الطاقة الشمسية تنقذ أحد مستشفيات شمال سوريا

هدف المشروع توليد طاقة مستدامة ونظيفة ومنخفضة التكلفة تنقذ المرضى

الطاقة الشمسية تنقذ أحد مستشفيات شمال سوريا
TT

الطاقة الشمسية تنقذ أحد مستشفيات شمال سوريا

الطاقة الشمسية تنقذ أحد مستشفيات شمال سوريا

للمرة الأولى منذ سنوات، باتت خدمة الكهرباء متوفرة بلا انقطاع داخل أحد المستشفيات الكبرى في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سوريا، نتيجة تزويده بأنظمة الطاقة الشمسية، وفق ما أعلنت منظمة طبية خيرية.
وأفاد اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، أمس (الثلاثاء)، عن بدء اعتماد أحد أكبر المستشفيات في شمال سوريا لتوليد الكهرباء على ألواح الطاقة الشمسية بعد تزويده منذ ديسمبر (كانون الأول) بـ480 لوحاً.
ولم تعلن المنظمة اسم المستشفى أو المنطقة التي يقع فيها خشية من تعرضه للقصف. وغالباً ما تعاني المستشفيات في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في سوريا من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة جراء القصف أو نقص المحروقات اللازمة لتشغيل المولدات.
وقال مدير مشروع الطاقة الشمسية في سوريا طارق مقدسي لوكالة الصحافة الفرنسية: «هدفنا هو تركيب نظام للطاقة الشمسية يمكنه توليد طاقة مستدامة ونظيفة ومنخفضة الكلفة». وأضاف: «لا يمكن السماح بتعرض المرضى مجدداً للأذى في هذا المستشفى جراء انقطاع الكهرباء».
ومنذ اندلاع النزاع في عام 2011، تعرضت عدة مستشفيات في المناطق تحت سيطرة الفصائل المعارضة للقصف والغارات، مما أدى إلى خروج عدد منها عن الخدمة. وأعلن مسعفون وعاملون في المجال الطبي الشهر الماضي خروج سبعة مشافٍ ميدانية وعيادات عن الخدمة في محافظة إدلب (شمال غرب) جراء تعرضها للغارات.
وخلال الهجوم الذي أطلقته قوات النظام السوري للسيطرة على القسم الشرقي من مدينة حلب (شمال) الصيف الماضي، تعرضت مرافق طبية ومستشفيات عدة لغارات سورية، وأخرى روسية، ما أثار تنديداً دولياً واسعاً. كما أدى انقطاع الكهرباء عن مستشفيات في حلب وإدلب في فترات سابقة إلى وفاة عدد من المرضى، بينهم أطفال حديثو الولادة كانوا داخل الحواضن، جراء توقف مضخات الأكسجين عن العمل.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، تصدرت سوريا قائمة الدول الأكثر خطورة للعاملين في القطاع الصحي عام 2015، إذ شهدت 135 هجوماً وأعمال عنف استهدفت البنى التحتية الطبية والعاملين فيها.
وبحسب القيمين على مشروع توليد الكهرباء عبر الألواح الشمسية، سيتمكن المستشفى من توفير أكثر من سبعة آلاف لتر من المازوت شهرياً، أي ما يعادل 20 إلى 30 في المائة من تكاليف الطاقة، وسيتمكن 700 إلى 800 مريض من تلقي الرعاية الطبية.
ويقول مدير المنظمة في سويسرا شادي الشهادة، للوكالة، إنه في حال انقطاع الكهرباء كلياً، فإن أقساماً عدة على غرار حواضن الأطفال والعناية المشددة وغرف الطوارئ ستتمكن من العمل بشكل مستقل. ويوضح أن طاقم المستشفى اقترح فكرة توليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية للمرة الأولى في عام 2014. ويقول: «عندما سمعت بالفكرة، قلت لهم: أنتم مجانين، تعيشون تحت رحمة الموت والقصف وتفكرون بالطاقة النظيفة والبديلة؟».
ويوضح: «لكن الحقيقة أن هذا المشروع لا يتعلق بالحفاظ على البيئة فقط... بل يسمح لكل الأقسام الحرجة في المستشفى بأن تواصل عملها حتى في حال طال القصف موقعاً قريباً من المستشفى أو في حال تعطلت مولدات الكهرباء».
وتسعى المنظمة حالياً لجمع 1.5 مليون دولار لتمويل مشاريع مماثلة لخمسة مستشفيات في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سوريا.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.