطروحات الشعبوية خلف عناوين الميثاقية المشوهة التي لا تمت بصلة إلى جوهر الميثاقية الوطنية بصلة ستفرض مجدداً إيقاعها إضاعة الفرص وعودة الأمور إلى المربع الأول».
* التنسيق مع «القوات»
وعن نتائج «لقاء» المختارة بين النائب وليد جنبلاط وعضو كتلة حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان، الذي يدير حراكاً من أجل التوصل إلى قانون الانتخاب الجديد، قال شهيب: «منذ البداية كان دائماً دور جورج عدوان، نائب الشوف، عقلانياً وحريصاً على المعيار الوطني في مقاربة قانون الانتخاب. ونحن كنا ولا نزال على تنسيق وتشاور كامل مع قيادة القوات اللبنانية ولقاء وليد بك جنبلاط مع النائب جورج عدوان يأتي في سياق هذا التشاور والتنسيق. ومن دون أدنى شك، فإن الحراك الذي يقوم به النائب عدوان هو موضع ثقة وتقدير من قبل كل الأطراف الجدية في التوصل إلى قانون انتخاب جديد يحظى بتوافق كل القوى السياسية، وذلك من أجل تجنيب لبنان وشعبه عواقب الوقوع في فخ الفراغ القاتل في المؤسسة الدستورية الأم التي تنبثق عنها بقية المؤسسات الدستورية... والمقصود هنا بالمجلس النيابي الذي لا يجوز خلف أي عنوان الوصول به إلى الفراغ، الذي سينعكس بدوره فراغاً وتعطيلاً شاملاً على جميع مرافق ومؤسسات الدولة اللبنانية».
وفي سياق الحديث عن التقسيمات الانتخابية الجديدة، لا سيما اعتبار الشوف وعاليه دائرة واحدة وتأثير ذلك على تحالفات الحزب التقدمي الاشتراكي، أوضح النائب شهيب: «نحن منذ البداية موقفنا ثابت بمسألة ضم الشوف وعاليه ضمن دائرة انتخابية واحدة في أي قانون انتخابي جديد. أما مسألة التحالفات الانتخابية، فمن المبكر الحديث عنها، خصوصاً أن القانون الجديد للانتخاب لم يقر بعد. وبالتالي، لا بد من الانتظار لنعرف ما إذا كان سيتم إقرار قانون جديد للانتخاب أو سنعود إلى القانون النافذ، لا سيما أن ما نراه من مناورات وطروحات يعرف أصحابها مسبقاً أنها سترفض حكماً من بقية الأطراف... وهذا يدل في مكان ما على أن غاية أصحاب هذه المناورات والطروحات أخذ الأمور في نهاية المطاف نحو قانون الـ60 الذي يتم رفضه في الكلام بينما أفعالهم وسلوكياتهم لا تعكس هذا الواقع».
* القضايا العربية
وعن قمم الرياض وتداعياتها في المنطقة وعلى الداخل اللبناني، شدد شهيب على أن «لبنان كان وسيبقى جزءاً من عالمه العربي، ولبنان لا يمكنه إلا أن يكون متضامناً مع القضايا العربية وعلى رأسها قضية فلسطين التي تبقى القضية العربية المركزية. ومن دون أدنى شك، نحن أمام مرحلة خطيرة ودقيقة تمر بها المنطقة برمتها، وهذا الأمر يتطلب تحصين بيتنا الداخلي لحماية الساحة المحلية وإبعاد لبنان عن حمم البراكين الملتهبة في المحيط والجوار. وتحقيق هذا الأمر يكون بالإسراع نحو قانون انتخاب وطني يحقق عدالة التمثيل ويحظى بتوافق وقبول جميع الأطراف من دون أي استثناء، فقوة لبنان هي بتوافق وتضامن وتكافل جميع مكوناته والابتعاد عن الخطوط الحمراء والضوابط الطائفية التي تتعارض مع صيغة لبنان في الشراكة الوطنية والعيش المشترك، والطروحات الفئوية الإلغائية التي لطالما جرت لبنان نحو مغامرات جرت الويل والخراب على كل اللبنانيين من دون أي استثناء».
* السجال مع الحريري
وعن السجال الدائر بين النائب جنبلاط والرئيس سعد الحريري، قال النائب الاشتراكي الحالي والوزير السابق: «الموضوع ليس سجالاً سياسياً، فعلينا أن ندرك أن قواعد اللعبة السياسية في لبنان تتطلب نفساً طويلاً وصبراً، والحياة السياسية ليست جامدة. إن حق الانتقاد مشروع والاختلاف في الرأي من مسلّمات وثوابت نظامنا الديمقراطي، خصوصاً إذا تعلق الأمر بتكوين السلطة، وكذلك حق العاصمة في حفظ التراث والتاريخ والذاكرة... ولا ننسى أنها عاصمة لبنان ولكل اللبنانيين، وبالمحصلة، علينا أن ندرك أن السياسة تتطلب رحابة صدر».
ومن ناحية أخرى، نفى شهيب وجود فتور في العلاقة بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر (التيار العوني)، إذ قال: «ليس هناك من فتور، ونحن حريصون على العلاقة الجيدة مع كل الأطراف من أجل مصلحة لبنان، وفي الجبل هناك تواصل وتنسيق مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وكل القوى السياسية على قاعدة تعزيز الشراكة الوطنية وصون العيش المشترك في الجبل... وهذا أهم بكثير من المقاعد النيابية وأي حسابات سياسية من هنا أو هناك».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.