اشتباكات طرابلس تدخل يومها الثاني... وارتفاع الضحايا إلى 50 قتيلاً

ميليشيات السراج تسيطر على سجن يضم أبرز مسؤولي نظام القذافي

اشتباكات طرابلس تدخل يومها الثاني... وارتفاع الضحايا إلى 50 قتيلاً
TT

اشتباكات طرابلس تدخل يومها الثاني... وارتفاع الضحايا إلى 50 قتيلاً

اشتباكات طرابلس تدخل يومها الثاني... وارتفاع الضحايا إلى 50 قتيلاً

ارتفع أمس عدد القتلى في صفوف الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق الوطني في العاصمة الليبية طرابلس إلى 52 قتيلاً خلال المواجهات الدامية التي تجددت أمس، ودخلت يومها الثاني على التوالي. لكن بشكل أقل حدة ضد ميليشيات حكومة الإنقاذ الوطني الموالية للمؤتمر للوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته.
وعادت الاشتباكات عصر أمس إلى شوارع طرابلس بعد ساعات من التوقف، إثر المعارك العنيفة التي جرت أول من أمس بين ميليشيات حكومة الوفاق، وأخرى موالية لحكومة الإنقاذ التي يترأسها خليفة الغويل.
وأكدت، أمس قوة الردع والتدخل المشتركة بمحور أبو سليم، أنها أسقطت آخر معقل للجماعة المقاتلة، وسيطرت على مقر الشرطة العسكرية (كتيبة البركي) بعد فرار من وصفتهم بالخونة، الذين ساندوا المجرمين في الهجوم على أبو سليم أول من أمس.
وقالت القوة في بيان لها إنها «تطمئن المواطنين بالعاصمة طرابلس وخارجها بأن الأمور الأمنية على ما يرام في محاور التصدي للمجموعات الباغية»، وأكدت مقتل سالم البسكي المكنى برجب، أحد أبرز قادة الجماعة الليبية المقاتلة والمشاركة بقوة في الهجوم.
وقال مصدر أمني في ميليشيات حكومة الوفاق، التي يترأسها فائز السراج وتحظى بدعم من بعثة الأم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»، إن كفة القتال في المعارك تميل لصالح قوات الحكومة، ولفت إلى حدوث مواجهات عنيفة بالأسلحة الثقيلة حول سجن الهضبة الذي يقبع فيه أكثر من 40 من رموز وقيادات نظام العقيد الراحل معمر القذافي، قبل أن تعلن ميليشيات موالية للسراج السيطرة عليه.
وقالت كتيبة ثوار طرابلس، التابعة لحكومة السراج، إنها سيطرت مع قوة الردع والتدخل المشتركة على سجن الهضبة، فيما أكد مسؤول أمني إصابة 6 في صفوف قوة حماية السجن، كانوا قد رفضوا الانسحاب أو تسليمهم إلى الكتيبة.
وقال بيان مشترك أصدره وزارة الداخلية والعدل في حكومة السراج، إن جميع السجناء بصحة جيدة، بعدما أسفر تنسيق بين الوزارتين عن تسلم جميع السجناء بداخل السجن، ونقلهم إلى مكان آمن مع إعلام المحامي العام للعاصمة.
وكان خالد الشريف، مسؤول سجن الهضبة وأحد أبرز قيادات الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، قد أكد انسحاب القوة المكلفة بحماية السجن، بعد تعرضها لهجوم مسلح، مشيراً في تصريحات لقناة محلية، إلى قيام مجموعة مسلحة بهدم منزله في طرابلس بعد اقتحامه وترويع عائلته.
ومن بين أهم المعتقلين في السجن، البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد القذافي، وعبد الله السنوسي رئيس الاستخبارات السابق، وكلاهما صدر بحقه حكم بالإعدام في 2015.
وكان سجن الهضبة تحت سيطرة جماعة إسلامية تتبع خالد شريف، نائب وزير الدفاع السابق في الحكومة السابقة، التي شكلها تحالف فجر ليبيا عندما سيطر على العاصمة في 2014.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».