السعودية: تجريم التنظيمات الإرهابية أحدث وعياً مجتمعياً بخطورتها

السديري (تصوير: خالد الخميس)
السديري (تصوير: خالد الخميس)
TT

السعودية: تجريم التنظيمات الإرهابية أحدث وعياً مجتمعياً بخطورتها

السديري (تصوير: خالد الخميس)
السديري (تصوير: خالد الخميس)

أكد الدكتور توفيق السديري، نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالسعودية، أن تجريم بلاده للتنظيمات الإرهابية ومن يوازيها، بما في ذلك تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، أحدث وعياً مجتمعياً حول خطورة هذه التنظيمات، مشيراً إلى تراجع الانتماء لهم، مطالباً بتكثيف الوعي المجتمعي عبر وسائل الإعلام ومنابر التوجيه والتعليم والدعوة، حول خطورة التحزب وشق الصف.
وشدد السديري خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أمس، على أن نسبة التشدد في منابر الجمعة بالسعودية انخفضت بشكل ملحوظ جداً خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك من خلال ما تبين للوزارة عبر الرصد الذي تقوم به، معتبراً أن محاربة الغلو والتشدد يجب أن تكون ثقافة واسعة في المجتمعات العربية والإسلامية.
ونوّه إلى أن السعودية جماعة واحدة لا جماعات متفرقة، ومن هذا المنطلق يجب التركيز في وسائل التوجيه على وحدة الجماعة، وأن أي مخالفة أو محاولة لشقها من قبل هذه التنظيمات هي مخالفة شرعية مجرَّمة شرعاً ونظاماً.
ولم يستبعد السديري وجود تجاوزات فيما يتعلق بمخالفة التوجيهات الصادرة من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، في عدم الخوض في الأحداث السياسية من قبل المنابر، لكنه أكد أن تلك التصرفات قلّت في الفترة الأخيرة بدرجة كبيرة جداً، وإن وجدت تتم محاسبة مرتكبها.
واتفق نائب الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، مع الرأي الذي ذهب إلى أن محاربة الغلو والتطرف يجب أن تتحول لثقافة واسعة، معتبراً أن كل أطياف المجتمع مطالبة بالإسهام في محاربة الغلو والتطرف، كل بحسب تخصصه. وتابع: «من المهم أن تكون محاربة هذا الداء ثقافة واسعة في المجتمعات العربية والإسلامية، فهي من أهم وسائل وقاية النشء الجديد الذي لم يقع بعد في براثن التطرف والغلو».
وكشف السديري عن وجود وحدة للرصد الإلكتروني، من مهامها التأكد من إيجابية المشاركات في مواقع التواصل الاجتماعي الإلكتروني لمنسوبي الوزارة والمتعاونين معها، من دعاة وأئمة وخطباء وغيرهم.
وحول عدد الدعاة في السعودية، ذكر نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد أن هناك دعاة يعملون في الوزارة على وظائف رسمية في قطاع الدعوة والإرشاد بمختلف مناطق السعودية، وعددهم 338 داعية، لافتاً إلى وجود دعاة متعاونين مع الوزارة في مختلف مناطق السعودية، وهم الأكثرية، مضيفاً: «لا يوجد عدد محدد أو تصاريح تصدر لأشخاص، فالوزارة لا تمنح التصريح للأشخاص وإنما للبرامج والمناشط وفق آلية معينة أقرتها الوزارة، وشروط لا بد من توفرها في المشارك، وتتولى فروع الوزارة في المناطق تنفيذ ذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية في المناطق».
ولفت إلى أن مشاركات دعاة الوزارة خارج السعودية تتم وفق القنوات الرسمية في الدول التي تقام برامج فيها، ووفقاً لأنظمة تلك الدول، مشيراً إلى أن على غير منسوبي الوزارة الحصول على موافقتها على ذلك مسبقاً قبل وقتٍ كافٍ من المشاركة، ومن يخالف ذلك تتم محاسبته عن طريق الجهات المختصة في الدولة، وتتحمل جهته التي يعمل بها مسؤولية مشاركته، وما يترتب عليها من مخالفات.
وفيما يتعلق بالنقاشات التي دارت على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي حول دور المساجد في تعزيز الأمن الفكري، أكد الدكتور توفيق السديري، أن التنسيق بين وزارات الشؤون الإسلامية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي جيّد، وأن هناك مؤشرات على زيادته، سواء على المستوى الثنائي أو تحت مظلة المجلس، لافتاً إلى أن الاجتماع الأخير لوزراء الشؤون الإسلامية لدول المجلس بحث دور المساجد في تعزيز الأمن الفكري، وشهد مقترحات جيدة من الخبراء تم إقرارها من الوزراء، يمكن أن تكون منطلقاً جيداً للتعاون والتنسيق في تعزيز الأمن الفكري عبر وسائل نوعية مختلفة، وتبادل معلومات وخبرات دول المجلس في هذا الشأن.
وعن طريقة تعامل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد مع الداعيات في السعودية، بيّن أن الوزارة تتعامل مع الداعيات المتعاونات كما تتعامل مع الدعاة المتعاونين، مضيفاً أن لدى الوزارة عشرات الداعيات المشاركات في برامج الوزارة في مختلف مناطق السعودية.
وتطرق إلى موافقة مجلس الوزراء السعودي أخيراً، على أن تعامل الأراضي المخصصة مساجد ومرافقها ضمن المخططات المعتمدة بوصفها أوقافاً، وتفرغ على هذا الأساس، ويكون الناظر عليها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وتحفظ أصول الصكوك الصادرة في شأنها لدى الوزارة، وتزود مصلحة أملاك الدولة بصور طبق الأصل من تلك الصكوك، على أن يُنسّق مع المصلحة عند إجراء أي تصرف في شأن تلك الأراضي دون إخلال بما تقضي به الأحكام الشرعية والنظامية ذات الصلة. وقال إن القرار يأتي انطلاقاً من حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والحكومة، على المساجد وأوقافها، مبيناً أن الهدف الرئيسي من هذا القرار هو حماية المساجد وأصولها وأوقافها ورعايتها.


