غندور إلى القاهرة لإنهاء التوتر بين البلدين

سفير الخرطوم في مصر : نعمل أن تؤدي الزيارة إلى حل كل المشكلات

الوزير إبراهيم غندور
الوزير إبراهيم غندور
TT

غندور إلى القاهرة لإنهاء التوتر بين البلدين

الوزير إبراهيم غندور
الوزير إبراهيم غندور

تنعقد بالعاصمة المصرية أعمال لجنة التشاور السياسي السودانية المصرية، برئاسة وزيري خارجية البلدين، لبحث علاقات البلدين، والتنسيق بينهما في القضايا ذات الاهتمام المشترك الثنائية والإقليمية، وذلك بعد أن تأجلت الاجتماعات التي كان مقرراً عقدها الأسبوع الماضي بسبب «انشغالات داخلية»، وفقاً لرأس الدبلوماسية السودانية.
وأعلنت الخارجية السودانية أن الوزير إبراهيم غندور سيزور القاهرة غداً تلبية لدعوة من نظيره المصري سامح شكري، لإجراء مباحثات «معمقة» في إطار أعمال التشاور السياسي بين وزارتي الخارجية. ونقلت نشرة صحافية صادرة عن المتحدث باسم الخارجية السودانية قريب الله الخضر، أمس، أن الوزير إبراهيم غندور استقبل السفير المصري في الخرطوم أسامة شلتوت، و«بحث اللقاء مسيرة العلاقات بين البلدين، وضرورة التنسيق والتشاور في كثير من القضايا التي تهم البلدين، على الصعيدين الثنائي والإقليمي».
وقال الخضر إن غندور أكد على خصوصية العلاقات بين البلدين، وضرورة التواصل والتشاور بين المسؤولين في البلدين، معرباً في هذا الإطار عن زيارته للقاهرة يوم السبت 3 يونيو (حزيران) الحالي تلبية لدعوة من نظيره المصري السيد سامح شكري بغرض إجراء مباحثات معمقة، في إطار أعمال التشاور السياسي بين وزارتي خارجية البلدين الشقيقين.
إلى ذلك وقال السفير السوداني في القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية عبد المحمود عبد الحليم، عن عقد جولة مشاورات جديدة بين وزيري خارجية مصر والسودان، سامح شكري وإبراهيم الغندور، في القاهرة غدا (السبت) في إطار لجنة التشاور السياسي، وردا على الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري إلى السودان منذ شهر.
وقال عبد الحليم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن مباحثات شكري والغندور تركز على التعاون الثنائي والسياسي والقنصلي، إضافة إلى الأوضاع في الإقليمين العربي والأفريقي، مضيفا: «من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية السوداني الرئيس عبد الفتاح السيسي».
وردا على تصريحات السودان العدائية التي صدرت ضد مصر مؤخرا، قال إن «الإعلام المصري هو الذي يؤجج العداء ضد السودان، في أعقاب حظر بلاده دخول بعض السلع المصرية».
وحول ما أعلنه الرئيس عمر البشير من وجود دبابات ومدرعات مصرية في دارفور ونفي القاهرة لهذا الأمر، قال السفير السوداني: «إن هذا الأمر صحيح مع احترامنا للنفي المصري، وسوف تعرض في مكان عام حتى يتأكد الجميع مما أعلنه الرئيس البشير. وطلبنا من مصر توضيح كيف وصلت هذه الدبابات إلى دارفور».
وعن نفي الرئيس السيسي بنفسه هذا الموضوع، قال السفير السوداني: «كل التقدير والاحترام والمحبة للرئيس السيسي، ونحن نعمل ونرغب في أن تؤدي زيارة وزير الخارجية إبراهيم الغندور لمصر إلى حل كل المشكلات والمعضلات القائمة بين البلدين»، متسائلا: «هل يعقل أن يصف الإعلام المصري الرئيس البشير بألفاظ غير لائقة؟»، مضيفا: «إن هذا الأمر غير مقبول، خاصة أن الإعلام السوداني التزم بالتهدئة»، معربا عن أمله في إيجاد حلول جادة للأزمة الراهنة بين البلدين، بعيدا عما أسماه بالمساحيق السياسية، لافتا إلى أن هناك مشكلات كثيرة اقتصادية وسياسية وقنصلية تتعلق بالحريات الأربع بين البلدين، وحذر من استمرار المشكلات العالقة، التي إذا لم تعالج فلن تقوم للعلاقات قائمة مرة ثانية.
وأكد عبد المحمود عبد الحليم أن صراحته في الحديث تعد تأكيدا على أهمية مصر، وحرصا على استعادة العلاقات إلى وضعها الطبيعي، نافيا ما يتردد حول وجود معسكرات تدريب في السودان تضم عناصر إرهابية تعمل ضد أمن واستقرار مصر، مشيرا إلى أن بلاده تتحدى أن يتم إثبات هذا الأمر، مضيفا: «من يروج ويطلق هذه الشائعات هم أعداء للبلدين».
يذكر أن وزير الخارجية السوداني، أعلن الأحد الماضي، عن تأجيل أعمال لجنة التشاور السياسي بين البلدين، التي كان مقرراً انعقادها في القاهرة الأسبوع الماضي، مرجعاً الأمر لما سماه «انشغالات داخلية».
وقال للصحافيين إن زيارته للعاصمة المصرية تأجلت لوقت آخر، وإنه أبلغ رصيفه المصري بأن «انشغالات داخلية ستحول دون تنفيذ الزيارة في موعدها المحدد»، وتابع بلهجة تصالحية: «سأتفق مع أخي الوزير سامح شكري على قيامها في وقت لاحق، وهي لجنة تشاور سياسي اتفقنا عليها منذ اجتماعات اللجنة السابقة في الخرطوم».
وشاب العلاقات بين البلدين «كثيراً» من التوتر، الذي بلغ مداه الأقصى بتوجيه الرئيس عمر البشير اتهامات لمصر بدعم الحركات المتمردة، وإعلان الجيش السوداني أنه «استولى» على مدرعات مصرية، ضمن أسلحة غنمها في معاركه الأخيرة مع الحركات المتمردة بشمال وشرق دارفور.
وأرجع كثير من المحللين تأجيل انعقاد لجنة التشاور السياسي إلى هذا التوتر، على الرغم من أن وزير الخارجية لم يشر إليه كسبب لتأجيل الانعقاد، لا سيما بعد أن أعلن مجلس الوزراء السوداني، الاثنين، عن وقف استيراد السلع الزراعية والحيوانية المصرية، وحظر الاستيراد عبر مصر.
وتشهد علاقات البلدين توتراً مكتوماً منذ إعلان السودان مساندته لإثيوبيا في بناء سد النهضة، الذي تخشى مصر من تأثيره على حصتها المائية في نهر النيل.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.