أرملة خوسيه ساراماغو لـ«الشرق الأوسط»: الأعمال الأدبية الراهنة فوضوية

كرست حياتها لترجمة أعماله وشاركته أجواءها

ساراموغو مع زوجته بيلار ديل ريو (غيتي)
ساراموغو مع زوجته بيلار ديل ريو (غيتي)
TT

أرملة خوسيه ساراماغو لـ«الشرق الأوسط»: الأعمال الأدبية الراهنة فوضوية

ساراموغو مع زوجته بيلار ديل ريو (غيتي)
ساراموغو مع زوجته بيلار ديل ريو (غيتي)

تقع مؤسسة خوسيه ساراماغو، التي تُكرِّم ذكرى الرجل الذي يُعد أهم الكتَّاب البرتغاليين في التاريخ، الفائز بجائزة نوبل في الآداب لعام 1998، في وسط مدينة لشبونة عاصمة البرتغال. وعلى مبعدة خطوات قليلة من مدخل المبنى الأبيض اللون، توجد رفات ساراماغو أسفل شجرة من أشجار الزيتون التي جلبت من بلدة أزينهاغا، وهي مسقط رأس الروائي النوبلي الراحل. وهناك نصب تذكاري صغير للمؤلف الذي رحل عن دنيانا في عام 2010، وأفضل مكان للاطلاع عليه من الطابق الثاني للمبنى حيث يوجد مكتب السيدة بيلار ديل ريو، التي كانت الحب الأول والأخير في حياة ساراماغو، وكانت تشغل وظيفة المترجمة الرسمية لأعماله من اللغة البرتغالية إلى اللغة الإسبانية، مكرِّسة جل حياتها لذلك. وقد نالت أخيراً جائزة لكونها تمثل «جسراً للثقافة والأدب بين إسبانيا وأميركا اللاتينية والبرتغال».
السيدة بيلار هي في الوقت ذاته رئيسة مؤسسة «خوسيه ساراماغو»، ويكمن هدف المؤسسة في المحافظة على ذكرى وأعمال الشاعر. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل المؤسسة على دعم المواهب الأدبية البرتغالية الناشئة. ويقع مقر المؤسسة في مبنى عام كان غير مستخدم في السابق، وهي لا تتلقى التمويل من الحكومة، بل تواصل أعمالها من عوائد حقوق التأليف والنشر لأعمال ساراماغو. وتضم المؤسسة متحفاً عن الكاتب الشهير يحتوي على مذكراته، ودفاتره الخاصة، وصوره مع الكتاب والمؤلفين الآخرين، ونسخاً من كتبه التي تُرجِمَت إلى لغات أخرى ومنها اللغة العربية. استقبلتنا السيدة بيلار في مكتبها في أحد الأيام الصافية المشمسة، وهو مكتب كبير وفخم مُزيَّن بصور ساراماغو مع زهور الأوركيد البيضاء، بعد أن أخبرناها برغبتنا إجراء حوار معها خاص بجريدة «الشرق الأوسط».

