السعودية تطبق الضريبة الانتقائية بعد 15 يوماً... تفعيلاً للقرار الخليجي

تبلغ 100% على التبغ ومشروبات الطاقة و50% على المشروبات الغازية

دول الخليج تتحرك بشكل جاد نحو تسهيل التجارة والاستثمار لإحداث حراك اقتصادي
دول الخليج تتحرك بشكل جاد نحو تسهيل التجارة والاستثمار لإحداث حراك اقتصادي
TT

السعودية تطبق الضريبة الانتقائية بعد 15 يوماً... تفعيلاً للقرار الخليجي

دول الخليج تتحرك بشكل جاد نحو تسهيل التجارة والاستثمار لإحداث حراك اقتصادي
دول الخليج تتحرك بشكل جاد نحو تسهيل التجارة والاستثمار لإحداث حراك اقتصادي

تتجه السعودية إلى تطبيق ضريبة القيمة الانتقائية عقب 14 يوماً من الآن، يأتي ذلك وسط ترقب لبعض الإجراءات التي سيتم اتخاذها على الأسواق النهائية، والتي تتعلق بمنع عمليات تخزين السلع الخاضعة للضريبة، وتجفيف السوق، بهدف بيعها بأسعار أعلى عقب فترة دخول الضريبة حيز التطبيق.
ويأتي قرار السعودية بتطبيق الضريبة الانتقائية في ضوء مشروع خليجي متكامل ينص على تطبيق هذه الضريبة على السلع الضارة، وهي السلع التي تتعلق بالتبغ ومشتقاته، ومشروبات الطاقة، إضافة إلى المشروبات الغازية.
ومن المتوقع أن تنخفض مستويات بيع هذه السلع عقب تطبيق الضريبة الانتقائية، حيث سيتجه المستهلك إلى محاولة التخفيف منها، أو التوقف عن استهلاكها؛ الأمر الذي سينعكس إيجاباً على صحة الإنسان، وحياته اليومية، ومصروفاته المالية.
وفي هذا الشأن، أعلنت السعودية يوم أمس (الجمعة) عن مشروع نظام الضريبة الانتقائية، وهي الضريبة التي كان مجلس الوزراء في البلاد قد أقرها في 30 يناير (كانون الثاني) الماضي، حينما قرر حينها الموافقة على الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وكشفت دول الخليج في وقت سابق، عن أن تطبيق مشروع الضريبة الانتقائية سيدخل حيز التنفيذ في الربع الثاني من العام الحالي، على أن يكون تطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع، مثل المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والتبغ ومشتقاته.
وتعتبر «الضريبة الانتقائية» التي تصل إلى 100 في المائة على بعض السلع، مثل التبغ ومشروبات الطاقة، و50 في المائة على المشروبات الغازية، قراراً خليجياً موحداً.
وتتحرك معظم دول الخليج بشكل جاد نحو تسهيل الحركة التجارية والاستثمارية في المنطقة، وهي الحركة التي من المتوقع أن تحدث حراكاً اقتصاديا جديداً، على صعيد القطاعين التجاري والصناعي في الوقت ذاته؛ مما يساهم في تقليل الاعتماد على النفط مصدرا دخلا رئيسيا.
ونص مشروع نظام الضريبة الانتقائية الذي أعلنت السعودية عنه أمس، على أن يكون طرح السلع الانتقائية للاستهلاك وفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة، إضافة إلى أن يكون نقل السلع الانتقائية في وضع معلق للضريبة داخل المملكة وفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة.
وحددت اللائحة القواعد الإجرائية المتعلقة بالضريبة في المناطق والأسواق الحرة، وبيّن المشروع ذاته، أن يترتب على أي شخص تقديم طلب التسجيل لأغراض الضريبة إلى هيئة الزكاة والدخل عند رغبته في مزاولة أي من الأنشطة التالية: استيراد السلع الانتقائية، وإنتاج السلع الانتقائية، وحيازة السلع الانتقائية تحت وضع معلق للضريبة، على أن تلتزم الهيئة بتسجيله إذا استوفى طلبه الشروط والإجراءات التي تحددها اللائحة.
ونص مشروع الضريبة الانتقائية على أنه إضافة إلى التزامات ومسؤوليات المسجل الأخرى - التي نصت عليها الاتفاقية - يكون المسجل مسؤولاً عن سلامة السلع الانتقائية، وتمكين هيئة الزكاة والدخل من أداء أدوارها الرقابية، إضافة إلى أي مسؤولية أخرى تحددها اللائحة.
وكشف المشروع المعلن عن تفاصيله أمس، عن أحكام التراخيص للمستودع الضريبي، حيث يشترط للحصول على الترخيص للمستودع الضريبي أن يكون طالب الترخيص مسجلاً، وأن يستوفى الشروط والإجراءات والمتطلبات التي تحددها اللائحة، كما أنه تحدد اللائحة الشروط الواجب توافرها في إدارة المستودع الضريبي التي تمارس أياً من الأنشطة محل الترخيص.
ونص المشروع ذاته، على أنه يعاقب على أي من حالات التهرب الضريبي بغرامة لا تقل عن قيمة الضريبة المستحقة، ولا تزيد على ثلاثة أمثال قيمة السلع الانتقائية - محل التهرب.
وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي كشفت فيه الأمانة العامة لدول الخليج يوم الثلاثاء الماضي، عن تلقيها وثيقتي تصديق دولة الإمارات العربية المتحدة على كل من الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون الخليجي، والاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول الخليج.
وقالت الأمانة في بيان صحافي حينها: «الإمارات العربية المتحدة هي الدولة الثانية التي تودع وثيقتي التصديق لدى الأمانة العامة، واستناداً لما نصت عليه كل من الاتفاقيتين باعتبار الاتفاقية نافذة من إيداع وثيقة تصديق الدولة الثانية لدى الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، فقد دخلت الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول المجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول الخليج حيز النفاذ».



السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
TT

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، من أول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بما يقارب 37 مليار دولار، وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين بالأوراق السعودية.

يأتي هذا الطرح بعد يومين على اعتماد وزير المالية محمد الجدعان خطة الاقتراض السنوية للعام المالي 2025، التي أشارت إلى أن الاحتياجات التمويلية المتوقعة لهذا العام تبلغ 139 مليار ريال (37 مليار دولار).

وسوف يستخدم هذا المبلغ في تغطية العجز المتوقع في الميزانية العامة للدولة لعام 2025، والمقدر بحوالي 101 مليار ريال (26.8 مليار دولار)، وسداد مستحقات أصل الدين خلال العام الحالي، والبالغة ما يعادل 38 مليار ريال (10 مليارات دولار).

وقال المركز الوطني لإدارة الدَّيْن في السعودية، في بيان الثلاثاء، إن الشريحة الأولى تضمنت سندات قيمتها 5 مليارات دولار لأجل 3 سنوات، والثانية 3 مليارات لأجل 6 سنوات، والثالثة 4 مليارات لأجل 10 سنوات.

وأضاف أن إجمالي الطلبات بلغ نحو 37 مليار دولار، وهو ما يعادل زيادة في الاكتتاب بنحو 3 أضعاف الإصدار.

وأوضح أن هذه الخطوة تعدّ ضمن استراتيجية المركز الوطني لإدارة الدَّيْن، لتوسيع قاعدة المستثمرين بغرض تلبية احتياجات المملكة التمويلية من أسواق الدَّيْن العالمية بكفاءة وفاعلية.

وأفادت خدمة «آي إف آر» لأخبار أدوات الدخل الثابت، يوم الاثنين، بأن السعر الاسترشادي للسندات لأجل ثلاث سنوات تمّ تحديده عند 120 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية، في حين تم تحديد السعر الاسترشادي الأولي للسندات لشريحتي الست والعشر سنوات عند 130 نقطة أساس، و140 نقطة أساس على الترتيب فوق المعيار نفسه، وفق «رويترز».

وذكرت أنه تسنى خفض سعر العائد على سندات الشريحة الأولى، مما يشير إلى شهية قوية من المستثمرين.

وتُعدّ تسعيرة السندات فوق سندات الخزانة الأميركية مغرية في سوق السندات.

