السودان يعيد رسم خارطته الاستثمارية بعد رفع الحظر

مستفيداً من مساندة البنك الدولي

السودان يعيد رسم خارطته الاستثمارية بعد رفع الحظر
TT

السودان يعيد رسم خارطته الاستثمارية بعد رفع الحظر

السودان يعيد رسم خارطته الاستثمارية بعد رفع الحظر

بدعم وإسناد من البنك الدولي، تطرح وزارة الاستثمار السودانية الشهر المقبل مشروع الخارطة الاستثمارية للشركات المحلية والعالمية في عطاء دولي، لاختيار مقاول يتولى مسح وحصر الفرص الاستثمارية في 15 ولاية بالبلاد، وطرحها للمستثمرين على مستوى العالم عبر الإنترنت.
وبحث وفد من البنك الدولي، يزور السودان حالياً، مع وزارة الاستثمار السودانية، الدعم الذي سيقدمه للبلاد، لتعزيز جهودها في تطوير الأنشطة الاستثمارية بما يتسق وأهداف التنمية الاقتصادية التي يسعى إليها السودان.
وطرح السيد زافير فورتادو ممثل البنك الدولي في السودان، أول من أمس، على وزير الاستثمار بالسودان، مبارك الفاضل المهدي ووزير الدولة بالاستثمار أسامة فيصل، رؤية البنك وطروحاته ونياته حول تقديم الدعم الفني والتدريب لمشروع الخارطة الاستثمارية للسودان، وذلك خلال اجتماع بالخرطوم خلال اليومين الماضيين.
وتم الاتفاق على أن توقيع مذكرة تفاهم بين البنك الدولي ووزارة الاستثمار، على قيام البنك بتنظيم ورش عمل متخصصة حول تنمية وتطوير الأعمال في مجالات الزراعة والصناعة والتدريب. وسيعرض البنك الدولي خبراته وتجاربه العالمية في مجال تطوير الأعمال والكوادر في هذه الورش، بجانب تدريب العاملين في الوزارة وتقديم الدعم الفني لمشروع الخارطة الاستثمارية في البلاد، التي تُعتبر أحدث خارطة خلال العشر سنوات الماضية.
وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» الأستاذة أحلام مدني سبيل مدير إدارة الخريطة الاستثمارية بوزارة الاستثمار السودانية، أن الخارطة الاستثمارية المرتقبة، ستوفر جميع المعلومات عن كل ولاية في السودان ونوع الفرص التي يمكن أن تحقق جدوى للمستثمر، والطريقة التي يتبعها في الإجراءات وجميع الاشتراطات، بجانب استعراضها للمشاريع الاستثمارية الناجحة في كل ولاية.
وبينت أن مكونات الخارطة الاستثمارية عبارة عن مسح شامل للمواقع والفرص الاستثمارية في 18 ولاية، ما عدا ولايات الخرطوم والشمالية ونهر النيل التي اكتملت خرائطها الاستثمارية، مشيرة إلى أن المقاول الذي سيتم اختياره سيحدد كل المشروعات الجاهزة والمنفذة، ومعلومات عامة عن الدولة، مشيرة إلى أن وزارتها تجري حالياً إعداد الشروط والمتطلبات الفنية للمقاول الذي يسمح له بدخول المناقصة، التي ستُطرح على مستوى العالم، الشهر المقبل.
وأضافت أن الوزارة اختارت الاستشاري لمشروع الخارطة الاستثمارية، وهما شركتا البحر الأحمر ونيوتك اللتان نفذتا الخارطة الاستثمارية لولاية الخرطوم، والتي يجري الترويج لها حالياً على مستوى العالم، وتضم تسعة مجلدات من الفرص الاستثمارية بالعاصمة السودانية الخرطوم.
وأشارت سبيل إلى أن فِرَقاً من الوزارة ستستقدم خبراء من الخارج لتنوير الولايات بطرق جمع المعلومات وطرح الفرص الاستثمارية، باستخدام أساليب فنية لجمع وحصر المعلومات، بجانب خبراء من الوزارة يعملون في كل المجالات.
وحول تأخُّر إعداد خارطة استثمارية للسودان في وقت تشهد فيه البلاد تحولاً اقتصادياً كبيراً، بالرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية عنه في الثاني عشر من يوليو (تموز) المقبل، أوضحت أحلام سبيل مدني، أن هناك ظروفاً مالية حالت دون إتمام الخارطة الاستثمارية خلال العشر سنوات الماضية، إلا أن الوزارة، ومنذ ثلاثة أعوام، أعدت فرصاً استثمارية في جميع المجالات، ويتم طرحها حالياً على موقع الوزارة في الإنترنت.
وعلى صعيد الاستثمارات الحديثة في السودان، ارتفعت وتيرة الاستثمارات العربية والخليجية خلال الشهرين الماضيين، وشرعت مجموعة شركات جنان الإماراتية الاستثمارية في إطلاق ثلاث مشاريع ضخمة مشاركة مع الحكومة السودانية، في مجالات تسمين العجول وزراعة النخيل ومشروع القرى المنتجة.
ووفقاً لمحمد راشد العتيبي رئيس مجموعة جنان الإماراتية عقب لقائه، أول من أمس، باللواء حقوقي حاتم الوسيلة والي الولاية الشمالية، فإن المشروع الإماراتي سيبدأ بعشر قرى نموذجية، وإنتاج 8 ملايين رأس من العجول، وألفي قرية منتجة، بجانب زراعة 240 مليون نخلة بكل من نهر النيل والشمالية، وتقدر استثماراتها بنحو ثمانية مليارات دولار.
وشرع مستثمرون سعوديون جدد في الحصول على مشاريع وفرص استثمارية جاهزة في قطاع الزراعة، شمال البلاد، حيث عَبَّر المستثمران السعوديان سالم المهدي وناصر محمد المقداد، عن رغبتهما الجادة في الاستثمار بالسودان، ونقل الخبرات والتجارب السابقة في مجال زراعة وصناعة التمور، مبديين ارتياحهما لاهتمام حكومة الولاية التي استضافتهما أول من أمس، في مدينة الدامر عاصمة ولاية نهر النيل، بتوفير المناخ المناسب لإنجاح عملية الاستثمار.
وبدأ مستثمرون من تركيا خلال اليومين الماضيين التفاوض مع الحكومة السودانية للاستثمار في قطاع التعدين في السودان، الذي وصفوه بأنه مشجِّع وجاذب، خصوصاً في الذهب. ونقل المدير العام للهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية (الذراع الفنية لوزارة المعادن) الدكتور محمد أبو فاطمة، رغبة المستثمرين الأتراك في الحصول على عدد من المربعات التعدينية بالسودان للاستثمار فيها، سواء كان ذلك في المعادن الاستراتيجية أو المعادن النادرة والزراعية، بجانب المعادن الثقيلة خصوصاً الذهب.
وعرض أبو فاطمة خلال اجتماعه، أول من أمس، على المستثمرين الأتراك وممثلين في هيئة المساحة الجيولوجية التركية وعدد من الشركات التركية التي ترغب في الاستثمار بهذا القطاع، إمكانيات السودان المعدنية المختلفة وفرص الاستثمار خاصة المعادن الاستراتيجية مثل الحديد والمنغنيز والكروم والألمنيوم.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.