تركيا تخطط لدخول عصر المدن الذكية في 2023

مع الزيادة المتسارعة في أعداد السكان والحاجة لتطوير البنية التحتية

تعمل تركيا منذ ثلاث سنوات على مشروع المدن الذكية وتم الانتهاء من مجموعة من الدراسات حوله
تعمل تركيا منذ ثلاث سنوات على مشروع المدن الذكية وتم الانتهاء من مجموعة من الدراسات حوله
TT

تركيا تخطط لدخول عصر المدن الذكية في 2023

تعمل تركيا منذ ثلاث سنوات على مشروع المدن الذكية وتم الانتهاء من مجموعة من الدراسات حوله
تعمل تركيا منذ ثلاث سنوات على مشروع المدن الذكية وتم الانتهاء من مجموعة من الدراسات حوله

أطلقت الحكومة التركية أعمالاً لتحويل 3 مدن في مناطق مختلفة من البلاد إلى «مدن ذكية»، وذلك في إطار تحقيق أهداف «رؤية 2023» التي تتزامن مع الذكرى المئوية لقيام الجمهورية التركية.
ووضعت الحكومة رؤية اقتصادية تشمل خططاً متنوعة للوصول بالناتج القومي إلى تريليوني دولار بحلول عام 2023. وبحسب أردم أكجيل رئيس مجلس إدارة منتدى تكنولوجيا القطاع العام، تعمل تركيا منذ ثلاث سنوات على مشروع المدن الذكية وتم الانتهاء من مجموعة من الدراسات حوله.
وأوضح أن الهدف الأساسي للمشروع هو تيسير سبل الحياة اليومية للمواطنين، وترشيد الاستهلاك، فضلاً عن توفير الأمن في أفضل صورة، مشيراً إلى أنه بحلول عام 2023 يتوقع امتلاك تركيا، ثلاث مدن ذكية، هي سكاريا في منطقة مرمرة (شمال غرب)، وقيصري وسط الأناضول، إضافة إلى مدينة غازي عنتاب جنوب شرقي البلاد، حيث تمثل مدينة قيصري رأس المشروع كمرحلة أولية وقد انطلقت الأعمال الميدانية فيها بالفعل.
وأضاف أكجيل أن التركيز حالياً ينصب على تحسين وضع الحالة المرورية في مدينة قيصري بنسبة 25 في المائة، من خلال سياسة تحديد عدد المركبات، وتوفير مفارق طرق ذكية، فضلاً عن التحكم في زمن إضاءة الإشارات المرورية عبر أجهزة استشعار حساسة. وتابع أن تركيا تهدف إلى وصول المدن الذكية التي ستؤسسها إلى مستويات تكنولوجية تؤهلها للتنافس مع مدن عالمية مثل نيويورك الأميركية وأمستردام الهولندية ولندن في بريطانيا وبرشلونة الإسبانية.
وأشار إلى أنه من أجل تحقيق ذلك سيتم السعي إلى الاستفادة من أحدث التقنيات التي وصل إليها العلم الحديث في مختلف المجالات المتعلقة بالمدن، بدءا من قطاع الصحة والأمن، مرورا بالطاقة والبيئة، وحتى التعليم والتدريب.
وتابع أكجيل: «نعي أن 70 في المائة من المشكلات التي نواجهها في مدننا تتعلق بالمرور والمواصلات، وإذا نجحنا في إيجاد حلول لهذه الأمور، فسنحقق طفرة هائلة في هذا المجال، وهذا بالتحديد ما يدفعنا إلى مناقشة وعمل عدد من الدراسات وبشكل مكثف حول سبل الحد من الحوادث المرورية وتخفيف حدة حركة المرور».
ومن المتوقع أن يتجاوز تعداد سكان تركيا 90 مليون نسمة بحلول عام 2030، مما يفرض على البلاد الانطلاق في إعداد خطط لتوفير بنى تحتية متطورة تلائم الظروف المستقبلية.
وقال أكجيل: «نبحث حاليا قدرتنا على صناعة أنظمة تمكننا من تحقيق هذه الأهداف، ونناقش حاجتنا إلى استيراد بعضها من الخارج، وتأكدنا من أهمية التعاون بين مختلف مؤسسات المجتمع، ونعقد لقاءات شاملة بين المؤسسات الحكومية والبلديات والقطاع الخاص والجامعات؛ من أجل صياغة أنسب الطرق لتحقيق هذه الرؤية».