مقالات ذات صلة

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

الخليج ناصر بوريطة مستقبلاً جاسم البديوي في الرباط (مجلس التعاون)

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

وجّهت أمانة «مجلس التعاون» دعوة إلى وزير الخارجية المغربي لحضور اجتماع مع نظرائه الخليجيين يوم 6 مارس (آذار) 2025 في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الخليج وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي بعد اجتماعهم في الكويت (كونا)

وزراء الخارجية لتوحيد الموقف الخليجي من القضايا الإقليمية والدولية في «قمة الكويت»

بحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم (الخميس)، التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية.

ميرزا الخويلدي (الرياض)
رياضة سعودية إيكامبي نجم الاتفاق الكاميروني يحتفل بأحد هدفيه في مرمى العربي (الشرق الأوسط)

«أبطال الخليج»: الاتفاق يضرب العربي بثنائية ويواصل انطلاقته المثالية

واصل الاتفاق السعودي انطلاقته المثالية في المجموعة الثانية من مرحلة المجموعات ببطولة دوري أبطال الخليج لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
TT

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» خلال «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة، الذي تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد، وحتى 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، وبتنظيم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، وهيئة الحكومة الرقمية.

وعلى هامش المنتدى، أعلنت «منظمة التعاون الرقمي» التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرّاً لها، إطلاق المبادرة، بمصادقة عدد من الدول على بيان مشترك بهذا الإعلان وهي: السعودية، والبحرين، وبنغلاديش، وقبرص، وجيبوتي، وغامبيا، وغانا، والأردن، والكويت، والمغرب، ونيجيريا، وعُمان، وباكستان، وقطر، ورواندا.

وأكدت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المبادرة التي تقودها وترعاها الكويت، وتم تقديمها خلال الجمعية العامة الثالثة لمنظمة التعاون الرقمي، تهدف إلى تعزيز احترام التنوع الاجتماعي والثقافي، ومكافحة المعلومات المضللة عبر الإنترنت، من خلال جهود الوساطة والتنسيق بين الشركات والحكومات والجهات الأخرى ذات الصلة، مثل المنظمات الدولية والمجتمع المدني.