* ما الغرض من هذه المؤسسة؟
ـ إننا ندعم المؤلفين باللغة البرتغالية تحت سن 35 عاما بتقديم جائزة خوسيه ساراماغو، الأمر الذي يساعدهم على أن يصبحوا كتابا ومؤلفين وينشروا أعمالهم الأدبية من خلال المؤسسة. وبعض من أهم المؤلفين البرتغاليين المعاصرين خرجوا من بين جنبات هذه المؤسسة. وهم من المؤلفين البارزين الآن الذين تنشر أعمالهم الأدبية في مختلف أنحاء العالم، كما أننا ندير ورش العمل الدراسية في بعض الأيام لمساعدة الكتاب الناشئين من الشبان.
وتعمل المؤسسة أيضاً على إحياء أعمال الكتاب الذين فارقوا الحياة، فإننا لا نريد أن تمنع حقيقة الوفاة انتشار المؤلفات والأعمال الأدبية المتميزة لكتاب مثل كورتازار، وبورغيس، وغارسيا ماركيز، وغيرهم. ونحن نعتقد أن هناك نوعاً من الوشائج العاطفية بين القراء والمؤلفين، حتى مع المؤلفين الذي غادروا حياتنا بالفعل.
* تم الكشف عن أعمال جديدة لساراماغو بعد وفاته... متى تجد طريقها للنشر؟
- سوف تعمل المؤسسة على نشر خطابات الراحل التي أُلقِيَت في تشيلي والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. ولقد كانت تلك الخطابات مسجلة فقط. وبعض الخطابات ذو طبيعة أدبية في حين أن البعض الآخر يحمل لمحات سياسية.
أما بالنسبة لأعماله الأدبية، فليست هناك أعمال غير منشورة لساراماغو، فأعماله لا تشبه مثلا أعمال الشاعر فرناندو بيسوا، التي تضم مؤلفات هائلة، وتتكشف دائما عن المزيد من المفاجآت الجديدة. أعمال ساراماغو موجودة ومنشورة بالكامل. وكما تعلمين، الكتاب الراحلون يصبحون أقل شهرة، وفي بعض الأحيان يبدو أن أعمالهم قد ماتت معهم. وفي هذه المؤسسة نحن نحاول تفادي حدوث ذلك مع مؤلفات ساراماغو.
* ما رأيك في الأعمال التي تُرجِمَت إلى اللغة العربية؟
- لقد تمت ترجمة كتاب جديد له إلى اللغة العربية. ولقد أخبروني أن الترجمة كانت على ما يرام. كما أن هناك مقترحاً بإنتاج فيلم، واقتباس أحد أعماله وتحويله إلى فيلم ومسرحية.
* ترجمتِ كل أعمال ساراماغو من البرتغالية إلى الإسبانية... ما الصعوبات التي واجهتِها في الترجمة؟
- كما هو معروف، يضيع الكثير من المعاني بين دفات الترجمة، وتلك من المآسي الكبيرة للمترجمين. فمن يدري إذا ما كان المترجم يعي فعلا ما يقوله المؤلف ويستطيع نقل الفحوى الصحيح للكلمات أو يدرك الدافع وراء كتابة هذا التعبير أو ذاك، وإذا كان بالأساس قد ترجم بطريقة صحيحة أو غير صحيحة؟ إنها عملية صعبة للغاية! ليس هناك مترجم كامل، وليست هناك ترجمة كاملة، وبالتالي لا يمكن لأي مترجم أن يشعر بالسعادة من عمله. وقد تكون هناك تراجم هي أبدع وأفضل من النصوص الأصلية.
لقد قام خورخي لويس بورغيس، الكاتب الأرجنتيني الذي يعتبر واحدا من عمالقة الأدب في أميركا اللاتينية، بترجمة كتاب «غرفة للمرء وحده» من تأليف فيرجينيا وولف، من اللغة الإنجليزية إلى الإسبانية. ولقد خاض بورغيس مخاضا شديدة في ترجمة كل جملة وكل كلمة من كلمات هذه الرواية، وهذا من أفضل ما يكون. إنني أرغب حقا في قراءة أعمال فيرجينيا وولف من ترجمة بورغيس.
* كيف يمكن للمرء «التقارب» مع أعمال ساراماغو؟ كيف تنبغي قراءتها؟