ثقة دولية

ووصف خبراء اقتصاديون حصول المملكة على هذا المبلغ، بأنه يؤكد ثقة المستثمرين الدوليين في متانة الاقتصاد السعودي، والخطط المالية للمملكة، وجني الثمار من مبادرات برنامج التحول الاقتصادي، وبرنامج الاستدامة المالية.

وقال أستاذ الاقتصاد بـ«جامعة الملك فيصل» الدكتور محمد القحطاني، لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الخطوة تؤكد عزم المملكة وحرصها على الاستمرار في تنويع أدوات التمويل المحلية والدولية، والاستفادة من ذلك في تمويل مشاريع «رؤية 2030»، وفي تعزيز الثقة الدولية باقتصادها، وتخفيف العبء على الميزانية العامة، وخفض تكاليف الاقتراض.

وأشار إلى أن هذه العملية ستسهم في تخفيف الضغط على موارد التمويل الداخلية، وفي تعزيز مرونة الاقتراض، وفي الجذب القوي للمستثمرين الدوليين، ويتضح ذلك من تجاوز طلبات الشراء على السندات السعودية للمستهدف، ووصولها إلى نحو 37 مليار دولار، لافتاً إلى أن ذلك يعزز من قدرة المملكة على تلبية احتياجاتها المالية بيسر وسهولة للعام الحالي، وعلى توسيع قاعدة المستثمرين، وتعزيز شبكة التمويل العالمية للمملكة، كما يسهم في دخول أسواق جديدة للاستفادة من التمويل الدولي، والتمويل عبر السندات، وبما ينعكس على تسريع وتنفيذ مشاريع البنية التحتية والنفقات الرأسمالية ضمن أهداف السعودية الاقتصادية.

وأوضح أن بقاء نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي ضمن الحدود المستدامة لنسبة الدين العام بحسب مؤشرات صندوق النقد الدولي، يؤكد على التخطيط السعودي الجيد في وقت مبكر لاحتياجات الحكومة من أدوات الدين منذ بداية السنة المستهدفة، ويسهم في توفير احتياجاتها التمويلية عند الحاجة.

ما بين العجز والإنفاق

من جانبه، قال المستشار الاقتصادي مؤسس مركز «جواثا» الاستشاري، الدكتور إحسان بن علي بوحليقة، في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» إن الميزانية العامة السعودية لعام 2025 ذات سمة توسعية، وتسعى إلى توفير متطلبات التمويل لبرنامج التنويع الاقتصادي، كما أن عجزها المتوقع يأتي ضمن مستويات الجدارة المعتبرة في منظمة التنمية الاقتصادية والتنمية، ويعد عجزاً اختيارياً.

ويقوم وجوده على المفاضلة بين أمرين: إما الإنفاق وفق ما هو متاح من إيرادات، بحيث يكون هناك توازن تام بين الإيرادات والمصروفات، وعند اتباع هذا الخيار لن تسجل الميزانية عجزاً، لكنها لن توفر احتياجات إنجاز مبادرات «رؤية 2030».

وأضاف أن الخيار الثاني، هو الإنفاق لتمكين تحقيق مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، وليس وفقاً لما هو متاح من إيرادات واردة للخزانة العامة.

والدافع لذلك أن ما يمول هو برامج مداها حتى 2030 وليس التمويل من عام لعام، فالعام الواحد هو حلقة من سلسلة زمنية ضمن حلقات تبدأ بطموح وتنتهي بتحقيق مستهدفات «رؤية المملكة 2030».

وهكذا، فالعام المالي ليس مدى لمستهدف بل وحدة زمنية محاسبية تفيد في التخطيط والتقنين والضبط. وعليه، فالمنظور هو تمويل الإنفاق على مدى «الرؤية»، ومستهدفاتها التي لا تحتمل التأجيل ريثما تسمح إيرادات النفط.

