أهم النقاط التكتيكية المكتسبة من الدوري الإنجليزي

الاعتماد على 3 لاعبين بخط الدفاع والضغط المتقدم رفع معدل الركض والتهديف

كين برز كهداف في ظل فاعلية ضغط توتنهام
كين برز كهداف في ظل فاعلية ضغط توتنهام
TT

أهم النقاط التكتيكية المكتسبة من الدوري الإنجليزي

كين برز كهداف في ظل فاعلية ضغط توتنهام
كين برز كهداف في ظل فاعلية ضغط توتنهام

كان من شأن تحول تشيلسي في أسلوب لعبه نحو الاعتماد على ثلاثة لاعبين بخط الدفاع إحداث تغيير في مجمل التفكير السائد بالدوري الممتاز الإنجليزي، بينما يجري النظر حالياً إلى استعادة الكرة من خلال الضغط، بدلاً عن الاحتفاظ بها، باعتبارها أمراً محورياً. وهنا نعرض لأهم النقاط التكتيكية المكتسبة من هذا الموسم.

* خطوط الدفاع الثلاثية

لا شك أن التوجه التكتيكي المهيمن على الدوري الممتاز موسم 2016 - 2017 تمثل في الاعتماد على خط دفاع مؤلف من ثلاثة لاعبين. وتشير الأرقام إلى أن 17 من بين إجمالي 20 فريقاً صاغت تشكيلها الأساسي بوجود ثلاثة لاعبين في خط الدفاع عند نقطة ما من الموسم، في الوقت الذي تشبث ساوثهامبتون وويست بروميتش وبيرنلي فقط بخط دفاع مكون من أربعة لاعبين.
ويعود الفضل وراء الشعبية الواسعة التي نالها خط الدفاع الثلاثي إلى تأثير المدرب أنطونيو كونتي في تشيلسي. يذكر أن قراره بالتحول إلى الاعتماد على ثلاثة لاعبين في خط الدفاع خلال النصف الثاني من مواجهته أمام آرسنال في سبتمبر (أيلول) والتي انتهت بفوز الأخير بنتيجة 3 - 0، شكل نقطة تحول وربما القرار التكتيكي الأبرز في تاريخ الدوري الممتاز. ويعتبر نجاح تشيلسي في تحقيق 13 فوزاً متعاقباً بعد هذه المباراة، جاء الستة الأولى منها دون أن يخترق شباك تشيلسي هدفاً واحداً، السبب الرئيسي وراء فوزه بالبطولة.
يذكر أن أسلوب لعب تشيلسي كان أكثر مرونة - أحيانا كان يبدو كما لو أن لاعبي مركز الجناح جزء من الدفاع، وأحيانا أخرى كانوا يبدون جزءاً من خط الوسط. إلا أن أداء تشيلسي حقق المستوى الأعلى من الفاعلية عندما كان فيكتور موزيس وماركوس ألونسو يتحركان نحو الأمام بقوة وفاعلية ليشكلا بذلك خط هجوم مؤلف من خمسة لاعبين مع بيدرو رودريغيز ودييغو كوستا وإدين هازار. ووجدت الفرق المنافسة من استحالة في التوافق مع هذا الأسلوب مع تعرض خطوط دفاعاتهم المؤلفة من أربعة لاعبين لعبء مفرط، وذلك نتيجة ظهور لاعبي مركز الظهير الجناح لدى تشيلسي بانتظام في أبعد نقطة في اللحظات التي يجري فيها استدراج الخصم نجو الجانب المقابل من الملعب.
واللافت أن إيفرتون بقيادة المدرب رونالد كويمان تعرض لهزيمة مدوية بنتيجة 5 - 0 على استاد ستامفورد بريدج عندما حاول محاكاة أسلوب لعب تشيلسي، لكن الخصم غالباً ما كان يقدم أداءً أفضل لدى دفعه بلاعبي مركز الظهير المتقدم. وكان من المتوقع أن يفلح جوزيب غوارديولا عبر أسلوب لعبه غير المعتاد المعتمد على 3 - 2 - 4 - 1 في إنزال الهزيمة بتشيلسي على استاد الاتحاد، لكن الأخير ناضل ببسالة ونجح في تحقيق الفوز بنتيجة 3 - 1، في أهم فوز لتشيلسي خلال الموسم. أما نهاية مسيرة الانتصارات المتعاقبة لتشيلسي، فجاءت في يناير (كانون الثاني) على يد توتنهام هوتسبر، الذي اعتمد أسلوب 3 - 4 - 3.
بحلول الربيع، كان معظم فرق الدوري وحتى آرسين فينغر مدرب آرسنال يعتمدون على ثلاثة لاعبين في خط الدفاع للمرة الأولى منذ 20 عاماً. وقد استوحى آرسنال إلهامه من تشيلسي، رغم أنه هو الذي ألحق بخصمه الهزيمة الأولى بالدوري. وقد شهد نهائي كأس الاتحاد، بين آرسنال وتشيلسي، مواجهة بين 3 - 4 - 3 و3 - 4 - 3، ما يعكس على نحو مثالي التطور التكتيكي الذي شهده هذا الموسم.

