«سوريا الديمقراطية» على أبواب سد «البعث»... وقوات النظام على طريق دمشق ـ تدمر

مطار الجراح شرق حلب بعد طرد «داعش» منه (شبكة دمشق الآن)
مطار الجراح شرق حلب بعد طرد «داعش» منه (شبكة دمشق الآن)
TT

«سوريا الديمقراطية» على أبواب سد «البعث»... وقوات النظام على طريق دمشق ـ تدمر

مطار الجراح شرق حلب بعد طرد «داعش» منه (شبكة دمشق الآن)
مطار الجراح شرق حلب بعد طرد «داعش» منه (شبكة دمشق الآن)

تلقى «داعش» أمس خسارات متوازية على أبرز «جبهات» القتال في سوريا، إذ استعادت قوات النظام للمرة الأولى منذ 2014 الطريق الدولية بين دمشق ومدينة تدمر الأثرية وتقدّمت على محاور في ريف حلب الشرقي، في وقت حقّقت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» تقدماً في معركة الرقة وباتت على مشارف سد «البعث» شرق مدينة الطبقة.
وباتت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على أبواب «سد البعث شرق مدينة الطبقة قرابة 27 كيلومتراً، بعد تمكنها من السيطرة على قرى كديران والسلحبية الغربية المحاذيتين لمنطقة السد، وانسحاب تنظيم داعش من القريتين، فيما لا يزال بناء السد نقطة اشتباك بين الطرفين، إذ إن عناصر التنظيم ما زالوا يسيطرون على الطرف المقابل من السد».
ويعتبر سد «البعث» ثالث سد استراتيجي على نهر الفرات، تسعى «قسد» للسيطرة عليه بعد سيطرتها بدعم من التحالف الدولي على سد الفرات قرب مدينة الطبقة وسد تشرين قرب مدينة منبج، بعدما كانت تخضع هذه السدود لسيطرة تنظيم داعش.
وفي حال سيطرت «قسد» على السدود الثلاثة التي تعتبر من أهم السدود المائية في سوريا وأكبرها، ستتمكن بذلك من التحكم بالموارد المائية والكهربائية في المنطقة. وأشار مصدر في المعارضة إلى معلومات حول قيام «داعش» بتفجير السد قبل خسارته، فيما تتحدث بعض المعلومات عن تسليم «قسد» إدارة السدود التي سيطرت عليها في وقت سابق لفرق ومهندسين تابعين لقوات النظام بالتوافق بين الطرفين. ورجّح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، هذا الأمر، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «من المرجح أن تكون هناك عملية تنسيق فيما يخص موضوع السدود والاستفادة من مواردها، ولكن دون الإعلان عن ذلك»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن الإفادة من طاقة السدود وما تنتجه من كهرباء تشمل كل المناطق الخارجة عن سيطرة التنظيم. وأوضح: «استراتيجية قوات سوريا الديمقراطية تقوم على حماية المؤسسات وعدم الإضرار بها والاستفادة منها وإعادة تفعيلها حتى لو كان إعادة تفعيلها يتطلب وجود موظفين ممن يحصلون على رواتبهم من حكومة النظام».
وفي باديتي حمص الشرقية والجنوبية الشرقية، واصلت قوات النظام مدعمة بالمسلحين الموالين وغطاء من القصف الجوي والمدفعي والصاروخي المكثف، عملياتها العسكرية ضد «داعش». وقال عبد الرحمن: «تمكنت قوات النظام السوري ليل الخميس من استعادة السيطرة على الأوتوستراد الدولي الواصل بين مدينة تدمر ودمشق» الواقعة على بعد 240 كيلومتراً منها. وأوضح: «استطاعت قوات النظام وبدعم من الطائرات الروسية التي شنت ضربات كثيفة، من طرد عناصر (داعش) من منطقة صحراوية تمتد على مساحة أكثر من ألف كيلومتر مربع»، مضيفاً أن مقاتلي التنظيم «انسحبوا بشكل متتالٍ من مواقعهم نتيجة للقصف الكثيف».
وبدأت قوات النظام بحسب المرصد هجومها قبل أسبوع للسيطرة على المنطقة الفاصلة بين مدينتي دمشق وتدمر الواقعة في محافظة حمص (وسط).
ومنذ مارس (آذار)، بات الوصول إلى تدمر متاحاً عبر مدينة حمص، مركز المحافظة، الواقعة على بعد أكثر من 150 كيلومتراً غربها، بعدما تمكنت القوات الحكومية من طرد تنظيم داعش منها.
وتشكل البادية السورية المترامية على مساحة تقدر بنحو 90 ألف كيلومتر مربع، واحدة من الجبهات متعددة الأطراف في الحرب السورية المستمرة منذ عام 2011 التي تسببت بمقتل أكثر من 320 ألف شخص.
وتتقدم قوات النظام في هذه المنطقة الصحراوية على حساب «داعش» من جهة، والفصائل المعارضة والموجودة في المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق، من جهة أخرى.
وأشار «المرصد» إلى أن قوات النظام تستمر في محاولتها توسيع نطاق سيطرتها بشكل أكبر نحو كامل منطقة العليانية ببادية حمص الجنوبية الشرقية، واتباع تكتيك قضم المناطق على حساب فصائل معارضة للوصول عبر العليانية إلى منطقة حاجز ظاظا التي تسيطر عليها قوات النظام، وإجبار الفصائل على الانسحاب من عدد من المناطق قبيل تمكنها من حصارها.
وفي موازاة ذلك، «تدور اشتباكات بشكل متقطع بين قوات النظام والمسلحين الموالين من جهة، وفصائل المعارضة من جيش مغاوير الثورة وجيش أسود الشرقية ولواء شهداء القريتين وفصائل مقاتلة أخرى من جهة ثانية، في البادية السورية على محورين متقابلين؛ هما البحوث العلمية في القلمون الشرقي بريف دمشق، ومنطقة الرحبة بريف السويداء»، بحسب «المرصد» الذي أشار إلى أن «قوات النظام تهدف إلى التقدم في المسافة الممتدة بين هاتين الجبهتين واللتين تبعدان عن بعضهما نحو 35 كيلومتراً بهدف فرض حصار على مساحة واسعة من هذه المنطقة وصولاً إلى مناطق قرب محطة تشرين الحرارية ومطار الضمير العسكري».
وفي ريف حلب الشرقي، استمرت المعارك العنيفة بالتزامن مع ضربات جوية مكثفة وعنيفة نفذتها الطائرات الحربية، بين قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها و«حزب الله» من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، على محاور في الريف الشرقي لحلب، بحسب «المرصد»، مشيراً إلى أنها ترتكز على بعد 4 كيلومترات من بلدة مسكنة بعد تقدم قوات النظام إليها من عدة محاور، وهي آخر بلدة يسيطر عليها التنظيم ويسعى النظام إلى السيطرة عليها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».