لعنة المومياء تعود إلى الشاشات قريباً

تاريخها يمتد لأكثر من 100 سنة سينما

توم كروز في النسخة الجديدة من «المومياء» - نسخة 2001 من «المومياء» مع براندون فرايزر
توم كروز في النسخة الجديدة من «المومياء» - نسخة 2001 من «المومياء» مع براندون فرايزر
TT

لعنة المومياء تعود إلى الشاشات قريباً

توم كروز في النسخة الجديدة من «المومياء» - نسخة 2001 من «المومياء» مع براندون فرايزر
توم كروز في النسخة الجديدة من «المومياء» - نسخة 2001 من «المومياء» مع براندون فرايزر

هذا الشهر موعدنا من جديد مع شخصية مستوحاة من حكايات غابرة تداولتها هوليوود منذ أن كانت السينما صامتة. إنها شخصية المومياء. المخلوق الذي كانت السينما قدّمته في البداية كرجل طويل القامة قام المصريون القدماء بتحنيطه ولفوه بما يشبه الضمادات الطبية في أيامنا الحالية من رأسه حتى أخمص قدميه، ثم دفنوه عميقاً في الأرض عند بعض الآثار.
أحدهم (ربما المومياء نفسه قبل أن يموت) حذّر من لعنة كبيرة تصيب كل من ينقب ويكشف عن تابوته فما البال باكتشاف المومياء نفسه؟ وبما أن كل ممنوع مرغوب فإن هذا التحذير لم يجد نفعاً وقام باحثون وعلماء ومغامرون منذ 1901 بالضلوع في إخراج المومياء من تابوته ليكتشفوا أن اللعنة التي حذروا منها هي حقيقة. المومياء ينهض ويمشي ويقتل ولا يحتاج لأن يشعر بالذنب فهو ميت في الأساس.
المومياء وما يوازيه
الفيلم الجديد يحمل الرقم 177 بين كل ما أنتجته السينما حول العالم من أفلام حول المومياء سواء الفرعونية أو سواها. الفرعونية تشكل نسبة الثلثين بينما هناك ثلث من الأفلام المستوحاة التي تقدم مومياوات مكسيكية على سبيل المثال أو شخصيات مستوحاة من المومياء بطريقة أو بأخرى.
إنه أيضاً الفيلم الأول في نهج جديد لشركة يونيفرسال بهدف إعادة تحويل «المومياء» إلى سلعة تجارية ناجحة. نذكر أنه قبل 18 سنة قامت يونيفرسال ذاتها بإنتاج فيلم بالعنوان ذاته قام ببطولته براندون فريزر في شخصية المغامر الغربي الذي يكتشف المومياء ثم يواجه محاولتها النيل منه وتدمير العالم في الوقت ذاته. في سنة 2001. وتبعاً لنجاح ذلك الفيلم، تم إنجاز جزء ثان بعنون «عودة المومياء»، وما كان بدا كما لو أنه خاتمة مشاهد الجراد القاتل والعواصف العاتية تكرر في الفيلم الثاني والثالث الذي تلاه سنة 2008 ولو أن أحداث هذا الفيلم الأخير دارت في الصين في مزاوجة غير تقليدية وغير ناجحة أيضاً.
هذا الفيلم خرج بعنوان «تابوت الإمبراطور التنين» وكان من المفترض تحقيق جزء رابع لكن فشل الجزء الثالث شطب الجزء الرابع.
في الوقت نفسه كانت السينما مشغولة باستحداث شخصية موازية باسم «ذا سكوربيون كينغ» الذي خرج سنة 2002 وتم إنتاج ثلاثة أخرى من السلسلة آخرها تم قبل عامين واختصر الطريق مباشرة إلى رفوف الـDVD.
الحبكة في الفيلم الجديد الذي سيطل علينا في هذا الشهر والذي يقوم توم كروز ببطولته لجانب راسل كراو وأنيتا ووليس، ليست مختلفة كثيرة عن كل الحبكات السابقة: المومياء يخرج من قبره ويستشيط غضباً ويهدر بانتقام يشمل العالم بأسره. الجديد هو أن المومياء هنا هو امرأة باسم أخمانت (تقوم بها صوفي بوتيلا) وستستخدم كل ما لديها من فنون المؤثرات الحديثة للتعبير عن قدراتها الخارقة. توم كروز سيواجه «المهمة المستحيلة» للقضاء على المومياء… لكنه سوف لن يريد القضاء عليها قضاء مبرماً لأن عليها أن تبقى حيّـة حتى تعاود إطلاق لعناتها في جزء مقبل.
