تعويل فرنسي على قمة ماكرون ـ بوتين لتوضيح خطط روسيا في سوريا

الرئيسان الأميركي والفرنسي توافقا على ضرورة مشاركة «جميع الأطراف في التسوية»

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك يراقبون فعاليات القوة الجوية الإيطالية بمناسبة اجتماع رؤساء مجموعة السبع أمس (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك يراقبون فعاليات القوة الجوية الإيطالية بمناسبة اجتماع رؤساء مجموعة السبع أمس (أ.ب)
TT

تعويل فرنسي على قمة ماكرون ـ بوتين لتوضيح خطط روسيا في سوريا

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك يراقبون فعاليات القوة الجوية الإيطالية بمناسبة اجتماع رؤساء مجموعة السبع أمس (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك يراقبون فعاليات القوة الجوية الإيطالية بمناسبة اجتماع رؤساء مجموعة السبع أمس (أ.ب)

بعد لقائه، الاثنين المقبل، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في قصر فرساي التاريخي، بمناسبة معرض حول نشأة العلاقات الدبلوماسية الفرنسية - الروسية قبل 300 عام، يفترض أن تكون قد تكونت لدى الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون رؤية واضحة بشأن موقف واشنطن وموسكو من الحرب في سوريا، والطريقة الآيلة لوضع حد للنزاع.
كان ماكرون قد التقى الرئيس دونالد ترمب، في بروكسيل، أول من أمس، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مصحوباً بوزيري الخارجية والدفاع جان إيف لودريان وسيلفي غولارد، ومستشاره الدبلوماسي الخاص فيليب أتيان. وستتكرر الصورة مع بوتين بعد غد. وقبل ذلك، يكون ماكرون قد انضم إلى نادي قادة دول مجموعة السبع الذين اجتمعوا أمس في منتجع تاوريما (صقلية). وبذلك، يكون الرئيس الشاب، البالغ من العمر 39 عاماً، قد خطا بنجاح خطواته الأولى، والتقى قادة دول الاتحاد الأوروبي و«الناتو» ومجموعة السبع كافة، إضافة إلى الرئيس الروسي.
والواضح حتى الآن أن سياسة باريس إزاء الملف السوري لم يطرأ عليها أي تغيير جوهري. والسبب الأول في ذلك أن فريق الرئيس ماكرون من الوزراء المعنيين والمستشارين لم يتوفر له الوقت الكافي من أجل مراجعة شاملة، وإعادة النظر بالسياسة التي التزمت بها فرنسا منذ انطلاقة الانتفاضة السورية قبل 6 أعوام. لكن ما يعيه هذا الفريق هو أن باريس أضحت «مهمشة»، رغم المبادرات التي اتخذتها، إن في مجلس الأمن الدولي أو في الاجتماعات الكثيرة التي نظمتها. ويعي ماكرون أن باريس لم تعد فاعلة في الملف السوري. وسبق له أن كرر أن بلاده «لا يمكن أن تبقى خارج اللعبة»، بمعنى أن تكون عديمة التأثير على مجريات الأحداث، أكانت عسكرية أو دبلوماسية سياسية. وقال دبلوماسيون، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» هذا الأسبوع، إن باريس «حرمت نفسها» من أوراق كان يمكن أن تستخدمها بسبب موقفها المتصلب الداعم للمعارضة السورية، والمعادي للنظام، وهو الخط الذي سارت عليه منذ عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي (2007 - 2012)، ثم في عهد الرئيس السابق فرنسوا هولاند (2012 - 2017).
ويستشف من هذه التسريبات أن باريس «عازمة» على القيام بشيء ما. ونقلت مصادر دبلوماسية أوروبية عن اجتماع ماكرون - ترمب أن الرئيسين توافقا على «ضرورة أن تشارك جميع الأطراف السورية في التسوية السياسية»، لكن هذا الكلام لا يحمل جديداً إلا إذا كان يحمل تغيراً بالنسبة لمستقبل بشار الأسد، ودوره في المرحلة الانتقالية. وسبق لباريس أن قبلت ضمناً بقاءه «لفترة زمنية معينة» في هذه المرحلة، ذلك أن المعارضة والنظام يشاركان في مسلسل اجتماعات جنيف، كما في اجتماعات آستانة التي ترعاها روسيا وإيران وتركيا. وسارعت هذا الأسبوع وزارة الخارجية إلى نفي تسريب عن عزم الحكومة الجديدة على إعادة فتح السفارة الفرنسية في دمشق.