* الضغط

في الوقت الذي ظل تركيز الكثير من أندية النصف الأدنى من جدول ترتيب أندية الدوري الممتاز لهذا الموسم، منصباً على التغلغل في العمق والاحتفاظ بالصلابة بالاعتماد على مجموعتين من أربعة لاعبين (4 / 4 / 2)، تمثل التوجه السائد بين الأندية الأكبر في العمل على الضغط بقوة في مراكز أكثر تقدماً. ومع أنه كان من النادر نسبياً مشاهدة جهود ضغط شامل بمختلف أرجاء الملعب خلال هذا الموسم من الدوري الممتاز، فإن منطقة وسط الملعب شهدت جهود لاستعادة الكرة لا تقل عن جهود الاحتفاظ بها.
وظل توتنهام هوتسبر في ظل قيادة المدرب ماوريسيو بوكتينيو أكثر فرق الدوري الممتاز تناغماً وفاعلية في جهود الضغط. ومع شعور كل من يان فيرتونغن وتوبي ألدرفيريلد بسعادة واضحة إزاء اللعب في مركز دفاعي متقدم، وتجلت مهارات فيكتور وانياما في الفوز بالكرة أمام خط الدفاع الرباعي، نجح توتنهام هوتسبر في التمتع بصلابة دفاعية أكبر مما كان عليه الموسم الماضي، مما تجلى في حقيقة أن الأهداف التي اخترقت شباكه لم تتجاوز 26 هدفاً فقط.
أما ليفربول بقيادة المدرب يورغن كلوب، فقد مارس الضغط على نحو مختلف وكذلك الضغط المضاد لاستعادة الاستحواذ على الكرة في أعقاب خسارتها على الفور. كما برع لاعبوه في الضغط على لاعبي الخصم وحصرهم على جانبي الملعب. وفور استعادتهم الاستحواذ على الكرة، كان لاعبو ليفربول يسارعون إلى نشر اللعب على مساحة واسعة والتحول إلى الهجوم عبر تمريرات سريعة، والتي نجحت أحيانا على نحو ممتاز.
جدير بالذكر أنه منذ سنوات قليلة ماضية، عندما كان أسلوب الاستحواذ على الكرة الذي انتهجه نادي برشلونة والمنتخب الإسباني يحظى بتقدير بالغ، اضطلع لاعبو خط الوسط في الدوري الممتاز بأدوار هادئة وتعاملوا مع الاستحواذ على الكرة بحرص. اليوم، اكتسب كل شيء سرعة جنونية وزاد الاعتماد على الركض المستمر بالكرة وتضييق المساحات وإعاقة زوايا التمرير. بطبيعة الحال، فرض أسلوب اللعب هذا ضغطاً شديداً على اللاعبين من الناحية البدنية، واللافت أن تشيلسي - مثلما كان الحال مع ليستر سيتي الموسم السابق - استفاد من عدم مشاركته ببطولات أوروبية.
أما مستوى جودة الاستحواذ، فقد تراجعت أهميتها، ومن اللافت أن يجري التصويت لصالح نيغولو كانتي باعتباره أفضل لاعب في العام من جانب رابطة اللاعبين المحترفين، مما يعكس الأهمية الكبرى التي اكتسبتها مهارة الفوز بالكرة على نحو نادر في تاريخ كرة القدم.

* ارتفاع معدل الأهداف لكل مباراة

في واحدة من مراحل الدوري الممتاز، بدا أن البطولة في طريقها لتحطيم الرقم القياسي الخاص بعدد الأهداف بالنسبة للمباراة. في نهاية الموسم، جاء المعدل أقل قليلاً عن المعدل القياسي، ذلك أن الموسم الحالي انتهى إلى 2.80 هدف للمباراة، بفارق 0.01 عن المعدل القياسي المسجل موسم 2011 - 2012.
بيد أن مسألة تحطيم الرقم القياسي القائم من عدمه تبدو غير ذات أهمية، فالفكرة الرئيسية تبقى أن المتوسط عاد لما كان عليه منذ سنوات قليلة ماضية. يذكر أنه بين موسمي 2009 - 2010 و2013 - 2014، بلغ معدل الأهداف للمباراة أعلى مستوى له، 2.77 و2.80 و2.81 و2.77 على الترتيب. بعد ذلك، تراجع المعدل إلى 2.57 و2.70 خلال الموسمين السابقين.
ويأتي هذا الارتفاع الذي شهده الموسم الحالي ليسلط الضوء على حقيقة أن معظم أندية الدوري الممتاز لعبت بأسلوب إيجابي بوجه عام. وقد يكون ميدلزبره وسندرلاند وواتفورد هم فقط من قدم كرة سلبية على نحو لم يكن له داع حقيقي. أما باقي الأندية، فقد دافعت من العمق، لكنها عادة ما شكلت تهديداً كافياً من حيث هجماتها المرتدة.
أيضاً، يعكس المعدل المرتفع لعدد الأهداف للمباراة غياب التكافؤ بين أندية الدوري الممتاز، والذي تجلى في الفجوة الهائلة المتمثلة في 15 نقطة بين إيفرتون في المركز السابع وساوثهامبتون في المركز الثامن. وانعكس هذا التفاوت أيضاً على حقيقة أن الأندية السبعة الكبرى حققت فارق أهداف 18 هدفاً أو أكثر، بينما حقق الباقون 7 أو أقل.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».