فسحة مالية

وأشار إلى أن السعودية تملك الجدارة الائتمانية للتحرك ضمن فسحة مالية (fiscal space) مريحة، تمكنها من الاقتراض من السوق الدولية بأسعار من بين الأكثر تنافسية، حيث تشهد الإصدارات تغطيات بأضعاف السقف المطلوب استدانته من دون المساس باستدامتها المالية أو بالاستقرار الاقتصادي، وهي إحدى ثمار برنامج التحول الاقتصادي ومبادرات برنامج الاستدامة المالية الذي انطلق في عام 2017 وأعاد هيكلة المالية العامة، والحفاظ على متانة الفسحة المالية والقدرة على الموازنة بين الاستقرار الاقتصادي حتى في أحلك الظروف، كما حصل أثناء «كوفيد - 19» رغم تراجع أسعار النفط، وبين الالتزام بتمويل المبادرات التي انطوت عليها مستهدفات «رؤية 203»، وذلك من خلال المزاوجة بين تدابير مالية على المدى المتوسط، وإصلاحات هيكلية في المدى الطويل.

وتابع أن الحكومة السعودية وظفت هذه الفسحة بالمعايرة بين الاقتراض الداخلي والخارجي حسب الاحتياج، كما أن ثلثيّ الدين العام داخلي وثلثه خارجي، وقد بلغ حتى نهاية الرابع الثالث قرابة 1.2 مليار ريال، وهو ما يعد دون السقف المحدد بـ30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وسيبقى عجز الميزانية في المنظور متوسط المدى، ملازماً الميزانية حتى عام 2027، وفقاً لتقديرات وزارة المالية، ولن تتجاوز نسبته 3 في المائة في أي من السنوات، وفقاً لتلك التقديرات.

ولفت إلى أنه من أهم سمات بناء سعة الاقتصاد، الحفاظ على سمة الإنفاق الرأسمالي، إذ من الملاحظ بلوغ الإنفاق الرأسمالي للحكومة 186 مليار ريال في عام 2023، وهو في حدود ما كان مخططاً، ليرتفع في عام 2024 إلى 198 مليار ريال، أي بنحو 6.5 في المائة.

وأشار إلى أن الحكومة السعودية تمارس دوراً محورياً في هذا الجانب، وذلك من خلال ثلاث أذرع؛ الإنفاق الحكومي الرأسمالي، واستثمارات «صندوق الاستثمارات العامة»، والضخ الاستثماري الداعم من صندوق التنمية الوطني والصناديق المنضوية تحت مظلته، بما في ذلك صندوق البنية التحتية، وهو ضخ يقوم على استراتيجية مقرة وذات مستهدفات تسعى إلى تحقيق هدف رئيس محدد، وهو تنويع الاقتصاد عبر تعظيم مساهمة القطاع الخاص.

وقال «صندوق الاستثمارات العامة» الاثنين، إنه حصل أيضاً على تسهيل ائتماني للمرابحة بسبعة مليارات دولار، وهو شكل من أشكال التمويل الإسلامي. وكانت بنوك «سيتي» و«غولدمان ساكس إنترناشيونال» و«جيه بي مورغان» مشترِكة، منسِّقة عالمية ومنظِّمة لإصدار السندات السيادية السعودية.

كما أعلن المركز الوطني لإدارة الدين في الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي ترتيب اتفاقية تسهيلات ائتمانية دوّارة بقيمة 2.5 مليار دولار متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لتمويل احتياجات الميزانية العامة.

وكانت وكالة «موديز» قد رفعت تصنيف المملكة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى «إيه إيه 3»، بعد تصنيف «فيتش» لها عند «إيه +»، وكلاهما مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وقدرة عالية على الوفاء بالالتزامات المالية، مع مخاطر ائتمانية منخفضة.

في حين تصنّف «إس آند بي غلوبال» المملكة عند «إيه إيه - 1» مع نظرة مستقبلية «إيجابية»، وقدرة جيدة على الوفاء بالالتزامات المالية، مع مخاطر ائتمانية منخفضة نسبياً.

وقدّر صندوق النقد الدولي نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج المحلي في المملكة عند 26.2 في المائة في 2024، ووصفه بأنه منخفض، وفي حدود يمكن الاستمرار في تحملها.

وذكر أن الاقتراض الأجنبي سيواصل الاضطلاع بدور رئيسي في تمويل العجز، وهو ما يؤدي إلى أن تبلغ نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي نحو 35 في المائة بحلول عام 2029.