وتضمّن الإعلان، إنشاء «لجنة وزارية رفيعة المستوى» تتولّى الإشراف على تنفيذ مبادرة «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» التابعة للمنظمة، فيما جدّدت الدول المُصادقة على الإعلان، التزامها بالدعوة إلى «إنشاء اقتصاد رقمي شامل وشفاف وآمن يُمكن الأفراد من الازدهار».

وأكّد الإعلان على رؤية الدول إلى أن القطاع الخاص، وخصوصاً منصات التواصل الاجتماعي، «شريك في هذه الجهود لتعزيز التأثير الاجتماعي الإيجابي بدلاً من أن تكون وسيلة لنشر التأثيرات السلبية أو عدم الوعي الثقافي».

ودعا الإعلان، إلى بذل جهود جماعية من شأنها دعم القيم الوطنية، والتشريعات، وقواعد السلوك في منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تأكيد «منظمة التعاون الرقمي» التزامها بتحسين الثقة في الفضاء السيبراني من خلال معالجة التحديات الأخلاقية والخصوصية المرتبطة بالتقنيات الناشئة.

وفي الإطار ذاته شدّد الإعلان على الأهمية البالغة للحوار النشط والتعاون بين منصات التواصل الاجتماعي والدول التي تعمل فيها، وعَدّ التعاون القائم على الثقة المتبادلة «مفتاحاً لضمان احترام المشهد الرقمي لحقوق وقيم جميع الأطراف ذات الصلة».

من جهتها، أشارت ديمة اليحيى، الأمين العام لـ«منظمة التعاون الرقمي»، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن استطلاعات للرأي شملت 46 دولة، أظهرت أن أكثر من 59 في المائة قلقون من صعوبة التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف عبر الإنترنت.

وأضافت أن ما يزيد على 75 في المائة من مستخدمي الإنترنت قد واجهوا أخباراً زائفة خلال الأشهر الستة الماضية، وتابعت: «تنتشر المعلومات المضللة على المنصات الاجتماعية بمعدل يصل إلى 10 أضعاف سرعة انتشار الحقائق»، الأمر الذي من شأنه، وفقاً لـ«اليحيى»، أن يسلّط الضوء على مفارقة مزعجة بأن «المنصات التي أحدثت ثورة في الاتصال والتقدم أصبحت أيضاً قنوات للانقسام، وتزعزع الثقة، وتزيد من حالة الاستقطاب في المجتمعات».

ونوّهت اليحيى إلى أن المعلومات المضلّلة «لم تعد قضية هامشية، بل جائحة رقمية مخيفة تتطلب تحركاً عاجلاً ومشتركاً»، وأضافت: «الدراسات بيّنت أن المعلومات المضللة قد تؤدي إلى إرباك الانتخابات في العديد من الدول خلال العامين المقبلين، مما يهدد الاستقرار العالمي». على حد وصفها.

وعلى جانب آخر، قالت: «بالنسبة للأجيال الشابة، فإن التأثير مقلق بشكل خاص، إذ يقضي المراهقون أكثر من 7 ساعات يومياً على الإنترنت، ويؤمن 70 في المائة منهم على الأقل بأربع نظريات مؤامرة عند تعرضهم لها». وخلال جائحة كورونا «كوفيد - 19»، أدت المعلومات المضللة حول القضايا الصحية إلى انخفاض بنسبة 30 في المائة في معدلات التطعيم في بعض المناطق، مما عرض ملايين الأرواح للخطر.

وأردفت: «أكّدت خلال كلمتي أمام منتدى حوكمة الإنترنت على أننا في منظمة التعاون الرقمي ملتزمون بهذه القضية، بصفتنا منظمة متعددة الأطراف، وكذلك معنيّون بهذه التحديات، ونستهدف تعزيز النمو الرقمي الشامل والمستدام».

جدير بالذكر أنه من المتوقع أن يشارك في فعاليات المنتدى أكثر من 10 آلاف مشارك من 170 دولة، بالإضافة إلى أكثر من ألف متحدث دولي، وينتظر أن يشهد المنتدى انعقاد نحو 300 جلسة وورشة عمل متخصصة، لمناقشة التوجهات والسياسات الدولية حول مستجدات حوكمة الإنترنت، وتبادل الخبرات والمعلومات وأفضل الممارسات، وتحديد التحديات الرقمية الناشئة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني والقطاع غير الربحي.