من جهة أخرى، تدل تصريحات وزيرة الدفاع الجديدة سيلفي غولارد، أمس، على أن باريس مستمرة على سياستها العسكرية السابقة في سوريا، فقد قالت في مقابلة مع إذاعة «أوروبا رقم 1» إن فرنسا «لن ترسل قوات للمشاركة في المعارك في سوريا» من أجل استعادة مدينة الرقة من تنظيم داعش، لكنها بالمقابل أكدت ما كان معروفاً من أن لباريس قوات كوماندوز شمال سوريا.
وميزت غولارد بين إرسال قوات رسمية مكثفة وإرسال بعض وحدات الكوماندوز للقيام بعمليات محدودة. وتفيد أوساط عسكرية في باريس أن هذه الوحدات موجودة لملاحقة المتطرفين الفرنسيين الموجودين في الشمال السوري. وتعتقد باريس أن التخطيط للهجمات الانتحارية التي ضربت الأراضي الفرنسية، وكذلك بلجيكا وألمانيا، إنما تم في الرقة، حيث يوجد عدة مئات من المتطرفين الفرنسيين.
وفي أي حال، لا يمكن المقارنة بين ما أرسلته واشنطن من قوات خاصة وما أرسلته باريس التي تؤكد أنها تقوم بدورها كاملاً في محاربة «داعش»، عن طريق الدعم الذي تقدمه للقوات الحكومية العراقية والبيشمركة و«وحدات حماية الشعب» الكردية الساعية لتطويق الرقة بدعم طيران التحالف الدولي. وتشدد باريس خصوصاً على الدور الذي تقوم به قواتها الجوية، حيث تؤكد أنها ثاني أكبر مساهم في العمليات الجوية فوق العراق وسوريا.
وما يعرف من «تصور» ماكرون لوضع حد للحرب في سوريا، وللدور الفرنسي، يتضمن: الأول، التأكيد على أولوية القضاء على «داعش»، ليس فقط في الموصل والرقة، بل استمرار ملاحقتها حتى لا تتجذر في أماكن أخرى. والثاني، الحاجة لوضع خريطة للحل السياسي. وإذا كانت الأولوية الأولى أمراً مجمعاً عليه، فإن صورة الحل السياسي ما زالت حتى الآن غامضة بانتظار أن تبلور واشنطن تصورها وخطتها في سوريا، وهو ما لم يحصل حتى اليوم، وما زال مصدر «شكوى» من باريس ومن أطراف أخرى. وسبق لماكرون أن اعتبر أن «أي عمل عسكري لن يكون له معنى ما لم يندرج في إطار تحرك دبلوماسي أو خطة سياسية». والثالث، ماكرون يريد ألا يتكرر في سوريا ما حصل في العراق وليبيا، أي انهيار بنى الدولة السورية العسكرية والأمنية والإدارية، ما يفتح الباب لتشرذم سوريا وتفككها، وربما قيام تنظيمات إرهابية جديدة.
وبالنظر لكل هذه العوامل، يبدو اللقاء المنتظر بين ماكرون وبوتين بالغ الأهمية. وبغض النظر عن أن الرئيس الروسي راهن على فوز منافسة ماكرون، زعيمة الجبهة الوطنية ومرشحة اليمين المتطرف، في الانتخابات الرئاسية، فإن مجيئه إلى باريس بحجة افتتاح معرض، واستقباله في قصر فرساي، يعدان خطوة لإعادة إطلاق الحوار بين موسكو وباريس.
جدير بالذكر أن بوتين ألغى الخريف الماضي زيارة إلى العاصمة الفرنسية لتدشين الكاتدرائية الروسية بسبب التوتر في علاقات بلاده مع فرنسا، على خلفية قصف الطيران الروسي لأحياء حلب الشرقية التي كانت تحت سيطرة المعارضة، ومواقف روسيا المجهضة لأي تحرك في مجلس الأمن الدولي. لكن هل سيخرج شيء من هذه اللقاءات؟
لا تبدو مثل هذه التوقعات مؤكدة، إذ إن كفة القوى غير متوازنة بين طرف يمسك بالأوراق العسكرية والدبلوماسية في سوريا وطرف آخر ساع لاستعادة موقع له على خريطة النزاع السوري. ويرى أكثر من خبير في باريس أنه إذا أراد بوتين أن يقدم «هدية» في سوريا، فإنه سيقدمها بالدرجة الأولى لنظيره الأميركي، وليس للرئيس الفرنسي، رغم عودة «الحرارة» بين باريس وموسكو.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.