عيسى قراقع: إنجاز 80 % من طلبات الأسرى

أهمها الزيارات وظروف اعتقال النساء والأطفال بخلاف ما تروج له إسرائيل

رسم على جدار الفصل العنصري من رام الله  لياسر عرفات ومروان البرغوثي (أ.ف.ب)
رسم على جدار الفصل العنصري من رام الله لياسر عرفات ومروان البرغوثي (أ.ف.ب)
TT

عيسى قراقع: إنجاز 80 % من طلبات الأسرى

رسم على جدار الفصل العنصري من رام الله  لياسر عرفات ومروان البرغوثي (أ.ف.ب)
رسم على جدار الفصل العنصري من رام الله لياسر عرفات ومروان البرغوثي (أ.ف.ب)

قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عيسى قراقع، إن 80 في المائة من مطالب الأسرى الإنسانية والمعيشية قد تم إنجازها، خلال إضراب الأسرى الذي خاضوه على مدار 41 يوما، وانتهى باتفاق بين قادة الإضراب وإدارة مصلحة السجون في عسقلان.
وأضاف قراقع، «إن تحولا جذريا أنجزه هذا الإضراب على صعيد الحياة الإنسانية والمعيشية للأسرى، ما شكل إنجازا هاما يبنى عليه مستقبلا على قاعدة حماية حقوقهم وكرامتهم».
وكان قراقع يعقب على الاتفاق الذي لم يكن واضحا، وأنهى بموجبه نحو 1300 أسير فلسطيني إضرابا مفتوحا عن الطعام استمر 40 يوما، مع بدء شهر رمضان.
وحرصت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، فور الإعلان عن إنهاء الإضراب، على القول، بأن الاتفاق تضمن نقطة وحيدة فقط، وهي إعادة الزيارة الشهرية الثانية لعائلات المعتقلين والتي كانت قد ألغيت من قبل، مع تعمد توضيح أن إلغاء الزيارة الثانية كان أصلا بقرار من الصليب الأحمر وليس إسرائيل.
لكن الفلسطينيين قالوا إن الإضراب حقق نتائج طيبة ومهمة، إضافة إلى إعادة الزيارة الثانية، على أن تعلن تفاصيله لاحقا.
ونشرت هيئة الأسرى، أمس، أهم القضايا المطلبية التي تم إنجازها خلال اتفاق قادة الأسرى مع إدارة السجون، وتتضمن: توسيع أرضية ومعايير الاتصال الهاتفي مع الأهل، ورفع الحظر الأمني المفروض على المئات من أبناء عائلات الأسرى، ووقف إعادة الأهالي عن الحواجز، ورفع الحظر غير المبرر عن أكثر من 140 طفلا لم تسمح إدارة السجون، مسبقا، بزيارة آبائهم، وإعطاء التزام مبدئي وأولي بتقصير الفترة الزمنية بين زيارات غزة، لتصل لمدة تكون كل شهر بدلا من شهرين أو أكثر، وإيجاد حلول حول مسألة زيارة الأقارب من الدرجة الثانية، وموافقة رسمية حول موضوع إعادة الزيارة الثانية حسب الآلية التي كان قد اتفق عليها بين السلطة والصليب الأحمر، وجمع الأسيرات في سجن الشارون، وتحسين ظروف اعتقال الأطفال وتنقلاتهم وتعليمهم، ووضع نظام جديد لتنقلات الأسرى في وسائل النقل الخاصة بإدارة السجون، وتوزيع وجبات طعام للأسرى في البوسطة خلال تنقلهم، والسماح لهم بقضاء حاجتهم، إضافة إلى التقاط الصور مع الأهل، وإدخال تعديل جذري على نظام «الكنتينا» (المقصف) يتعلق بنوعية الأشياء المتوفرة والأسعار وإدخال خضراوات، وإدخال أجهزة رياضية حديثة، وحل مشكلة الاكتظاظ في أقسام الأسرى، وحل مشكلة ارتفاع درجة الحرارة، وإضافة سيارة إسعاف تكون مجهزة كسيارة للعناية المكثفة، ونقل الأسرى إلى سجون قريبة من أماكن سكن عائلاتهم.
وبحسب بيان هيئة الأسرى، فإنه بالإضافة إلى ما ذكر، جرى وضع آليات لاستمرار الحوار حول قضايا تم تلقي ردود إيجابية حولها، وأخرى ردود سلبية، وذلك من خلال لجنة مشتركة ستبدأ عملها فور انتهاء الإضراب.
وجاءت هذه التفاصيل، بعد أن أعلن وزير الأمن الإسرائيلي الداخلي، غلعاد أردان أن الفلسطينيين أنهوا إضرابهم دون تحقيق أي مطالب، وأن إسرائيل لن تستجيب لهم.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، «إن إدارة مصلحة السجون أعطت ضمانات بتحقيق عدد من المطالب بينها ما تم ذكره، لكنها رفضت تلبية مطالب أخرى، وقالت إنها مستعدة لبحث بعض المطالب المتبقية بعد فك الإضراب فقط».
ورفضت إدارة مصلحة السجون بعض الطلبات، من قبيل تركيب هاتف عمومي للأسرى، أو إلغاء الاعتقال الإداري، كما رفضت بعض الطلبات اللوجيستية، وأبقت قضية التعليم معلقة.
وساهمت السلطة الفلسطينية بالتوصل إلى الاتفاق من خلال مفاوضات خارجية سبقت الداخلية.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أكد قبل يومين فقط، أنه طالب المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات، بالتدخل في قضية الأسرى للضغط على إسرائيل لتحقيق مطالبهم، وإنهاء إضرابهم.
وعد قراقع أن للإضراب جوانب سياسية أخرى مهمة.
وقال قراقع: «إن تعيين الأسير كريم يونس عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح، يعتبر أكبر إنجاز سياسي لهذا الإضراب، وردا على محاولات إسرائيل إلصاق تهمة الإرهاب بالأسرى، وتأكيدا على مكانة قضيتهم وأهميتها لدى القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وهي المحك الرئيسي لأي سلام عادل بالمنطقة».
وكانت مركزية فتح صادقت على تعيين كريم يونس، وهو أقدم أسير فلسطيني في إسرائيل، أثناء الإضراب، عضوا جديدا من بين أعضائها. ويونس معتقل منذ 34 عاما في السجون الإسرائيلية.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.