المعركة الأكثر دموية في سوريا لم تبدأ بعد... وأكثر من مليون مدني في خطر

الفارون من القتال جاءوا من كل أنحاء البلاد إلى شمال غربها

المعركة الأكثر دموية في سوريا لم تبدأ بعد... وأكثر من مليون مدني في خطر
TT

المعركة الأكثر دموية في سوريا لم تبدأ بعد... وأكثر من مليون مدني في خطر

المعركة الأكثر دموية في سوريا لم تبدأ بعد... وأكثر من مليون مدني في خطر

في الحرب السورية بين القوات الموالية للحكومة السورية وقوات المعارضة، تحولت محافظة إدلب إلى مأوى كبير للمسلحين الذين رفضوا الاستسلام إلى القوات الحكومية في أي مكان آخر في البلاد. وقد تضخم عداد سكان المحافظة تحت مظلة الصفقات التي أشرفت عليها حكومة بشار الأسد، حيث نقلت الحافلات المدنيين والمقاتلين إلى الشمال من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في جميع أنحاء سوريا وباتت خاضعة لسيطرة القوات الحكومية في الأشهر الأخيرة.
يوجد الآن ما يقرب من مليون شخص محاصرين في مقاطعة واحدة في شمال غربي سوريا، ويتطلعون إلى وقف إطلاق النار الذي تأخر أسابيع تلو الأسابيع مع المخاوف والقلق وانعدام الثقة.
ويقول تحقيق موسع نشر في صحيفة «واشنطن بوست»، أخيرا: إن هذه التوسعات الشاسعة والمتواضعة في أغلب الأحيان والمستقرة على امتداد الحدود الجنوبية لتركيا هي الثغر الأخير للمعارضة. وخلال الشهور المقبلة، قد تتحول إلى التحدي الأكثر صرامة – وربما الأكثر دموية – بالنسبة لقوات الرئيس بشار الأسد في معرض معركة السيطرة على المناطق التي فقدوها لصالح مقاتلي المعارضة بعد ثورة البلاد في عام 2011.
يذكر أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين روسيا وتركيا وإيران خلال مايو (أيار) الماضي، قد أوقف الكثير من أعمال العنف في محافظة إدلب وثلاث مناطق أخرى في سوريا. ولكن إذا انهارت الهدنة وتجددت أعمال القتال، ستبلغ الرهانات ذروتها في الشمال الغربي: فالحدود التركية تخضع لمراقبة مكثفة، وظلت القوات الموالية للحكومة تواصل تقدمها الحثيث خلال الشهور الأخيرة. وعبر هذه المنطقة، ستكون الجماعات الموالية لتنظيم القاعدة في مرمى نيران بشار الأسد، مع الآلاف من المدنيين المحاصرين فيما بينهم.
ويقول السكان المقيمون إن الوافدين الجدد إلى المحافظة يحتلون كل بوصة مربعة فيها. المباني السكنية مليئة عن آخرها والإيجارات بلغت أسعارا خرافية. وتعيش الكثير من الأسر في خيام على الأرض، وفي منازل من الطين، أو ربما في كهوف الجبال. وتدير المدارس والمستشفيات والمرافق الأخرى مزيج من جماعات المعارضة والمجالس المحلية المدعومة من قوات المعارضة.
ولكن المحللين والدبلوماسيين يقولون: إن القوة المتصاعدة عبر المحافظة، هي «هيئة تحرير الشام» المرتبطة بتنظيم القاعدة. يقول سام هيلر، الزميل في «مؤسسة سنشري» ومقرها في واشنطن: «إنهم لا يتوارون خجلا من الإلقاء بثقلهم وممارسة القوة والإكراه ضد الفصائل الأخرى. ولا أعتقد أن هناك فصيلا آخر يمكنه أن يحشد الإرادة لتحدي ومقاومة مثل هذه الهيمنة».
كما أن هناك تقارير إخبارية متواترة تفيد بأن تلك الجماعات قد اختطفت الإمدادات والمعونات المقدمة إلى النازحين في المحافظة. وقال أحد مقاتلي المعارضة مشترطا عدم الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بسلامته الشخصية: «هناك حالات اختطاف متكررة. وهناك الكثير من المتطرفين. ونحن لم نفقد إخواننا في الحرب لكي تكون سوريا على هذه الحالة. إن الدولة التي نقاتل لأجلها ليست هي التي نراها الآن هنا».
من خيمته في معسكر النازحين شديد الاكتظاظ على طول الحدود التركية في الأيام السابقة على الاتفاق المشار إليه، دعا قاسم قدور أطفاله إلى جواره أثناء تحليق إحدى الطائرات من دون طيار فوق المعسكر. وبعدما ألقت الطائرة بحمولتها، قال قاسم إنهم كانوا يركضون بحثا عن مأوى ويجتازون النيران التي حرقت متعلقاتهم المكدسة ودمرت آخر مأوى للعشرات من العائلات والأسر مثلهم تماما.
وقال قاسم في مقابلة مع «واشنطن بوست» تمت بالهاتف بعد الهجوم: «لقد أتينا إلى هنا لأنه لم يكن هناك من مكان آخر نذهب إليه». ونزحت عائلته من مكانها تسع مرات منذ بداية الصراع السوري قبل وصوله إلى ذلك المعسكر. وأضاف قدور: «لقد أغلقوا الحدود، وقوات نظام الأسد في طريقها إلى هنا».
وتسببت الحرب التي استمرت قرابة سبع سنوات في سوريا في تشتيت أكثر من 5 ملايين لاجئ حول العالم. وفي داخل سوريا، هناك المزيد من الناس المحاصرين الذين يرغبون في النزوح والهرب من القتال المستمر. وقد عمدت كل من تركيا ولبنان والأردن، التي تكافح منذ سنوات لأجل استيعاب اللاجئين في الأوقات الماضية، إلى إغلاق حدودها في غالب الأمر. أما الانطلاق شرقا نحو العراق فيوحي برحلة محفوفة بالمخاطر عبر الأقاليم التي يسيطر عليها تنظيم داعش. ومن ثم يعيش النازحون في تدفق مستمر بلا توقف، ويفعلون كل ما يستطيعون لتجاوز العنف وتغطية نفقاتهم عند الوصول إلى الوجهة المقبلة.
ويصر المسؤولون الأتراك على أن بلادهم حافظت على سياسة الباب المفتوح للمهاجرين السوريين طيلة أيام الحرب. ولكن المدنيين يقولون إن عبور الحدود لم يكن بمثل هذه الصعوبة في السابق. وخشية تسلل مقاتلين من تنظيم داعش بين المدنيين، استبدلت حكومة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السياج الحدودي الواهي بجدار خراساني طوله 10 أقدام.
وتقول منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش: إن حرس الحدود التركية أطلقوا النار واعتدوا بالضرب على كل المدنيين الذين يحاولون عبور الحدود بصورة غير قانونية.
وبالنسبة لمعظم الناس، فإن الطريق الوحيدة للهجرة يكون من خلال شبكات التهريب التي تستولي على أموال طائلة – أو في إحدى سيارات الإسعاف التي تنطلق في أعقاب الهجمات. وينتشر الجرحى في جميع أنحاء الجنوب التركي. وفي مدينة ريحانلي، يتذكر بائع البقالة البالغ من العمر 23 عاما القليل بين الصاروخ الذي دمر منزله في الشهر الماضي واللحظة التي استيقظ فيها داخل المستشفى بعد بتر ساقيه.
يقول البائع الذي عرف نفسه باسم نضال: «تسألني لماذا بقيت هنا، ولكن ما الخيارات المتاحة أمامي؟ لا نملك المال للاقتراب من الحدود. وحتى إن توفر لنا المال، فلأي شيء نعبر الحدود؟ لقد حوصرنا مرة أخرى».
إذا ما حاولت القوات الموالية للحكومة استعادة السيطرة على محافظة إدلب، فستواجه قتالا عنيفا وشديدا سيؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح، ولا سيما بين المدنيين.
يقول هيلر: «إذا بدأ الهجوم على إدلب، لن يكون هناك من أحد في مرمى النيران سوى المدنيين. فالمتطرفون مستعدون للانتقال إلى أساليب حرب العصابات. وبمجرد بدء القصف في الشمال الغربي، لن يحوم شبح الإرهاب والموت إلا على المدنيين العزل».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».