أفلام مفقودة
على نحو جاد، فإن مفهوم المومياء له علاقة بناحيتين متوازيتين: إنه مصدر تقديم شخصية أخرى من الشخصيات التي لا تموت وقد خرجت للحياة من جديد وبذلك تنتمي، في الصلب، إلى سينما الرعب وشخصياته الكلاسيكية [دراكولا، مخلوق فرنكنستاين، الرجل - الذئب، الخ…].
الناحية الثانية هو أنه يختلف على نحو شبه كلي من حيث إن لديه بعداً ينتمي إلى حضارة أخرى تزيد من خصوصيته كما ترفع نسبة التعامل مع الآخر على نحو التضاد إلى مصاف جديد.
الغالب أن الفرنسي جورج ميلييه كان أول من كشف القبر عن المومياء، بمعنى أنه أول من تعامل مع تلك الأسطورة في فيلم سينمائي ولو أن الفيلم، وقد شوهد بين مجموعة كبيرة من أفلامه تم جمعها على أسطوانة منذ بضع سنوات، حمل اسم «كليوباترا» وفيه أن رجلاً يستخرج المومياء ويعيده إلى الحياة. كان ذلك في عماد محاولات ميلييه صنع أفلام الخدع البصرية التي اشتهر بها.
‫الفيلم الذي تم إنجازه سنة 1901 كان بريطانيا لجيمس بوث حول رجل يكتشف جمجمة تقوده إلى اكتشاف المومياء. في دقيقتين ليس هناك ما يكفي من الوقت للابتعاد عن هذا الخط الصغير من الحدث وسنجد الحال ذاته مع كل الأفلام اللاحقة في تلك الحقبة المبكرة ومنها ما هو فرنسي وأميركي وبريطاني وألماني غالبها قصير من بضع دقائق. ومن بين هذه الأعمال «انتقام مصر» (نحو ربع ساعة) وهو فرنسي الإنتاج (لشركة غومون) تم تحقيقه سنة 1912 لكن المخرج مجهول والفيلم مفقود تماماً. ما هو متوفر ذكر للفيلم في قائمة الأفلام التي عرضت في الولايات المتحدة في السنة المذكورة.‬
إلى أن ورد فيلم ناطق وطويل حول هذه الشخصية («المومياء» سنة 1932 من إخراج كارل فروند وبطولة بوريس كارلوف) كانت السينما شهدت ما لا يقل عن ستين فيلم تنتمي مباشرة إلى هذه الشخصية وتحت عناوين بعضها لا يخلو من الغرابة: «إكسير حياة أكثر من الحاجة» (1915) و«تراجيديا بائسة» (1916) و«عندما صرخ المومياء طلباً للنجدة» (1915) و«عندما تقابل الروح روحا» (1913) ثم «المومياء والعصفور» (1915).‬
بعض هذه الأفلام قد تكون كوميدية لكن الغالب في كل مومياء سينمائي الرغبة في إثارة الرعب من فكرة خروج ذلك العملاق وانقضاضه على الذين تحرشوا به في قبره. أحد أفضل هذه الأفلام نسخة 1959 (بعنوان «المومياء») التي حققا ترنيس فيشر من بطولة كريستوفر لي الذي كان مشهوراً بسبب تمثيله شخصية دراكولا في أفلام الفترة.‬
في الكثير من هذه الأفلام كان الشر المتمثل بشخصية المومياء كافيا لكي يرمز إلى الحضارة الفرعونية أو إلى الواقع المصري بالسوء. وللتدليل فإن نسخة إرنست لوبيتش المسماة «عينا المومياء» (ألمانيا، 1918) تعمل تحديداً من هذا المنطلق عندما تصوّر أن اللعنة لاحقت امرأة مصرية لجأت إلى ألمانيا هرباً من مصري اسمه رادو (إميل جنينغز) يتعبد المومياء (ليست هناك شخصية المومياء فعلياً في الفيلم) وأحبت التباين الثقافي وانضوت تحته، لكن المصري الذي احتفظ بعاداته البشعة، حسب الفيلم، يلحق بها لقتلها.
وفي هذا الإطار، فإن مجموعة الأفلام التي تم تحقيقها في مطلع القرن الحالي تحت عنوان «ذا سكوربيون كينغ» كانت مسيئة على نحو من يضمر المعاداة لكل ما تعنيه الحضارة الفرعونية من معنى. بذلك التقت بأفلام أخرى من الفترة ذاتها، لا علاقة لها بالمومياء، لكنها هدفت لتصوير تلك الحضارة كما لو كانت أسطورة غير واقعية.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز