نصر الحريري: النظام لن يقبل الانتقال السياسي... والرهان على روسيا

قال لـ «الشرق الأوسط» إن المعارضة لن تقبل بإيران ضامناً أو مراقباً لوقف النار

نصر الحريري (إ.ب.أ)
نصر الحريري (إ.ب.أ)
TT

نصر الحريري: النظام لن يقبل الانتقال السياسي... والرهان على روسيا

نصر الحريري (إ.ب.أ)
نصر الحريري (إ.ب.أ)

قال رئيس الوفد المفاوض لـ«الهيئة التفاوضية العليا» نصر الحريري، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، إن المعارضة لا تراهن على قبول النظام السوري بالانتقال السياسي، لأنها هذا «وهم»، بل إنها تختبر نيات روسيا بالقناعة بالحل السياسي على أساس «بيان جنيف» والقرارين 2218 و2254، لافتاً إلى أنه لا يمكن قبول إيران مراقباً أو ضامناً لاتفاق «خفض التصعيد» الذي تم التوصل إليه بين طهران وأنقرة وموسكو في آستانة.
وأوضح الحريري أن هزيمة تنظيم «داعش» تصب ضد مصلحة النظام، لكنه شن انتقادات عنيفة ضد «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية التي يدعمها التحالف الدولي بقيادة أميركا. وقال: «قوات سوريا الديمقراطية هي قوات إرهابية من وجهة نظرنا لا تختلف أبداً عن (داعش)»، مطالباً بدعم فصائل «الجيش الحر» ضد «داعش».
وهنا نص الحديث الذي أُجرِي هاتفيّاً أمس:
*ما توقعاتكم من اجتماع الهيئة و«آستانة» و«جنيف»؟
- اجتماع «الهيئة العليا للمفاوضات» سيكون في الخامس من الشهر الحالي ثم يعقبه اجتماع مشترك بين «الهيئة» والوفد المفاوض. طبعاً، هذا الاجتماع سيبحث في ثلاث نقاط: الأولى، تقييم المرحلة الماضية بعد الجولة السابقة من مفاوضات جنيف والمرحلة السابقة عموماً، ومدى تناغم هذه الجولات مع رؤية «الهيئة» للمفاوضات، للحل السياسي. الثانية، مناقشة المرحلة المقبلة وما إذا كان ستكون هناك جولة جديدة. (المبعوث الدولي ستيفان) دي ميستورا كان أبلغنا عن موعد بين 12 و15 من الشهر الحالي. لذلك لا بد من التحضير لهذه الجولة إن حصلت، سواء في الموعد المقترح أو موعد آخر. إلى هذه اللحظة لم يحدد موعد الجولة المقبلة. الثالثة، دراسة هذه التطورات السياسية والميدانية. بعد الاجتماع الماضي، حصلت تطورات كبيرة على الأرض من ناحية استمرار التغيير الديموغرافي وخروق اتفاق وقف النار، حتى مناطق خفض العنف لم يلتزم بها النظام ولا إيران ولا روسيا. أيضاً، هناك تطورات تتعلق بمعركة الرقة، إضافة إلى الزيارة التاريخية للرئيس دونالد ترمب إلى الرياض، والقمم المهمة التي حصلت هناك، وتطورات أخرى.
*والاجتماع المقبل لروسيا وإيران وتركيا في آستانة؟
- طبعاً، هناك خطة مقترحة، لكن لدينا أسئلة واستفسارات وتحفظات، على رأسها أن يكون لإيران، التي شاركت النظام التدمير والتهجير والتغيير الديموغرافي والحصار، دور ضامن أو دور مراقب في خطوط المراقبة والفصل المقترحة. هذا من أهم من التحفظات لدينا على خطة وقف التصعيد. ما نريده التزام كامل بوقف النار على مستوى البلد وسوريا، بحيث تجمد المناطق التي تسيطر القوى الثورية عليها بمن فيها من مدنيين عزل وبنى تحتية وخدمية ومراكز طبية، والتي تستهدف من النظام وإيران وروسيا.
*في اجتماع الرياض، مطروح الخلاف بين الفصائل العسكرية والجسم السياسي خصوصاً بعد انسحاب بعض الفصائل من الاجتماعات في جنيف؟
- هذه النقطة ضمن مراجعة نتائج الجولة الماضية. صحيح كان هناك تعليق من بعض الفصائل في الوفد المفاوضات لأسباب ومبررات عرضها ممثلو الفصائل مع «الهيئة العليا». واتفقنا على حل الموضوع في اجتماع الرياض. هذه الخلافات لا تتعلق بموقف سياسي، بل بطبيعية وطريقة عمل وقضايا تنظيمية ستتم مناقشتها، وهناك أجواء إيجابية لدى الطرفين للوصول إلى صيغة مثلى لضمان المشاركة والمساهمة العملية التفاوضية في الشكل لا يتناقض مع ثوابت الثورة بما يضمن حسن سير العمل دون المس بها.
*ما هي الصيغة؟
- قضايا تنظيمية للتحضير والمشاركة في القرار والتقويم بعد المفاوضات.
*في اجتماع آستانة بعد يومين هل تتوقع الوصول إلى خرائط موحدة بين الدول الضامنة لمناطق «خفض التصعيد»، خصوصاً أن الخلاف على خريطة إدلب؟
- حتى هذه اللحظة لا تزال اللقاءات الفنية مستمرة بخصوص تفاصيل دقيقة لموضوع مناطق «خفض التصعيد». هناك بعض القضايا الإشكالية التي تخص إيران بالذات والإجراءات التي يجب أن تتخذ فيما لو حصلت خروق. القوى الثورية لا تطلب مزيداً من الاتفاقات التي لا يتم الالتزام بها. لدينا قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة واتفاقات لوقف النار. كل هذا لم يتم الالتزام به. يجري بحث إجراءات الرقابة الرادعة التي يجب أن تطبق إذا استمر النظام وحلفاؤه في الخروق. إلى هذه اللحظة ليس هناك اتفاق نهائي. لا بد من المزيد من المفاوضات للوصول إلى اتفاق نهائي.
*إيران أعلنت استعدادها لإرسال مراقبين لمناطق «خفض التصعيد».
- إيران دولة مارقة وجزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل. لديها عشرات الآلاف يقاتلون إلى جانب النظام. ارتكبت مجازر وانتهاكات بحق معظم المناطق السورية. شاركت حكومة غير شرعية في حربها ضد الشعب. تستخدم وتقوم بممارسات طائفية تسهِم في زيادة الشرخ بين مكونات الشعب السوري، وتُسهِم في شكل فعال في الإرهاب الأسود. لا يمكن أن تُقبل إيران ضامناً للاتفاق.
*لكن روسيا وتركيا تقبلان بذلك.
- كيف يمكن أن تكون إيران مراقبة على نفسها؟! هذا الموضوع لا يزال قيد النقاش لأن من دون موافقة القوى الثورية لن يكون للاتفاق الأثر الكبير. لماذا؟ عندما نتحدث عن قوى مراقبة يجب أن نتحدث عن مناطق وقوات لديها نية الالتزام بوقف النار. عندما يكون الطرف المعتدي هو الطرف المراقب لن يكون للاتفاق معنى ولا التزام. كانت هناك محاولات من تركيا وروسيا كي تكون إيران ضامنة لنفسها والقوات التي تدعمها و«حزب الله» لالتزام وقف النار. لكن كيف لهذه القوى مراقبة مناطق القوى الثورية ومناطق النظام وحلفائه. نخاطب المجتمع الدولي ودول مجموعة «آستانة»، نحذر من خروق إيران لاتفاق وقف النار، لأنها ليست لديها أي مصلحة في نجاح المفاوضات الميدانية أو السياسية أو الإنسانية.
*هل صحيح أن أميركا سَلَّمت أسلحة وذخيرة لفصائل جنوب سوريا؟
- ليست لديَّ معلومات دقيقة، لأنني لست مختصّاً بالشأن العسكري، لكن القوات الروسية والإيرانية والنظامية شنت حملة استهدفت المدنيين في محاولات للسيطرة على أراضٍ خاضعة لفصائل المعارضة. كان هناك عدد كبير من الطلعات الجوية وقصف. بالفعل، الدول الصديقة مطلوب أن تكون لها مساهمة في صد هذه الهجمات، خصوصاً أن الوجود الإيراني في هذه المناطق خطر على الدول المجاورة. بالتالي، أفضل طريقة لمواجهة المد الإيراني هي تزويد الثوار بالطاقات العسكرية المناسبة لتمكنهم من صد الهجوم.
*ماذا عن معركة «البادية السورية»؟
- فصائل «الجيش الحر» حقَّقَت تقدماً مهماً في البادية والقلمون الشرقي ضد «داعش» وصولاً إلى الحدود مع العراق. هذا أزعج النظام وحلفاءه، وكان هناك سباق للسيطرة على هذه المناطق، لكن حتى هذه اللحظة المعارضة ثابتة واستقرار. أي معارك يخوضها «الجيش الحر» ضد «داعش» ليست في مصلحة النظام، لأن نجاحاته ضد التنظيم هي انتصار على قوى مرتبطة بالنظام والقوى التي تدعمه. ثانياً، أي تقدم على «داعش» يزيل الغطاء عن النظام الذي يحاول أن يصور نفسه على أنه القوى الوحيدة التي تقاتل الإرهاب، لذلك المعارك مهمة سواء في حوض اليرموك في الجنوب أو الحدود العراقية أو شمال شرقي سوريا.
*إذن تدعمون المعارك التي تخوضها «قوات سوريا الديمقراطية» ضد «داعش» في الرقة؟
- «قوات سوريا الديمقراطية» هي قوات إرهابية من وجهة نظرنا لا تختلف أبداً عن «داعش». هذه القوات مارست خروقات وارتكبت جرائم وهجرت وصادرت أملاكاً ومارست التعذيب والقتل تحت التعذيب. كل هذه الانتهاكات جرت بحق أبناء الشعب السوري. ما نريده هو جهد دولي لدعم قوى حرة وطنية موجودة على الأرض السورية ومقبولة من الشعب السوري تحت طموحات الشعب وأن تقوم بعمليات التحرير (من «داعش»). أما عمليات «قوات سوريا»، صحيح أنها تحقق انتصاراً ضد «داعش»، لكن هذه الانتصارات لن تحقق الاستقرار ولن تهيئ حلاًّ سياسياً مستداماً، ولن تحقِّق طموحات الشعب السوري، خصوصاً أن هذه القوات مرتبطة بأجندات غير وطنية، بل بحزب العمال الكردستاني. إذن، لن تحقق الاستقرار حتى لو حررت أراضي من «داعش».
*قلتَ إن «قوات سوريا الديمقراطية» إرهابية، لكن أميركا تدعمها.
- «قوات سوريا الديمقراطية» وعمودها «حزب العمال الكردستاني»، قوات إرهابية، لا تختلف عن «داعش».
*ماذا عن الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف؟ هل تقبل مناقشة الدستور بعيداً عن «السلال الأربع» (الحكم، الدستور، الانتخابات، مكافحة الإرهاب)؟
- لم نتلق أي إشارات لموعد الجولة المقبلة. قد يحصل هذا في أي وقت. ثانياً، ما وصلنا إليه في الجولات الماضية، هو مناقشة تنفيذ بنود القرار الدولي 2254، خصوصاً الانتقال السياسي الذي يضمن أثناء المرحلة الانتقالية صوغ دستور للشعب السوري يضعه ممثلو الشعب السوري ويتم الاستفتاء عليه بالطرق المعروفة ويضمن انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الأمم المتحدة، بحيث يوفر الانتقال السياسي إجراء انتخابات نزيهة وشفافة برقابة دولية. ما نتوقعه من الجولات المقبلة، استمرار النقاش في هذه القضايا المتعلقة بالانتقال السياسي سواء كانت تشكيل هيئة الحكم الانتقالي أو الإجراءات الدستورية والقانونية التي تمكن هيئة الحكم دستورياً وقانوناً لأداء مهمات، أو القضايا الانتقالية وأمور إجراءات بناء الثقة.
في الجولة الماضية، دي ميستورا أعطى أهمية للقضايا الدستورية التي تمهد الطريق لتحقيق الانتقال السياسي. وفي الجولة المقبلة، ستكون هناك متابعة في القضايا هذه؛ الانتقال السياسي والإعلان الدستوري كي تمارس الهيئة الانتقالية مهماتها لضمان عدم حصول فراغ دستوري في بداية المرحلة الانتقالية.
*بصراحة، إلى أي حد تعتقد أن هذا الخطاب واقعيّ قياساً على واقع الحال في سوريا وواقع التوازنات الإقليمية والدولية؟
- أولاً، أي أحد لديه شك أو ظن أو توقع أن الأسد أو ممثله سيأتي إلى مفاوضات جدية لمناقشة الانتقال السياسي، هو واهم. هذا ما رأيناه خلال الجولات الماضية. لا نزال في هذه المفاوضات التي نقوم بها حتى هذه اللحظة رغم خيبات الأمل، نختبر جدية المجتمع الدولي وجدية روسيا التي تدعي أنها في وارد الوصول إلى الحل السياسي. ما زلنا بصدد اختبار النيات وجديتها للوصول إلى الحل السياسي. أما النظام، فلن يأتي إلى شيء من هذا القبيل.
أما مدى انسجام هذا الخطاب مع ما يحصل على الأرض. بالعكس، من يتوقع أن النظام في حالة جيدة، هو واهم أيضاً. لا ننسى أن النظام بعد سبع سنوات، موجود شكلاً بحكم دول كبرى دولياً وإقليمياً وفي ظل مجتمع دولي لا يزال حتى هذه اللحظة صامتاً ولم يمارس أدنى درجة من الضغوطات. في هذا السنة السابعة، لم يعد هناك جيش ولا أمن ولا دولة ولا مؤسسات، والنظام لا يسيطر على نحو 22 في المائة من مساحة سوريا. القائم في سوريا، ليس النظام، بل ميليشيات تابعة لإيران وروسيا، وعندما تصل روسيا، لأن إيران لا تؤمن بالحل السياسي، إلى القناعة بالحل السياسي، لن تأخذ رأي النظام ولا إيران.
*بعد لقائك بالروس في جنيف، هل تعتقد أنهم يريدون حلاً سياسياً؟
- لم تتشكل لدى الروس النية الجدية بالحل السياسي سوى بمضمار واحد. هم يريدون الحل السياسي بحسب المقاسات الروسية. ولم يقتنعوا بعد أن الحل السياسي لا يمكن أن يتم ونقبل به إلا إذا كان وفق المرجعيات الدولية؛ وفق القرار 2218 وبيان «جنيف»، ويرحل به الأسد وأركان نظامه منذ بداية المرحلة الانتقالية، إضافة إلى البنود الأخرى التي ذكرتها سابقاً.



مخاوف إسرائيلية متكررة من «تسليح» مصر تعكس ازدياد التوترات

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
TT

مخاوف إسرائيلية متكررة من «تسليح» مصر تعكس ازدياد التوترات

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

شهدت الآونة الأخيرة تصريحات إسرائيلية تضمنت مخاوف بشأن «تسليح» مصر وانتهاكات لمعاهدة السلام، التي أُبرمت بين البلدين في 1979، وسط توتر متصاعد منذ احتلال الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح الفلسطينية قبل نحو عام، وإصراره على عدم تنفيذ رغبة القاهرة في الانسحاب من محور «فيلادلفيا» الحدودي مع مصر.

أحدث التصريحات الإسرائيلية ما جاء على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي قال إن بلاده لن تسمح للقاهرة بـ«انتهاك معاهدة السلام»، وهو ما يرى رئيس مجلس الشؤون الخارجية المصرية وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي، ورئيس الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري والخبير الاستراتيجي اللواء سمير فرج، لـ«الشرق الأوسط»، أنها «رسائل للخارج لجلب مزيد من الدعم وتزيد التوتر الذي صنعته إسرائيل مع القاهرة»، بخلاف أنها «محاولات لعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا بزعم المخاوف»، متوقعين رفض مصر تلك الضغوط وتمسكها بموقفها دون أن تجر لصدام أو المساس بمعاهدة السلام.

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ومنذ توقيع مصر وإسرائيل معاهدة السلام، لم تشهد علاقات الجانبين توتراً كما هي الحال مع اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وزادت حدته منذ مايو (أيار) الماضي، مع احتلال إسرائيل محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، وكذلك معبر رفح من الجانب الفلسطيني، ورفضها الانسحاب كما تطلب القاهرة.

وذكر كاتس، في كلمة خلال ذكرى وفاة رئيس الوزراء الأسبق مناحم بيغن، الاثنين، أن معاهدة السلام «أخرجت مصر من دائرة الحرب، في قرار قيادي غيّر وجه التاريخ ووضع دولة إسرائيل - ولا تزال كذلك حتى اليوم، لكننا لن نسمح لهم (المصريين) بانتهاك معاهدة السلام، لكن الاتفاق قائم»، وفق صحيفة «يديعوت أحرونوت».

وكشفت الصحيفة الإسرائيلية أن تصريحات كاتس جاءت على خلفية شائعات ترددها عناصر من اليمين المتطرف على شبكة الإنترنت عن استعدادات عسكرية مصرية لمهاجمة إسرائيل بشكل غير متوقع، لافتةً إلى أن هذه الشائعات أثارت القلق بين العديد من الإسرائيليين.

