تقرير للأمم المتحدة: عدد القتلى أقل في 2016 والتهجير وهدم المنازل أعلى

الخارجية الفلسطينية رحبت باعتباره الاحتلال الإسرائيلي مسبباً للاحتياجات الإنسانية

تقرير للأمم المتحدة: عدد القتلى أقل في 2016 والتهجير وهدم المنازل أعلى
TT

تقرير للأمم المتحدة: عدد القتلى أقل في 2016 والتهجير وهدم المنازل أعلى

تقرير للأمم المتحدة: عدد القتلى أقل في 2016 والتهجير وهدم المنازل أعلى

أظهر التقرير السنوي الصادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، التابع للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، انخفاضا في عدد القتلى الفلسطينيين والإسرائيليين في العام الماضي، لكن ارتفاعا هو الأعلى في أعداد المنازل التي جرى هدمها والعائلات المهجرة، لوحظ منذ عام 2009.
وجاء في تقرير الأمم المتحدة، أن سياسات الاحتلال وممارساته لا تزال المسبب الرئيسي للاحتياجات الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وكذلك الانقسام السياسي الفلسطيني الداخلي يساهم بشكل خطير.
وقال مدير مكتب «أوتشا» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ديفيد كاردن: «يوضّح التقرير أسباب وجود البرنامج الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، فالأزمة هي في جوهرها عدم تقديم الحماية للمدنيين الفلسطينيين - من العنف، والتهجير، والقيود المفروضة على الوصول إلى الخدمات، وسبل كسب الرزق، وانتهاكات الحقوق الأخرى - مع أضرار أكبر على الفئات الأكثر ضعفا، وخصوصاً الأطفال».
وأضاف: «رغم تفاوت المؤشرات من سنة إلى أخرى، فإن انعدام الحماية يبقى قائما، وكذلك المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي».
ويوضح التقرير الذي نشر أمس، أن «عدد القتلى الفلسطينيين الناجم عن العنف المرتبط بالنزاعات في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإسرائيل، انخفض عام 2016 بنسبة 37 في المائة، مقارنة بعام 2015 (107 مقابل 169)؛ وبلغت نسبة انخفاض عدد القتلى بين الإسرائيليين 48 في المائة، وانخفضت نسبة الإصابات بين الفلسطينيين (على عكس عدد القتلى) بنحو 80 في المائة، مقارنة بعام 2015 (3247 إصابة مقابل 15477)، وسجلت الغالبية العظمى في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية».
ويشير التقرير إلى استمرار تهجير الفلسطينيين قسريا، ويقول إنه على الرغم من عدم وقوع حالات تهجير جديدة في قطاع غزة، مع استمرار وقف إطلاق النار في أغسطس (آب) 2014 إلى حد كبير، «لا تزال 9 آلاف أسرة (47200 نسمة) مهجرة حتى نهاية عام 2016».
وفي الضفة الغربية: «هُجر أكبر عدد من الفلسطينيين في عام 2016 (1601 شخص، من بينهم 759 طفلا)، منذ أن بدأ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية تسجيل هذه الظاهرة عام 2009؛ بسبب هدم منازلهم على يد السلطات الإسرائيلية». وأضاف: «استهدفت الغالبية العظمى من المباني المتضررة والبالغ عددها 1094 مبنى، بحجة عدم حصولها على رخصة بناء، التي يستحيل الحصول عليها من السلطات الإسرائيلية. تمّ هدم 29 مبنى، أو إغلاقه للمعاقبة، واستهدفت منازل أسر منفّذي الهجمات ضد الإسرائيليين، بحجة ضرورة ردع الهجمات في المستقبل». وركز التقرير على المنطقة «ج» التي تشهد صراعا فلسطينيا إسرائيليا.
وبحسب التقرير، في العام الماضي: «هدمت السلطات الإسرائيلية، أو استولت على 300 مبنى، ممول من الجهات المانحة قُدمت كمساعدة إنسانية للفلسطينيين، ويعتبر هذا العدد أعلى بثلاثة أضعاف تقريبا من العدد المسجل في عام 2015، حيث بلغت قيمة المساعدات المدمرة أو المصادرة، ما يزيد عن 730 ألف دولار أميركي. كما تلقى ما يزيد عن 100 مبنى آخر أُقيم بالمساعدات الإضافية؛ أوامر هدم، ووقف العمل، والإخلاء، أو تحذيرات شفوية، ما يجعلها عرضة للهدم».
وأشار التقرير إلى عزلة قطاع غزة، وقال إنها تفاقمت «بسبب استمرار إغلاق السلطات المصرية معبر رفح».
ولم يغفل التقرير «القيود التي تفرضها (حماس) على العمليات الإنسانية في قطاع غزة، وكذلك الحظر الذي تفرضه الجهات المانحة على الاتصال بهم، بالإضافة إلى استمرار إغلاق معبر رفح مع مصر، والانقسام الفلسطيني الداخلي القائم».
واستقبلت السلطة التقرير بالترحاب الذي تضمن انتقادا للأمم المتحدة. وأصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية بيانا رحبت فيه بالتقرير السنوي الصادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة التابع للأمم المتحدة، الذي أكد على أن الاحتلال هو المسبب الرئيسي للاحتياجات الإنسانية، والتدهور الخطير الحاصل في حالة حقوق الإنسان في فلسطين.
وقالت الخارجية: «إن التقرير وإن جاء متأخراً، يعكس جزءاً من معاناة شعبنا الكبيرة جراء سياسات الاحتلال وممارساته وجرائمه، ويعبر عن صعوبة الأوضاع السياسية والإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون، لدرجة أن الأمم المتحدة اضطرت أن تتحدث علناً عن هذه المعاناة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».