وعقد في تركيا في 24 مايو (أيار) الحالي المؤتمر الدولي الثاني للمدن الذكية، حيث ناقش رؤى التمدن وتأسيس المدن الحديثة بمشاركة عدد كبير من الخبراء في هذا المجال حول العالم وشاركت فيه وفود من الولايات المتحدة وإيطاليا وبولندا، فضلاً عن مؤسسات وهيئات دولية متخصصة في مجال التمدن والعمران.
وتشهد المدن التركية حركة عمرانية نشطة مع تزايد أعداد السكان، إضافة إلى إقبال الأجانب على شراء العقارات في تركيا، مما ضاعف من أهمية مشروع المدن الذكية.
وارتفعت مبيعات الوحدات السكنية للأجانب في تركيا خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي بنسبة 2.7 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتصل بحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية إلى 1624 وحدة، بينما بلغ إجمالي مبيعات العقارات للأجانب في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي نحو 5 آلاف و894 وحدة.
وارتفعت مبيعات المنازل بشكل عام خلال شهر أبريل بنسبة 7.6 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
واعتبر خبراء في مجال العقارات أنه على الرغم من أن ارتفاع إقبال الأجانب قد يبدو بسيطاً، فإنه يعد ارتفاعا واعدا.. وأرجعوا هذا الارتفاع إلى زيادة ثقة الأجانب وخفض نسب الضرائب لهم، بالإضافة إلى قانون منح الجنسية التركية للمستثمرين الأجانب من مشتري العقارات بقيمة تزيد عن مليون دولار.
وتركزت غالبية المبيعات للأجانب في إسطنبول بأكثر من 571 عقاراً، مما يشكل نسبة 35 في المائة من العقارات المباعة، تبعتها كل من أنطاليا (جنوب) وبورصة (غرب).
وواجهت تركيا اضطرابات خلال العام الماضي بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز)، فضلاً عن الاضطرابات التي تشهدها الدول المجاورة (سوريا والعراق تحديدا)، إضافة إلى العمليات الإرهابية، وهذه الأمور مجتمعة أدت إلى انخفاض مبيعات العقارات للأجانب، إلا أن الوضع تحسن بعد الاستفتاء على تعديل الدستور في 16 أبريل الماضي.
ورأى مليح تاووكجو أوغلو رئيس اتحاد المقاولين في الأناضول أن «الزيادة التي شهدتها مبيعات العقارات خلال شهر أبريل، تشِير إلى أن ثقة الأجانب في الاقتصاد التركي تحسنت»، لافتاً إلى أن الاستثمار في العقارات في تركيا مربح للغاية، وأن المستثمرين الأجانب يُدرِكون هذا الأمر جيدا وخصوصا القادمون من دول الخليج.
وشهدت تركيا بيع 440 ألفا و226 منزلا في جميع أنحائها خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي وهو ما يشير إلى بيع نحو منزلين ونصف كل دقيقة.
وجرت أغلب عمليات البيع في أكبر ثلاث محافظات هي إسطنبول، وأنقرة، وإزمير، بمجموع 153 ألفًا و611 منزلاً، واحتلت مدينة إسطنبول المرتبة الأولى بنسبة 34.89 في المائة في بيع الشقق، حيث تم بيع 76 ألفا و999 شقة، وجاءت أنقرة في المرتبة الثانية وذلك تم بيع 50 ألفا و328 شقة، وإزمير 27 ألفا و1844 شقة.
وتَمَلّك الأجانب في تركيا العام الماضي 18 ألف شقة سكنية، 5 آلاف و811 منها في إسطنبول، فيما اشترى خلال الفترة نفسها، نحو ألف و500 مواطن تركي منازل في الولايات المتحدة حيث تعد ميامي في ولاية فلوريدا الأميركية المقصد الأول للأتراك.
وامتلك المواطنون الأتراك أكثر من ألف منزل في مدينة برشلونة الإسبانية خلال الربع الأول من العام الحالي 2017.
ويشير الخبراء إلى أن هذا الإقبال من الأتراك على شراء العقارات في إسبانيا جاء نتيجة حالة الاستقطاب التي سبقت الاستفتاء على الدستور في 16 أبريل الماضي.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».