تلك المخاوف ليس الأولى إسرائيلياً، إذ أعرب رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، في 26 فبراير (شباط) الماضي، عن قلقه من «التهديد الأمني من مصر التي لديها جيش كبير مزود بوسائل قتالية متطورة»، معتبراً أنه لا يشكل تهديداً حالياً لتل أبيب لكن الأمر قد يتغير في لحظة، وفق «القناة 14» الإسرائيلية.

جنديان إسرائيليان قرب ممر فيلادلفيا بمحاذاة الحدود المصرية (أرشيفية - أ.ب)

سبق ذلك حديث مندوب تل أبيب الدائم في الأمم المتحدة داني دانون، في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي عن مخاوف إسرائيل بشأن تسلح الجيش المصري، مضيفاً: «ليس لديهم أي تهديدات في المنطقة. لماذا يحتاجون (المصريون) إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟».

ورد النائب المصري مصطفى بكري على تلك التصريحات قائلاً عبر منشور بمنصة «إكس»، إن «إسرائيل هي التي تنتهك اتفاقية السلام (..) واحتلت محور صلاح الدين (فيلادلفيا)»، مؤكداً أن «تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي ومن قبله رئيس الأركان ومندوب إسرائيل بالأمم المتحدة نوع من التلكيك وجر شكل (استفزاز) ومصر تتعامل بحكمة ولديها دور هام لصالح السلام لكنها لن تقبل إملاءات أو تهديداً من أحد ولا تفرط في سيادتها وثوابتها وأمنها القومي»، محذراً: «فلتكف إسرائيل عن العبث واللعب بالنار، لأنها أول من سيكتوي بها».

وسبق أن رد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير أسامة عبد الخالق على نظيره الإسرائيلي، في تصريحات فبراير (شباط) الماضي، قائلاً: «الدول القوية والكبرى مثل مصر تلزمها جيوش قوية وقادرة على الدفاع عن الأمن القومي بأبعاده الشاملة عبر تسليح كافٍ ومتنوع».

ويرى العرابي أن تلك التصريحات الإسرائيلية تعكس ازدياد حالة التوتر بين مصر وإسرائيل، التي صنعتها الأخيرة منذ دخول رفح، وهي تحاول أن تنقل انطباعات غير صحيحة للعالم الخارجي بأن لديها قلقاً من جيرانها للبحث عن دعم.

معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (أرشيفية - إ.ب.أ)

بينما يرى اللواء فرج أن التصريحات الإسرائيلية محاولة لخلق أزمات مع مصر، مؤكداً أن مصر بالتأكيد حافظت على تنوع تسليحها، لأنها دولة قوية وتحتاج ذلك لكنها لم تنتهك ولم تخترق المعاهدة، بل الجانب الإسرائيلي هو من يفعل ذلك ولا يريد الالتزام بما تم الاتفاق عليه في اتفاق هدنة غزة.

تأتي هذه التصريحات المتصاعدة في إسرائيل، قبل أيام قليلة للغاية من التزام على حكومة نتنياهو بتنفيذ الانسحاب الكامل من محور فيلادلفيا، المقرر أن يتم في اليوم الخمسين من اتفاق الهدنة في غزة، الذي بدأ في 19 يناير الماضي، وسط حديث يسرائيل كاتس، في 27 فبراير (شباط)، عن البقاء في محور فيلادلفيا في المرحلة الحالية، وحديث مماثل متزامن من وزير الطاقة إيلي كوهين.

وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، فإن محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل، قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف بخطة «فك الارتباط»، قبل أن تعيد احتلاله خلال حرب غزة ورفض مطالب مصر بالانسحاب.

ويرجح العرابي أن يكون استمرار التصريحات الإسرائيلية بهدف الضغط لعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا، مستبعداً أن يؤدي التوتر بين البلدين لصدام عسكري أو انهيار معاهدة السلام.

ويرى فرج أن إسرائيل تحاول إثارة تلك المخاوف لتهيئة الرأي العام الداخلي لاستمرار البقاء في محور فيلادلفيا، وعدم الانسحاب كما هو مقرراً، مؤكداً أن التوتر المتصاعد حالياً لن يمس معاهدة السلام ولن يرجع القاهرة عن مواقفها، ولن يقود لصدام خاصة وأن نتنياهو يرى أن العدو الرئيسي إيران وليس مصر.