- ساراماغو أساساً مؤلف أدبي، وعلينا أولاً أن نتحلى بالإرادة لقراءة أي عمل قد يبدو صعبا في البداية. ثم نقرأ الصفحات الثلاثة الأولى، ومع المضي قدما في قراءة الكتاب يمكن حينئذ إدراك الأسلوب. وربما أفضل كتاب ننصح به هو كتاب «نافذة السقيفة»، وكان أول كتاب ألفه ساراماغو عندما كان في ريعان شبابه. ومن الكتب الجيدة الأخرى كتاب بعنوان «نصب الدير التذكاري».
* كيف كانت تجربة تأليف كتاب «العمى»، وهو من أشهر أعمال ساراماغو؟
- كان يجلس في انتظاري في أحد المطاعم الهادئة، وكان يراقب الأطباق لدى الزبائن، ثم قال: ماذا لو كنا لا نُبصر؟ ثم انتابته فكرة الكتاب التي تدور حول «إننا نرى ولكننا لا نُبصر شيئا في الحقيقة».
لقد قررنا أن نحد من قدرتنا على الإبصار وألا ندرك سبب العمى الذي نعاني منه. ثم بدأنا في عملية تأليف الكتاب، وسافرنا إلى الخارج إلى لانزاروت. ولقد تقرر أن يكون الجميع لا يبصرون، ولكن على نحو مفاجئ صارت زوجة الطبيب هي بطلة الرواية، ثم قرر المؤلف أن تحتفظ زوجة الطبيب بأعينها مبصرة لأنها كانت ذات كرم وسخاء. ثم قال المؤلف إن الكرماء من البشر هم المبصرون حقا لأنهم يدركون أنهم أسخياء وكرماء. كما قرر ألا تحمل الرواية أية أسماء على الإطلاق. لقد كانت عملية تأليف استغرقت من الوقت الكثير مقارنة بمؤلفات أخرى، لقد أمضى عامين كاملين في تأليف هذا الكتاب.
وتتصل رواية «العمى» بروايته الأخرى بعنوان «الرؤية»، والمعروفة في الأوساط الأدبية أيضاً باسم «مقالة حول الوضوح». وتدور أحداث الرواية في نفس المدينة التي شهدت أحداث رواية «العمى»، مما أدى إلى تأليف رواية «الرؤية».
* كيف كانت طريقته في التأليف؟
- لم يكن ساراماغو رومانتيكيّاً بشأن كتاباته. ولقد قال ذات مرة إن الكتابة مثل أي وظيفة أخرى، وطالب بمزيد من الانضباط فيها، ولكنه لم يكن يكتب في ساعات محددة من اليوم. كان يكتب صفحتين في اليوم، وكان يخصص فترة ما بعد الظهيرة لتأليف الروايات، وفترة الصباح في القراءة وكتابة المقالات. ولم يكن يعاني من أي نوع من «الرومانسية» التي يكابدها المؤلفون المعذَّبُون الآخرون.
* كيف كان يختار موضوعات كتبه؟
- كانت أفكار الموضوعات تأتي من تلقاء نفسها! كانت العناوين تتبدى أمامه على نحو مفاجئ. ولقد كان في برلين ذات مرة وواتته فكرة «سنة وفاة ريكاردو ريس»، وهو أحد الأسماء التي اشتهر بها الشاعر فرناندو بيسوا. وواتته فكرة «الإنجيل وفقاً للسيد المسيح» عندما كان يسير عبر شوارع مدينة إشبيلية ثم شاهد شيئاً ما ألهمه في أحد أكشاك الشارع. وفي أحد مطاعم فيينا جاءته فكرة رواية «رحلة الأفيال».
* ما رأيك في الأعمال الأدبية الحالية؟
- إنني قارئة «مُرغَمَة»، فالأعمال الأدبية الراهنة فوضوية للغاية، ولقد كانت كذلك منذ بداية القرن الحالي. وهذا ما نحاول من خلال المؤسسة إنجازه، وهو أن كُتَّابَنا الكبار لا يجب أن يختفوا من واقع الحياة، وأن للمستقبل اتصالَه بالماضي الثري. ليس فقط الماضي المتعلق بأحد الأسماء اللامعة، ولكن بكثير من الكتاب والمؤلفين.
وعلى سبيل المثال، غارسيا ماركيز ليس المؤلف الوحيد الشهير في كولومبيا، فهناك كثير منهم. ونحن نريد التأكيد على أن شهرة غارسيا ماركيز لا ينبغي أن تحجب غيره من المؤلفين. وبطبيعة الحال، فإن ساراماغو من المؤلفين الكبار، ولكن هناك الكثيرين من أمثاله في البرتغال. ولا بد للمستقبل من مؤلفين وكتاب آخرين.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.